"ملك الغابة تحت الأضواء".. كواليس حياة الأسود فى السيرك من التدريب إلى العروض.. يتناول من 15 لـ20 كيلو لحوم يوميا.. من 150 إلى 200 كيلو الوزن المثالى للحركات الاستعراضية.. والعناية الطبية تُزيد من عمر الأسد

مدرب الاسود
مدرب الاسود
كتبت آية دعبس

** الخضراوات والأسماك الفيليه لتحسين صحته وشعره

وسط أضواء المسرح وتصفيق الجماهير، يقف ملك الغابة شامخا، مستعرضا قوته وحركاته المدروسة، لكن ما لا يعرفه كثيرون هو الرحلة الطويلة التي يخوضها الأسد في السيرك، من تدريبات مكثفة إلى نظام غذائي متكامل، وصولا إلى لحظات الاستعراض التي تبهر الجميع.


يؤكد مدرب الأسود محمد اليماني أن تدريب الأسود يبدأ مبكرًا، فالأشبال الصغيرة هي الأفضل في تعلم الحركات، بينما الأسود البالغة يكون تدريبها أصعب، قائلا: "نبدأ مع الأشبال من عمر 6 أشهر، ويستمر الأسد في العمل بالسيرك حتى 15 عامًا، وبعدها يحصل على الرعاية والتغذية دون المشاركة في العروض". مشيرا إلى أنه لكل أسد شخصيته الخاصة، فبينما يتعلم البعض بسرعة، يحتاج آخرون إلى شهور، مضيفا: "عندي أسد اسمه سيمبا، مخه تخين.. لا يتحرك إلا باللحمة"، لافتا إلى أن الحافز الأكبر للأسود في التدريب هو المكافآت من قطع اللحم.

ويضيف اليمانى: الأسود كائنات اجتماعية، وتعاملها في السيرك يشبه إلى حد كبير الحياة البرية، لذا فأن أن المدرب الناجح يعامل الأسد كالطفل، فالقسوة تخلق عداوة، بينما اللطف والمكافآت تبني علاقة قوية، كما أن العقوبات أيضًا لها دور فى السيطرة على الأسد، ولكن يجب أن تكون خفيفة، مثل ضربات بسيطة بالعصا دون إيذاء الأسد أو إثارة غضبه، لكن الأخطر هو موسم التزاوج، إذ يصبح الأسد أكثر عصبية، لدرجة أن بعض المدربين يتجنبون تقديم عروض يشارك فيها الأسد وزوجته معا، هذا بخلاف أن الغيرة قد تجعل الأسد أكثر عدوانية، موضحًا أن الأسود في السيرك تختار قائدًا للمجموعة، لكن في النهاية تبقى اللبؤة هي المسيطرة.

وعلى عكس الصورة النمطية، لا يتغذى الأسد في السيرك على اللحوم فقط، حيث يعتمد على نظام غذائي متنوع ويشمل الخضروات، الألبان، والدواجن، بل وحتى الأسماك الفيليه، التي تُحسن صحة الأسود وتزيد لمعان شعره، وتتم مراقبة كميات الطعام بدقة، حيث يحتاج الأسد البالغ إلى 15 – 20 كيلو من اللحم يوميا، بما يعادل 4 – 6% من وزنه، بينما الأشبال تحصل على وجبات أصغر خالية من العظام للحفاظ على معدتها.

والأسود في السيرك لا تهتم فقط بالطعام، بل بالنظافة أيضا، حيث يستحم الأسد مرتين يوميا، خاصة في الصيف، لتخفيف الحر عنه، وبعد ذلك يترك في مساحة مفتوحة للحركة بحرية، أما قبل العروض، فيتم تسريح شعره بفرشاة خاصة، مع وقف الطعام لفترة للحفاظ على خفة حركته. وبعد انتهاء العرض، يحصل على وجبته الأساسية، إلى جانب قطع اللحم أثناء العرض كمكافآت على الأداء الجيد.

وعلى عكس ما قد يظنه البعض، فإن الحياة في السيرك تُطيل عمر الأسود مقارنة بالغابة، وتوضح الدكتورة آلاء هاني، الطبيبة البيطرية، أن الأسود تعيش في السيرك حتى 25 – 30 عامًا بفضل الرعاية الطبية والتغذية الجيدة، بينما قد لا تتجاوز أعمارها 15 عامًا في البرية، حيث تواجه الجوع والمنافسة الشرسة والأمراض، حتى الأشبال لديها فرصة أفضل في البقاء، ففي الغابة يتعرض بعضها للهجوم أو القتل، بينما في السيرك تحصل على عناية طبية مكثفة، مما يضمن لها فرصة أكبر للحياة.

