الداخلية تنتفض ضد السير عكس الاتجاه بالطريق الإقليمى بعد حادث المنوفية.. ضبط عددا من المخالفين لحماية أرواح المواطنين.. المرور تحرر 700 مخالفة خلال 24 ساعة.. وخبراء: رفع الوعي لدى السائقين هو الحل

لا تزال القيادة عكس الاتجاه واحدة من أخطر المخالفات المرورية التي تهدد حياة المواطنين على الطرق السريعة، وعلى رأسها الطريق الدائري الإقليمي، ورغم التحذيرات المتكررة، لا يزال بعض السائقين يتعمدون السير عكس الاتجاه، معرضين أنفسهم والآخرين للموت في أي لحظة.
الواقعة الأخيرة التي هزت الرأي العام تسببت في حادث مروع على الطريق الإقليمي، بعدما سار سائق السيارة المتسببة فى الحادث عكس الاتجاه واصطدم بميكروباص يقل فتيات في طريقهن للعمل بمصنع بالمنوفية، مما أسفر عن مصرع 18 فتاة والسائق في لحظة واحدة.
وعلى الرغم من فداحة الحادث، وبعد مرور أيام فقط، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو جديد يظهر عدداً من السيارات تسير عكس الاتجاه على نفس الطريق في منطقة مركز بلبيس بالشرقية، ما دفع وزارة الداخلية إلى التحرك الفوري لكشف ملابسات الواقعة وضبط المتورطين.
فور تداول الفيديو، كثفت وزارة الداخلية من حملاتها الأمنية لرصد تلك المخالفات القاتلة، وتمكنت بالفعل من تحديد وضبط السيارات التي ظهرت في المقطع وقائديها، وبمواجهتهم أقروا بارتكاب المخالفة.
وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، في خطوة تعكس التوجه الحازم من قبل الوزارة لمواجهة هذا النوع من المخالفات التي تجاوزت حدود الاستهتار لتصبح تهديداً مباشراً للحياة.
وتشير البيانات الصادرة عن الإدارة العامة للمرور إلى أن الأجهزة الأمنية نجحت خلال حملاتها المرورية، في ضبط أكثر من 49 ألف مخالفة مرورية في يوم واحد، من بينها نحو 700 مخالفة لسير عكس الاتجاه، وهو رقم يعكس حجم الوقائع وجهود الضبط في مختلف المحافظات، لا سيما في الطرق السريعة والمفتوحة.
الخبراء الأمنيون والمتخصصون في شؤون المرور يصفون السير عكس الاتجاه بأنه "جريمة مرورية مكتملة الأركان"، نظرًا لما تسببه من كوارث إنسانية.
ويؤكد اللواء خالد الشاذلي الخبير الأمني أن هذه المخالفة يجب أن تُعامل بنفس جدية القيادة تحت تأثير المواد المخدرة، نظرًا لخطورتها البالغة.
ويضيف أن السائق الذي يسير عكس الاتجاه يتسبب في حالة ارتباك على الطريق، وقد يؤدي ذلك إلى تصادمات مروعة يصعب تفاديها حتى من قبل السائقين الملتزمين بالقانون.
كما أوضح أن القانون يشدد العقوبات في هذه الحالات، إذ تنص المادة 76 مكرر من قانون المرور على تغريم السائق المخالف بما لا يقل عن ألف جنيه ولا يزيد عن ثلاثة آلاف، مع سحب رخصته فورًا، وتصل العقوبة إلى الحبس في حالة التكرار أو حدوث إصابة أو وفاة ناتجة عن تلك المخالفة، وغالبية من يتم ضبطهم في مخالفات السير عكس الاتجاه يبررون فعلتهم بالزحام أو ضيق الوقت أو حتى الجهل بأن الطريق أحادي الاتجاه، وهو ما يكشف بوضوح عن غياب ثقافة مرورية حقيقية لدى قطاع من السائقين، هذا ما تؤكده أيضاً شهادات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعبر البعض عن استيائهم من انتشار تلك الظاهرة، بينما يعترف آخرون بارتكاب المخالفة.
الداخلية، من جانبها، لم تكتف بالضبط الأمني، بل أعلنت عن مضاعفة حملات التوعية المرورية والتوسع في استخدام التكنولوجيا لضبط المخالفات، فالكاميرات الحديثة والرادارات الذكية أصبحت سلاحًا حاسمًا في المعركة ضد هذه المخالفات، حيث يتم رصد المركبات المخالفة لحظيًا وإرسال إشعارات بالمخالفات للسائقين، مع ربطها مباشرة ببيانات السيارة والمالك، ما يتيح سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية دون الحاجة إلى التوقف المباشر أو مطاردة المركبات.
ومن جانب آخر، تعمل الوزارة بالتعاون مع وزارة النقل على تحسين البنية التحتية للطرق من خلال تثبيت الحواجز الخرسانية "نيوجيرسي" في المناطق المعرضة للمخالفات، فضلًا عن تحسين العلامات الإرشادية الأرضية واللوحات العلوية، لتقليل فرص الدخول العكسي إلى الطرق.
إلا أن كثيرًا من المتخصصين يرون أن الحل الجذري لحوادث الطرق خاصة التي تقع بسبب السير عكس الاتجاه، يكمن في رفع مستوى الوعي المجتمعي بقواعد المرور وخطورة المخالفات، مؤكدين أن الردع القانوني وحده لا يكفي إذا لم يصاحبه تغيير في سلوك وثقافة السائقين.
ويقترح البعض إدراج مناهج تعليمية في المدارس والجامعات تركز على الثقافة المرورية، وتدشين حملات إعلامية مستمرة.
تبقى القيادة عكس الاتجاه أزمة أخلاقية وسلوكية بقدر ما هي مخالفة مرورية، وتحتاج إلى مواجهة شاملة تبدأ من فرض القانون بصرامة، ولا تنتهي إلا بتشكيل وعي مجتمعي جديد يحترم الطريق ويضع السلامة فوق كل اعتبار.
إن الطرق في مصر بحاجة إلى التزام من جميع مستخدميها، فمخالفة واحدة قد تكون كفيلة بإنهاء حياة، أو ترك جرح لا يلتئم في ذاكرة أسرة بأكملها.

Trending Plus