محمد الجالى يكتب: قراءة فى خطاب الرئيس السيسى فى الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو العظيمة.. تثبيت للمسار ورسم التوازن بين الداخل والإقليم.. والوعي الوطنى درع الجمهورية الجديدة

محمد الجالى
محمد الجالى

حمل خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى، في ذكرى مرور 12 عامًا على ثورة 30 يونيو، رسائل استراتيجية دقيقة، تستهدف الداخل والخارج على حد سواء، في لحظة إقليمية محتدمة وظرف اقتصادي ضاغط.

الخطاب لم يكن مجرد احتفاء بذكرى ثورة عظيمة حافظت على هوية المصريين العتيقة من جماعة الإرهاب والاختطاف ، بل كان محاولة واعية لإعادة ترتيب أولويات الدولة، وتأكيد تموضعها الإقليمي، وطمأنة الشارع المصري، بأنه رغم التحديات المحيطة والظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن مصر باقية ومستمرة فى طريقها تبني وتعمر معتمدة على سواعد أبناءها المخلصين، ولا تنحنى أبدًا إلا لله سبحانه وتعالى.

أولًًا.. رسائل للداخل..

أبرز الرسائل التي ركز عليها الرئيس السيسى داخليًا، كانت رسالة البناء. فمنذ عام 2013، ومصر تُعيد تعريف الدولة من خلال مشروعات قومية كبرى، تؤسس لما يُعرف بـ”الجمهورية الجديدة”، وفى خطابه قال الرئيس السيسى:"منذ عام ٢٠١٣، تُسطر مصر تاريخًا لا بالأقوال بل بالأفعال، ولا بالشعارات بل بالمشروعات"؛ وهى عبارة ليست مجرد توصيف للواقع، بل تحمل مضمونًا سياسيًا يؤكد على أن الشرعية لا تقوم فقط على الذكرى، بل على استمرار الأداء؛ فالرئيس أحال الشعب المصري إلى المشروعات لا إلى الشعارات، في محاولة للتأكيد على أن ما تحقق من بنية تحتية، ومدن جديدة، وموانئ، وشبكات نقل، إنما هو الترجمة الفعلية لثورة 30 يونيو.


الرئيس السيسى يدرك بشكل واضح حجم المعاناة الاقتصادية التي يشعر بها المواطن المصري، فقال بوضوح:"أشعر بكم، وأؤكد أن تخفيف الأعباء عن كاهلكم هو أولوية قصوى للدولة.” وهى جملة تُعد إقرارًا مباشرًا بأن التحديات المعيشية حقيقية، وأن الدولة لم تعد تتجاهلها أو تهمّشها، وهو ما يثبت أن الدولة لا تبدو منفصلة عن معاناة المواطن البسيط.

ولطالما كان الرئيس السيسى، يراهن على وعي الشعب المصري "الأصيل" كما جاء فى منشور له اليوم على مواقع التواصل الاجتماعى، فكان أحد المفاهيم المحورية في خطابه هو  الوعي الشعبى، أو "معركة الوعى"، وهنا قال الرئيس السيسى:"قوة مصر ليست في سلاحها وحده، بل في وعيكم، وفي تماسك صفوفكم، وفي رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية.”

وهذه الرسالة تُشير إلى أن الرئيس السيسي أراد أن يوصل رسالته للجماهير بأن المعركة الأساسية لم تعد فقط على الأرض، بل في الإدراك العام، في مواجهة الشائعات والحملات المعادية على مواقع التواصل، ومحاولات هدم الثقة بالمؤسسات.

هذا التكرار لفكرة “الوعي” يعكس توجّهًا متصاعدًا من الدولة للاهتمام بمجال “الحرب المعنوية”، وهو ما اتضح في السنوات الأخيرة من خلال المحتوى الإعلامي، والاهتمام بالمحتوى الثقافي والتربوي، فى مواجهة آلة إعلامية غربية توظف أقلامًا وأبواقًا من بني جلدتنا بقصد وبدون وعي ، فأصبح كل ما يأتي من الخارج مفروضًا وليس معروضًا لذلك كان كفاح الدولة واهتمامها واستثمارها فى "الوعي"، وهو ما انعكس بسكل كبير على تلاحم وتماسك الجبهة الداخلية التى صارت عصيّة على الانكسار.


تطرق الرئيس السيسى فى خطابه إلى مسألة مهمة، وهى توجيه التحية للمؤسسات الأمنية وتثبيت التحالف مع الشعب، فحيا القوات المسلحة، والشرطة، وكافة مؤسسات الدولة، قائلًا:"تحية إجلال ووفاء لأرواح شهدائنا، وأُقبّل جبين كل أمّ وأب فقدوا أحبّتهم.”

إنها عبارة تؤكد على أن حماية الوطن لم تكن لتتحقق دون “ثمن”. وإضافة إلى ذلك، فإن توجيه التحية للأهالي، خصوصًا “أمهات الشهداء”، يؤكد على أن الدولة لا تنسى من ضحوا بأرواحهم ودماءهم ولا تتخلى عن أهاليهم، وستبقي بطولاتهم حاضرة في القلوب، لا فقط في المناسبات والكلمات والخُطب.

ثانيًا.. رسائل للخارج..

في الشق الخارجي، كانت رسائل السيسي كما عوّدنا واضحة ومباشرة، وترد على كل من يتصور أن المنطقة ستنعم بالأمان والاستقرار طالما بقيت القضية الفلسطينية دون حلى عادل وشامل.

