سميحة أيوب

ناهد صلاح
ناهد صلاح
نـاهـد صـلاح

لعلها عندما تطل من شرفتها تُحدق طويلًا في النيل وتتأمل جريانه وعطائه الأبديين، وإلا من أين لفنها هذا الصفاء ومن أين لأدوارها هذا الخلود الذي جعلها قطعة من قلب المسرح العربي يحيا بها ويستمر؟... كان هذا الخاطر الذي روادني وشغل بالي حين التقيت بالسيدة سميحة أيوب، لأول مرة منذ سنوات طويلة في منزلها بحي الزمالك، قبل أن تتعدد لقاءاتنا الصحفية أو العابرة هنا أو هناك خلال مهرجانات السينما والمسرح.

سيدة المسرح جاءتني كسيدة أرستقراطية واثقة الخطوة، إطلالتها ونبرتها الطالعة من عمق الذات وصلابة الحضور، كان لديها هذا الوهج الذي يترك أثرًا لا يزول، إصرار على استعادة شيء جميل من الماضي يواجه أزمنة صعبة في الإبداع، تُعاند ثِقل الحياة بخفة ظل يعرفها جيدًا المقربون منها فينفتح الحديث معها على أفق مختلف.

أدهشتني حين قالت عن نفسها ببساطة أنها "ست بيت شاطرة"، امرأة مصرية تُجيد الأعمال المنزلية من المطبخ حتى الصالون، لكن عندما سألتها عن فنها وأدوارها ووجودها الساطع على خشبة المسرح قالت بزَهْو:" يكفي أن أي ممثلة عالمية تفتخر بأداء دور واحد من أدواري المحورية: فيدرا، اليكترا، أنتيجون ... إلخ".

نعم.. تجربتها المسرحية حافلة بأمهات المسرحيات وأعظم الأدوار التي لا تُنسى، نحو ما يقرب من مائتي مسرحية غير أفلامها السينمائية وأعمالها في الدراما التليفزيونية والإذاعية.. أتذكر حين سألتها حينذاك عن أقرب الشخصيات التي جسدتها إليها، أجابتني بأنها الشخصية الشعبية وشرحت لي كيف تؤديها بعمق يساوي هويتها كسيدة مصرية و"بنت بلد".

بعد كل هذه السنوات وبتأمل متأني لتجربتها الفنية، فإن ما قالته هو جزء من طبيعتها المُترعة بثراء إنساني جعلها تلعب أدوارًا كثيرة ومتباينة، فقدمت الملكة والأميرة بنفس السهولة التي لعبت بها دور الفلاحة، يعني بحسب التعبير الدارج كان لديها هذه "القماشة العريضة" التي تمكنها من تجسيد أي شخصية، إنه ما اكتسبته من تجاربها الإنسانية ومن دراستها، خصوصًا ما تعلمته من أستاذها زكي طليمات، واحد من أبرز الشخصيات المؤثرة في حياتها وبنائها الفني منذ شرعت في مجال الفن وهي فتاة صغيرة لم تكن تجاوزت الرابعة عشرة من عمرها.

أدركت سميحة منذ البداية أن الحياة غنية بكل النماذج والشخصيات، وتعلمت أن تتأملها وتختزن في ذاكرتها كل ما تراه، وحين يأتي الدور الذي يستوجب استعادة هذا النموذج أو ذاك من الذاكرة فإنها كانت تفعل بيسر وسَلاسَة، أي أنها كانت تأخذ من الواقع وشخصياته، وعلى هذا الأساس قدمت الشخصية الأرستقراطية، والمتعجرفة، والمتسلطة، والبسيطة، والشعبية، والفلاحة و.. غيرها، شخصيات اختلفت وتباينت بين عمل وآخر، لكنهم جميعًا في النهاية من صُنع سميحة أيوب.