وللحفاظ على الأداء المثالي، يجب أن تبقى الأسود في وزن مناسب، الأشبال حتى عامين تزن بين 50 – 60 كيلو، بينما تصل الإناث إلى 180 – 200 كيلو، والذكور حتى 250 كيلو، الأوزان الثقيلة قد تعني الكسل أو المرض، خاصة عند الأسود التي لا تشارك في العروض أو خلال موسم التزاوج.

ورغم حياة السيرك، لا ينسى الأسد طبيعته كملك للغابة، وتبقى الغريزة حاضرة، ويظل للقوة والقيادة دور أساسي داخل المجموعة، ومع ذلك، فإن الأسود في السيرك تكسب مهارات جديدة وتعيش حياة مختلفة، بين العناية الفائقة، العروض الباهرة، والعلاقة الفريدة التي تجمعها بمدربيها، لكن يبقى الأسد أسدا.

وحول أسباب هجوم الأسود أو النمور على المدربين، فأكد الدكتور محمد راضي الطنطاوي، طبيب بيطرى، أن ترويض الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور لم يكن في الأصل وسيلة للترفيه، بل ارتبط عبر التاريخ باستئناس بعض الحيوانات لخدمة الإنسان، سواء في الإنتاج مثل الأبقار والجاموس، أو في الحروب مثل الخيول والجمال، لكن مع تطور الحياة وزيادة البحث عن وسائل ترفيه غير تقليدية، اتجه الإنسان إلى ترويض الحيوانات المفترسة لعرضها في السيرك، ما أدى إلى حوادث خطيرة رغم القوانين المنظمة لهذه العروض.

وأوضح طنطاوي، لـ"اليوم السابع"، أن هناك عدة أسباب رئيسية لوقوع حوادث افتراس المدربين أو العمال، بل وأحيانًا المشاهدين، ومن أهمها: الجوع: الحيوان المفترس، مهما تلقى من تدريب، يظل محكومًا بغريزته الطبيعية التي تدفعه للصيد بنفسه، وعند شعوره بالجوع، قد يخرج عن السيطرة بحثًا عن الطعام، ما يجعله يشكل خطرًا كبيرًا على من حوله، وثقة المدرب: إذا شعر الحيوان بأن المدرب متردد أو خائف، فقد ينقض عليه على الفور، فالمفترسات، رغم الرعاية التي تتلقاها، تظل كائنات تسعى للتحرر من القيود، مشيرا إلى أن الحالة المزاجية للحيوان أيضا ضمن الأسباب، حيث إذا تشعر الحيوانات بالألم والتعب مثل البشر، وإذا كانت مريضة أو غير مرتاحة، قد ترفض تنفيذ الأوامر أو تصبح أكثر عدوانية. لذا، من الضروري إجراء فحوصات بيطرية دورية قبل العروض.

وأضاف: موسم التزاوج: خلال هذه الفترة، تتغير طباع الحيوانات بشكل ملحوظ، وإذا لم ينتبه المدرب لهذه التغيرات، فقد يعرض نفسه للخطر، لافتا إلى أن الحيوانات التي وُلدت في الأسر تكون أكثر تأقلمًا مع بيئة السيرك مقارنة بتلك التي تم أسرها من البرية، والتي تكون أكثر عدوانية وصعوبة في الترويض، هذا بخلاف وجود فروق الفردية بين الحيوانات: فلكل حيوان طبيعته الخاصة، فبعضها لديه شخصية قيادية يصعب التعامل معها، مما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث.

وللحد من هذه المخاطر، شدد طنطاوي على ضرورة اتباع إجراءات وقائية صارمة، منها: الاهتمام بتغذية الحيوانات بشكل كافٍ، خاصة خلال المواسم التي تزداد فيها العروض، لضمان عدم تعرضها للجوع الذي قد يدفعها إلى الهجوم، تدريب المدربين على التعامل بحكمة مع الهجمات، بحيث لا يظهروا أي ضعف أمام الحيوانات، مما قد يشجعها على زيادة شراستها، مراقبة الحالة النفسية والسلوكية للحيوانات بشكل مستمر، وتسجيل ملاحظات حول سلوكها لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر لضمان السيطرة عليها أثناء العروض، والانتباه لمواسم التزاوج، حيث تكون الحيوانات أكثر تقلبًا في المزاج وأكثر عرضة لمحاولات الهروب أو الهجوم، بالإضافة إلى تخصيص أساليب تدريب تتناسب مع طبيعة كل حيوان، فبعضها ينفذ الأوامر حبًا في المدرب، بينما البعض الآخر يؤدي الحركات بدافع المكافأة فقط.
 

أسد
أسد

 

المدرب مع الأسد في السيرك
المدرب مع الأسد في السيرك

 

مدرب الأسود محمد اليماني
مدرب الأسود محمد اليماني

 

مدرب الاسود
مدرب الاسود

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى