ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء.. ما لا تعرفه عن راهب الكمان ميشيل المصري.. اسمه الحقيقى ميخائيل نخلة حبيب.. طرده والده حينما عرف بدراسته لآلة الكمان.. عمل مع الرحبانية عامين.. ووضع موسيقى تصويرية لمسلسلات دينية

الموسيقار ميشيل المصرى حالة خاصة فى الموسيقى المصرية والعربية، حيث استطاع أن يكتب اسمه بحروف من ذهب، بفضل اللمسة السحرية التى يضعها على الأعمال السينمائية والتليفزيونية، فى الموسيقى التصويرية، فالجميع مازال حتى الآن، يتذكر تترى البداية والنهاية للمسلسل الأيقونى "ليالى الحلمية"، وغيرها من العشرات من الأعمال الدرامية والسينمائية، حيث تحل اليوم ذكرى وفاته، حيث رحل عن عالمنا فى 30 يونيو 2018.

الموسيقار ميشيل المصري
ورث ميشيل المصرى حب الموسيقى عن والده، حيث وُلد ميشيل بالقاهرة فى الثانى من نوفمبر 1933 وكان والده تاجرا يهوى الاستماع الى الموسيقا والغناء، ولكنه كان يعارض بشدة اتجاه ابنه الى الفن بأى صورة من الصور، وكان ميشيل المصرى محبا للرسم والموسيقا وقد لقيت مواهبه تلك التشجيع من أساتذته فى المدارس التى تعلم فيها، وكان والده يريده أن يصبح تاجرا مثله، حتى أنه أرسله فى صيف عام 1946 للتدريب فى شركة تجارية كان يديرها جده لوالده، ولكن التجارة كانت لا تتفق مع ميوله، وفى عام 1947 اشترى ميشيل المصرى الة كمان وبدأ يتعلم عزفها سرا، وعندما انتهى من دراسته الثانوية عام 1948، التحق سرا أيضا بمعهد ليوناردو دافنشى للفنون الجميلة بالقاهرة، وفى تلك الفترة حدث أن أصيبت تجارة والده بنكسة اضطرته إلى أن يبيع كل ما يملك ليسدد ديونه، وأصبحت الأسرة فى ظروف صعبة فاضطر ميشيل للعمل فى الشركة التى سبق أن تدرب فيها، وبعد الظهر كان يذهب سرا للدراسة فى معهد دافنشى وكان هو المصرى الوحيد بين الطلبة الايطاليين، ولهذا فقد اشتهر باسم المصرى، لأن اسمه الحقيقى ميخائيل نخلة حبيب.

ميشيل المصري
ويُكمل أستاذ النقد الموسيقى، الدكتور زين نصار، عن سيرة ميشيل المصرى في كتابه "الموسيقى المصرية المتطورة": "نظرا لتفوقه فقد حصل على المجانية بعد السنة الأولى واستطاع أن ينتهى من دراسته فى المعهد بعد عامين ونصف بدلا من 4 سنوات، فقد كان نظام الدراسة بالمعهد يسمح بذلك. واثناء دراسته كان ميشيل يواصل تعلمه العزف على آلة الكمان، وكان قد وصل الى مستوى طيب فى العزف عليها حتى أنه كان يحضر بعض زملائه ليعزفوا معا فى البيت أثناء سفر والده".
ويتابع نصار: "فى عام 1949التحق ميشيل المصرى بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، وبرغم انه كان يعزف على آلة الكمان بالفعل الا أن مدير المعهد وجههه لدراسة آلة الكورنيت النحاسية، ولما التمس تحويله، وبعد رجاء تم تحويله ليدرس آلة الناى، برغم انه كان يشارك فى حفلات المعهد كعازف كمان، ولما لم يجد حلا ترك المعهد، وواصل تعلمه فى دروس خاصة مع بعض الأساتذة الأجانب، ولما علم والده باتجاهه للموسيقا طرده من البيت، فاضطر للعمل كعازف كمان واستأجر سكنا مستقلا، وواصل دراسته لآلة الكمان بتركيز كبير، وكون فرقة موسيقية من 25 عازفا، كان لها نشاطها فى الحياة الموسيقية فى مصر، وفى أواخر عام 1958 تلقى ميشيل المصرى عرضا للعمل كعازف أول الكمان بالفرقة الموسيقية باذاعة الكويت، فسافر الى هناك وبقى حتى عام 1968، وأثناء وجوده فى الكويت واصل دراساته للعلوم الموسيقية فى الهارمونى والكونترابونط، والتأليف الموسيقى بالمراسلة مع أحد المعاهد الأمريكية، واستمر يدرس بجدية واصرار وبعد أن ترك الكويت سافر الى لبنان، وهناك طلب منه الرحبانية أن يعمل معهم، وبعد مفاوضات عمل معهم لمدة عامين فى لبنان وخارجها ثم عاد ميشيل المصرى الى مصر واستقر فى بيت الأسرة وأصبح والده فخورا به"
كذلك عزف مع أم كلثوم فى حفلاتها الأخيرة فى أغنيات "أغدا ألقاك، من أجل عينيك، يا مسهرنى، ليلة حب"، وظل عازفا مميزا مع الفرقة الماسية.
واتجه ميشيل الى التوزيع الموسيقى لأعمال غيره من الفنانين المصريين والعرب، وبعدها اتجه الى التأليف الموسيقى، فكتب الموسيقا لـ15 فيلما روائيا هى "الطوفان، لمن تشرق الشمس، الكلمة الأخيرة، البرنس، وتمضى الأيام، لست شيطانا ولا ملاكا الشيطان يغنى، صراع الأيام، كلهم فى النار، الدموع فى عيون ضاحكة، الغيرة القاتلة، القضية رقم 1، أسود سينا، الخاتم، عنبر الموت"، وذلك حتى عام 1989.
وكتب ميشيل المصرى الموسيقى لعد كبير من المسلسلات التليفزيونية، من بينها: من قصص القرآن الكريم، وفرسان الله عقبة بن نافع، والفتوحات الاسلامية، والشاهد والمتهم، وليالى الحلمية، ولا اله الا الله، ومسلسل الشاطر حسن.
ويختتم نصار مقاله في الكتاب عن ميشيل المصري قائلا: "يمتاز أسلوب ميشيل المصرى الموسيقى بجملة البسيطة الجميلة فيما يعرف فى عالم الفن بالسهل الممتنع، كما انه استخدم آلات شعبية مع الأوركسترا (السلامية)، بالإضافة الى تجميعاته غير المتوقعة للآلات المختلفة، وبشكل عام فانه متمكن من أدواته الفنية".
وفى 30 يونيو عام 2018 رحل المصري عن عالمنا بعد أن ترك اثرا موسيقيا كبيرا، مازال عالقا فى أذهان الملايين.

Trending Plus