ربما أصرت السينما على تنميطها كممثلة تؤدي أدوار الشر، وقد فعلت وكررت أدوارها في قالب الشريرة أحادية الجانب التي تقدم الشر لمجرد الشر بدون تعميق للشخصية، هكذا كانت تُكتب وهكذا كانت تُجسدها سميحة أيوب إلى أن جاءت اللحظة التي توقفت وقررت ألا تواصل هذا اللون الذي وصفته بأنه ساذج ومكتوب بطريقة "عبيطة"، حيث الشرير "ماشي يلطش في الناس".

ربما كانت السينما حلم سميحة أيوب الذي لم يكتمل، ولعلها وجدت في الدراما التليفزيونية فرصة أوسع للتلاقي مع طموحها، فقدمت مسلسلات كثيرة منها: الرحيل، الضحية، المشربية، الشك، لحظة اختيار، عصر الحب، لسه بحلم بيوم و.. غيرها، بخلاف المسلسلات الإذاعية والسهرات التليفزيونية، وإن ظل المسرح هو الأصل، الجذر الذي لم الذي لم يكن أجوفًا أبدًا. حكت لي ذات مرة كيف كانت تشتعل على المسرح تنافسًا مع الفنان عبد الله غيث أثناء مسرحية "الوزير العاشق"، تأليف فاروق جويدة وإخراج فهمي الخولي، وكان يتراهنا لمن سيصفق الجمهور أكثر، قالت: "شعرت أنني قادرة على العطاء فوق خشبة المسرح، وأثبت الجمهور أنه واع ويقبل على الأعمال الجادة".

السؤال هنا يكون بديهيًا: أيهما أقرب إلى قلب سميحة أيوب وعقلها: الوقوف أمام الكاميرا، أم اعتلاء خشبة المسرح؟.. أظن الإجابة صعبة، لأن السؤال لا ينفصل عن واقع عاشته سيدة المسرح العربي ومسارها الطويل والحافل بالتحدّيات والتفاصيل الحياتية والإنسانية. لكن، لا بُدّ من القول أن سميحة أيوب، واحدة من أبرز الممثلين الذين فرضوا لأنفسهم مكانة مهمة في المشهد الفني المصري والعربي، جاذبيتها الإنسانية انعكست بوقار وتألّق وتأثير حادّ في قلب المُشاهد وعقله.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يكلف الشئون القانونية بتجهيز ملف شكوى زيزو في فيفا

وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله

موعد مباراة الأهلي وباتشوكا استعداداً لكأس العالم للأندية والقنوات الناقلة

صيغة المصريين فى تكبيرات العيد.. هل تعرف أصلها الشرعي؟

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 6 - 6 - 2025 والقنوات الناقلة


موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى القاهرة ومحافظات الجمهورية

عماد متعب: صفقة الأهلي الجديدة حاليا فى الطائرة إلى أمريكا

تمارا عماد متعب تظهر فى مران الأهلي بميامى.. صور

ولى العهد الأردنى يحتفل مع النشامى بالتأهل لكأس العالم لأول مرة.. فيديو

هل تجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة إذا اجتمعتا فى يوم واحد؟.. الأزهر يجيب


ذكرى إعدام صدام حسين.. ماذا قالت تسريبات ويكليكس عن صباح عيد الأضحى 1427هجرية

صلاة العيد الساعة كام فى مصر 2025؟.. إنفوجراف

الونش: أهدى بطولة كأس مصر لـ عبد الشافى ولاعبى الزمالك يستحقون الكثير

الزمالك بطلا لكأس مصر للمرة الـ 29 في تاريخه بعد الفوز على بيراميدز

مها الصغير: دخلت مجال الإعلام حبا فى السينما والإخراج بالأساس

"آخر راجل في العالم" يجمع مى كساب وبيومى فؤاد مجددا فى السينما وهذه قصته

تفاصيل سرقة أغنية "أنا عايش" لـ عمرو دياب من ألبوم "علم قلبى"

الإعلامية آيات أباظة تمر بظرف صحى صعب وزوجها عمرو محمود ياسين يدعمها

عودة دونجا وسيف الجزيرى يقود هجوم الزمالك أمام بيراميدز فى نهائى كأس مصر

ملك الأردن يهنئ الرئيس السيسى بمناسبة عيد الأضحى المبارك

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى