المهملون والمتهمون وسط الضحايا.. منظومة كاملة لمواجهة فوضى الطرق والمرور

لا يزال صدى حادث المنوفية الذى، راح ضحيته فتيات وشباب فى عمر الزهور، يطل برأسه ويضع الكثير من النقاط على الحروف، ويطرح ويحمل أسئلة كثيرة من المهم أن نسعى للإجابة عنها بصراحة وشفافية، وألا نختصر الأمر فى نقطة واحدة أو زاوية ضيقة فيما يتعلق بالضحايا أو الأخطاء المتكررة، وأهمية أن تكون هناك منظومة للرقابة والمتابعة لا ترتبط بموسم أو حادث، وبالتالى فالضحايا سوف يتساقطون ما دامت قد بقيت المنظومة بهذا الحال من الفوضى، ونحتاج إلى منظومة تنهى وضعا يجعل الجميع ضحايا، مع العلم أن كل من يرتكبون الأخطاء هم نفس الناس، جيراننا وأهالينا، بل ربما كان سائق النقل قريب الضحايا أو إحداهن، ورجل المرور والمحليات، القصة هى منظومة لو غابت فمن الصعب التعامل مع الأمر بحسم.

والحقيقة أن الحزن بالفعل كبير لكون الضحايا بهذا العدد وفى هذه السن، لكن القضية بالفعل أكبر، فالطريق الإقليمى وبعض الطرق الجديدة، التى تم إنشاؤها بتكلفة ضخمة، تحتاج إلى ضبط منظومة الإضاءة واللافتات الإرشادية، والرقابة المرورية بشكل يمنع التهور، وأيضا يفرض رقابة على سائقى النقل بشكل يضاعف من الأمان ويمنع التهور والمخدرات، بل وربما نحتاج إلى أن نتابع منظومة عمل شركات النقل، التى تضغط على السائقين، وتفرض عليهم العمل لساعات طويلة، مما يجعلهم تحت ضغط يفقدون بسببه السيطرة، إما ينامون أو يتعاطون مخدرات ليسهروا، وبالتالى فإذا كنا نريد الإصلاح، فالأمر يحتاج إلى النظر لمنظومة كاملة وليس لعنصر أو زاوية.

والحقيقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه الحكومة مرات، وليس فقط هذه المرة، بأن تتخذ إجراءات حاسمة فى الصيانة واللوحات الإرشادية والمرور، وهذه المرة رأينا اهتماما من مجلس النواب، ومن الحكومة ووزارة النقل، يفترض أن يكون سلوكا عاما نتأكد من تحقيقه، وألا يكون مرتبطا بالحدث أو بعدد الضحايا.

وزير النقل المهندس كامل الوزير أعلن من موقع حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية، أن الرئيس وجه بتشكيل لجان لرصد ومتابعة الطريق مع حضور لجان على كل البوابات والكمائن، لإجراء تحليل مخدرات للسائقين وتطبيق القانون على المتجاوز، ووضع خطة زمنية لإنهاء تطوير الطريق الإقليمى كله، مشيرا إلى أنه يحتاج 50 مليار جنيه لتطويره بنفس كفاءته، مثل طريق السويس، لأن عمره 7 سنوات ولا بد من إجراء صيانة دورية له، والآن نعمل على تطويره.

وفى نفس السياق، أعلن رئيس الوزراء متابعة تنفيذ تكليفات الرئيس بشأن حادث الطريق الإقليمى، وإعفاء كامل من المصروفات الدراسية لأسر الـ19 شهيدة، وصرف معاش استثنائى، وإطلاق أسمائهن على المبانى الحكومية والشوارع بكفر السنابسة، تخليدا لذكراهن، ووعد بتكثيف دوريات المرور وزيادة أعداد الرادارات وكاميرات المراقبة، وإجراء كشف عن تعاطى المواد المخدرة لكل سائقى النقل بصورة دورية ومفاجئة، وكلف المسؤولين المعنيين بإنهاء مختلف الإصلاحات وأعمال الصيانة بالطريق الدائرى الإقليمى فى مواعيد محددة، والالتزام بها، مع ضرورة تطبيق كل قواعد وإجراءات الأمن والسلامة أثناء التنفيذ، والفصل بين حركة وسير السيارات «الملاكى» و«النقل» فى مناطق الصيانة وتكثيف دوريات المرور، وزيادة أعداد الرادارات وكاميرات المراقبة، وضبط أى مخالفة من مخالفات سائقى النقل وغيرهم.

الواقع أن هذه الإجراءات لو تم اتخاذها قبل ذلك لما تكررت الحوادث، ونؤكد أن الأمر لا يتعلق فقط بعمل الفتيات، ولكن بمنظومة العمل، وأن يتم حشر 23 فتاة فى ميكروباص لا يستوعب سوى 14 راكبا، بجانب رعونة السائق فى النقل أو الميكروباص، فهذا أمر غير معقول، يفترض متابعة مثل هذا النوع من العمال ومدى مطابقتها للشروط الصحية والإنسانية والعمر، وهذا دور وزارت العمل والشؤون الاجتماعية فى هذه المناطق.

نحن نتحدث عن ضرورة وجود منظومة تتماشى مع ما نبنيه من مشروعات وبنية أساسية للنقل والطرق، باعتبار أن بناء الإنسان والصيانة أهم من الطرق نفسها، وهى بالمناسبة تعليمات كثيرا ما يلفت النظر لها الرئيس ويوجه الحكومة للاهتمام بها، وفى مرات كثيرة يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى موجها كلامه للمسؤولين بأن يؤدوا دورهم كممثلين للدولة وأصحاب قرار، على أن يتحرك المحافظ، ورئيس المدينة، والحى، والقرية، باعتبارهم مسؤولين، من تلقاء أنفسهم، وألا ينتظرون تدخله باعتبار المحليات، والمحافظين، ورؤساء المدن، والمجالس المحلية، يمارسون دورهم فى الإدارة بشكل مباشر، وهو ما يخفف عن الدولة والحكومة، ويجعل العمل مؤسسيا وليس شخصيا.

المنظومة هى الأصل، وتقوم على تناغم كل الأطراف، كاميرات وغرف عمليات وصيانة وإضاءة وإرشادات، وضبط حمولة النقل والميكروباص، ومتابعة أنظمة العمل فى المزارع والشركات ومناسبة الأجر للعمل.

مقال اكرم القصاص