اكتشاف "أمير الجليد".. دفن طفل نبيل منذ 1350 عامًا بسيف وحرير

كشفت حفريات أثرية في جنوب ألمانيا عن واحدة من أكثر عمليات الدفن إثارة للدهشة في العصور الوسطى المبكرة، حيث عُثر على طفل يبلغ من العمر حوالي 18 شهرًا، دُفن منذ نحو 1350 عامًا داخل فيلا رومانية أعيد استخدامها، وهو يرتدي ثيابًا مزينة بالحرير ويحمل سيفًا صغيرًا، ما يشير إلى انتمائه إلى عائلة نبيلة بارزة في منطقة ماتسيس بولاية بافاريا.

وأطلقت فرق الآثار على الطفل لقب “أمير الجليد”، ليس فقط بسبب فخامة مقتنياته، بل لأن الغرفة الحجرية التي دُفن فيها جُمِّدت باستخدام النيتروجين السائل قبل أن تُنقل كتلة واحدة إلى المختبر للحفاظ على محتوياتها الفريدة، وتعود فترة الدفن إلى ما بين عامي 670 و680 ميلادية، بحسب نتائج التأريخ بالكربون المشع.

وكشفت التحاليل الجينية أن الطفل كان ذا شعر فاتح وعينين زرقاوين، فيما أظهرت الفحوصات الطبية أنه توفي نتيجة إصابة في الأذن تطورت إلى مرض مزمن. وقد وُضع جثمانه على بطانية من الفرو، وكان يرتدي ملابس من الجلد مزينة بالحرير، وهي مادة نادرة آنذاك ترتبط بالتجارة البيزنطية وثروات النخب الحاكمة.

ومن أبرز المكتشفات داخل القبر، سيف صغير مُعلَّق بحزام فاخر، وحذاءان مزودان بمهاميز فضية، وصليب ذهبي كان مثبتًا داخل قطعة قماش بالقرب من الجثمان، في إشارة ربما إلى تأثير المسيحية المبكر على هذه العائلة، رغم أن بافاريا لم تُعتمد رسميًا كمنطقة مسيحية إلا في عهد شارلمان لاحقًا.

كما ضم القبر فواكه مثل التفاح والكمثرى وبعض المكسرات، مما يدل على طقوس تقديم الطعام كقرابين جنائزية، واللافت أن العظام التي ظُنَّ في البداية أنها لكلب تبيَّن لاحقًا أنها تعود لخنزير صغير تم طهيه، ما يعكس الطابع الاحتفالي وربما الطقوسي للدفن.

إلى جانب ذلك، عُثر على وعاء برونزي، ومشط، وكأس مزخرف بالفضة، مما يرسخ فرضية أن هذا القبر ينتمي إلى أسرة أرستقراطية ذات نفوذ واسع في بافاريا خلال القرن السابع الميلادي.

ويُعتقد أن إعادة استخدام الفيلا الرومانية كموقع دفن يعكس رغبة العائلة في تخليد مكانتهم في موقع كان يُعتبر رمزًا للهيبة المعمارية والحضارية. ويمثل هذا الاكتشاف نافذة نادرة على عادات الدفن والمكانة الاجتماعية في بافاريا خلال فترة ما قبل العصور المسيحية المتأخرة.