وهنا قال الرئيس السيسى:"إن مصرَ، الداعمة دائمًا للسلام، تؤمنُ بأنَّ السلامَ لا يولد بالقصف، ولا يُفرض بالقوة، ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب"، وهي رسالة قوية، موجهة في الأساس إلى إسرائيل، وبعض حلفائها، خصوصًا في ظل التصعيد المتواصل في فطاع غزة، ومحاولات تجاوز الحق الفلسطيني باسم “الواقعية الجديدة” أو تنفيذ مخطط "الشرق الأوسط الكبير">

الرئيس السيسى أعاد تذكير المجتمع الدولي بأن السلام الحقيقي مرهون بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، قائلًا:"لن يتحقق السلام في الشرق الأوسط إلا بقيام الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية"، وهو هنا يرد على من يظن أن التطبيع مع الدول العربية جميعها- إن تم-  يمكن أن يحل المعضلة دون حل عادل للقضية الفلسطينية.كما لم يُفوّت الرئيس السيسى الفرصة ليُذَكّر العالم بأن مصر تملك تجربة ناجحة في السلام، حين أبرمت اتفاقها مع إسرائيل في السبعينيات، لكنه سلام قائم على شروط واضحة، وبوساطة أمريكية جادة، ونيات صادقة.

"أُخاطبكم اليومَ والمنطقة بأسرها تئن تحت نيران الحروب، من أصوات الضحايا التي تعلو من غزةَ المنكوبةِ؛ إلى الصراعات في السودانِ وليبيا وسوريا واليمن والصومال.

ومن منبر المسؤولية التاريخية، أُناشدُ أطراف النزاع، والمجتمع الدولي بمواصلة اتخاذ كل ما يلزم، والاحتكامِ لصوتِ الحكمةِ والعقل، لتجنيب شعوب المنطقة ويلات التخريب والدمار".

هذه الفقرة لا تُعبّر فقط عن موقف سياسي مصري تقليدي يدعو إلى الحل السلمي، بل تضع نفسها في إطار إنساني وتاريخي وإقليمي وأخلاقي عبر نداء مصلحة الشعوب. وهى رسالة تُعيد تذكير العالم أن مصر وإن بدت منشغلة بملفاتها، فهي لا تغفل أبدًا عن محيطها العربي، ولا تزال تسعى لأن تكون “صوت الحكمة في زمن الفوضى والمعايير المزدوجة”.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

استشهاد 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة

كومان يعزز صفوف بايرن ميونخ قبل قمة سان جيرمان فى مونديال الأندية

كمائن الموت تحت غطاء المساعدات.. مجازر الاحتلال تفتك بالجوعى في القطاع.. مؤسسة غزة الإنسانية.. الاسم خادع والمهمة قاتلة.. 125 شهيدًا و700 مصابًا في شهر.. اعترافات جنود الاحتلال تفضح المجازر

الاتحاد السعودي يعتمد مواعيد التسجيل الجديدة.. والهلال يُقيد حمد الله للمونديال

تعرف على موعد وصول المدير الفنى الجديد للزمالك والإعلان الرسمى عنه


مصر تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

بعد حذف أغانى أحمد عامر.. الغناء حلال أم حرام؟.. رأى الغزالى وعبد الحليم محمود

النص الكامل لقانون الإيجار القديم بعد موافقة مجلس النواب

الحكومة تتدخل فى اللحظات الأخيرة وتنقذ "الإيجار القديم" بتعديل المادة الثامنة.. تؤكد: لن يتم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته دون بديل من اختياره.. ووزير الشئون النيابية: الدولة لن تسمح بأن يكون هناك مواطن بلا سكن


قانون الإيجار يصل المحطة الأخيرة.." النواب" يوافق نهائيا على التعديلات الأخيرة.. الحكومة: لن نترك مواطنا بلا مأوى.. ونتعهد بتوفير بديل قبل انتهاء مدة الإخلاء.. وتشكيل لجان لتصنيف الأماكن تمهيدا لزيادة الأجرة

غدا إجازة رسمية للعاملين بالقطاعين الحكومى والخاص بمناسبة ذكرى 30 يونيو

مامارداشفيلى يتوجه إلى ليفربول بطائرة خاصة لحسم انتقاله إلى الريدز

وزارة التعليم تعلن رابط وخطوات تنسيق الثانوى العام والفنى للعام 2026

انتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف على جثمان المطرب أحمد عامر داخل المسجد

الحكومة: "قانون الإيجار القديم ما ذكرش الإخلاء.. والمادة 8 ستثلج الصدور"

مجلس النواب يوافق على نص المادة 2 بمشروع قانون الإيجار القديم

نص 3 يوليو.. رسم خارطة طريق جديدة وأسقط حكم المرشد

قطار الثانوية العامة يصل محطته قبل الأخيرة.. الطلاب يؤدون امتحان الكيمياء و الجغرافيا..46 سؤالا موزعة بين الاختيارى والمقالى.. وزارة التعليم: بذل كافة الجهود لتحقيق الانضباط باللجان والتصدى للغش

أمل حجازى تخلع الحجاب بعد 8 سنوات من ارتدائه واعتزال الغناء

لا يفوتك


أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي الأربعاء، 02 يوليو 2025 06:56 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى