فى الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. لماذا ثار المصريون ضد الإخوان؟.. خبراء وسياسيون يكشفون: الجماعة تعاملت مع مصر على أنها غنيمة وحاولوا تفتيت مؤسساتها لصالحهم.. والتنظيم زرع عناصره داخل مؤسسات الدولة

في 30 يونيو 2013، خرج ملايين المصريين في مظاهرات تاريخية، طالبوا فيها بإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، بعد عام واحد فقط من توليهم الحكم، ولم تكن الثورة مجرد احتجاج على السياسات، بل كانت صرخة رفض لسيطرة جماعة ذات مشروع أيديولوجي يسعى لهدم الدولة الوطنية، وتفكيك مؤسساتها، وتوظيف الدين لخدمة مشروع سياسي لا يعترف بالوطن ولا بالمواطنة.
ومع حلول الذكرى الثانية عشرة لهذه الثورة، تتجدد الأسئلة: ما الذي فعله الإخوان حتى دفع المصريين إلى هذا الغضب العارم؟ وما الأزمات التي صنعوها خلال عام حكمهم؟ وكيف أسهم وعي الشعب ومؤسسات الدولة في إحباط مشروع الفوضى؟
فشل سياسي مبكر.. وانفراد بالسلطة
يرى إبراهيم ربيع، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن أحد أبرز الأسباب التي فجّرت غضب المصريين ضد الإخوان هو "الانقلاب الإخواني على الدولة الديمقراطية"، على حد وصفه، قائلاً: "منذ الأيام الأولى لحكمهم، تعامل الإخوان مع الدولة باعتبارها غنيمة، فقاموا بعزل الكفاءات، وزرعوا عناصرهم داخل مؤسسات الدولة، خاصة في الوزارات السيادية، وسعوا إلى تمكين الجماعة وليس إصلاح الدولة."
وأضاف في تصريح لليوم السابع "الرئيس المعزول محمد مرسي لم يكن رئيسًا لكل المصريين، بل كان مجرد مندوب لمكتب الإرشاد، وكان القرار يأتي من المقطم وليس من مؤسسة الرئاسة، وهذا وحده كان كفيلًا بانفجار شعبي واسع، وهو ما حدث".
"أخونة الدولة".. كابوس حقيقي للمصريين
لم يكن المصريون يعترضون فقط على أداء اقتصادي ضعيف أو فشل في الخدمات، بل على مشروع استحواذي طويل الأمد يهدف لتفكيك الدولة الحديثة، وهو ما أطلق عليه كثيرون آنذاك مصطلح "أخونة الدولة".
وأكد طارق البشبيشي، القيادي السابق المنشق عن جماعة الإخوان والباحث المتخصص في شئون الجماعات الإرهابية، بأن "الإخوان تصرفوا مع مؤسسات الدولة كأنها غنائم حرب، بدءًا من الإعلام، مرورًا بالهيئات القضائية، وصولًا إلى وزارة الداخلية، حيث حاولوا تفكيكها وإعادة هيكلتها على الطريقة الإخوانية، وهو أمر لم يتحمله المصريون، لأنهم لمسوا أن مشروع الجماعة لا علاقة له بالمصلحة العامة، بل يسعى لتحويل مصر إلى نسخة مشوهة من حكم طالبان".
وأضاف البشبيشي في تصريح لليوم السابع: "حتى في ملفات التعليم والإعلام، حاولوا تمرير أجنداتهم الأيديولوجية والدينية، مستخدمين فكرًا إقصائيًا يجعل من المختلف معهم عدوًا. ولم يكن لديهم أي مشروع وطني، بل مشروع أممي عابر للحدود".
الاقتصاد على حافة الانهيار
من أسباب الغضب الشعبي الكبير في يونيو 2013، بحسب هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، هو الأداء الاقتصادي المتدهور بشكل غير مسبوق، حيث فشل نظام مرسي في جذب الاستثمارات، وانهارت قيمة الجنيه، وزادت معدلات البطالة، وحدثت أزمات خانقة في الوقود والكهرباء.
أضاف النجار لليوم السابع: "الإخوان لم يكونوا يملكون أي رؤية اقتصادية، وكانوا يعتمدون على خطابات دعوية وخطب حماسية بدلًا من خطط التنمية، واعتمدوا على الاستدانة والدعم القطري المؤقت بدلًا من بناء بنية اقتصادية حقيقية. المصريون اكتشفوا أن الدولة تُدار بطريقة بدائية، والمواطن البسيط شعر بذلك في حياته اليومية".
ويشير النجار إلى أن "فشل الدولة في توفير الكهرباء والبنزين وأنابيب الغاز للمواطنين، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة في عز الصيف، كان أحد المحركات اليومية التي دفعت الناس للغضب والخروج إلى الشارع".
التحالف مع الجماعات المتطرفة
حيث أكد محمد ربيع الديهي الخبير في الشئون الدولية أن أخطر ما ارتكبه الإخوان هو فتح المجال أمام الجماعات الإرهابية في سيناء، وغضّ الطرف عن تنامي وجودها، وتسهيل تحركاتها، بل وإطلاق سراح عدد كبير من قياداتها من السجون عقب توليهم الحكم.
وأضاف في تصريح لليوم السابع "جماعة الإخوان كانت تعتبر التيارات السلفية الجهادية شريكًا مستترًا في مشروعها، خاصة في سيناء. فخلال حكم مرسي، ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية هناك، ولم يكن هناك تحرك حقيقي للدولة لوقفها. بل الأدهى أن مرسي اجتمع مع عناصر متشددة عدة مرات بشكل علني أو غير مباشر".
العبث بالدستور والمؤسسات
في نوفمبر 2012، أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا اعتبره المصريون انقلابًا على الديمقراطية، حيث حصن قراراته من الطعن، وأقال النائب العام، وسيطر على السلطة القضائية، مما فجّر موجة غضب في الشارع.
ويقول ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل، إن الإعلان الدستوري كان بمثابة لحظة فارقة في تحول النظام من سلطة انتقالية إلى سلطة استبدادية دينية، وقد خرج الناس وقتها يهتفون لأول مرة يسقط حكم المرشد.
ويضيف لليوم السابع: "العبث بالدستور، وفرض لجنة تأسيسية غير توافقية لصياغة دستور معيب، أسهم في توسيع فجوة الثقة بين النظام والشعب، وأكد للناس أن الجماعة لا تريد تشييد دولة مدنية، بل كيانًا دينيًا مغلقًا".
تهديد الهوية الوطنية
وأكد الشهابي أن الإخوان ارتكبوا "خطأ وجوديًا" عندما حاولوا مصادرة هوية مصر المتنوعة، وفرض فهمهم الأحادي للدين والسياسة على المجتمع، قائلاً: "منذ وصولهم للحكم، انطلقت ماكينة التخوين والتكفير ضد الإعلام، الفن، النخب السياسية، وحتى المواطن البسيط الذي لا يتفق معهم. ظهرت دعوات لإلغاء الفن، وتحريم السياحة، وتكفير المعارضين، وهذا كسر وجدان المصريين ودفعهم لرفض المشروع بأكمله".
مؤسسات الدولة تنحاز للإرادة الشعبية
ومع تزايد الغضب، جاءت حملة "تمرد" التي جمعت ملايين التوقيعات لسحب الثقة من مرسي، ليكون يوم 30 يونيو هو يوم الحسم، حيث خرجت الحشود في كل المحافظات، في مشهد هو الأضخم في تاريخ الثورات الشعبية.
ويؤكد الدكتور هشام عبد العزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة أن ما ميّز ثورة 30 يونيو أنها كانت ثورة استباقية أنقذت الدولة من مصير كارثي، وأن تحرك الشعب جاء بعد أن بات مشروع الإخوان واضحًا للجميع، وقد انحازت القوات المسلحة والإعلام والقضاء والأزهر والكنيسة إلى الإرادة الشعبية.
وأضاف في تصريح لليوم السابع تمر 12 سنة على 30 يونيو، وما زالت جماعة الإخوان حتى الآن تحاول إعادة إنتاج نفسها عبر حملات إعلامية وادعاءات كاذبة، وأن وعي المصريين بات أقوى، والجماعة أصبحت مكشوفة، وسقط القناع إلى الأبد".
وتابع أن ثورة 30 يونيو لم تكن ضد رئيس أو حزب، بل ضد مشروع كامل أراد اختطاف الدولة، وتمزيق نسيجها الوطني. وما فعلته مصر وقتها أصبح نموذجًا لكيفية إنقاذ الأوطان من فخ جماعات الإسلام السياسي".

Trending Plus