هل ناقش الفرس القدماء قراراتهم مرتين أم كذب هيرودوت؟

يقول المؤرخون عبر مجموعة من الكتب إن الولائم الفخمة كانت سائدة فى الإمبراطورية الأخمينية، المعروفة باسم الإمبراطورية الفارسية الأولى، وهى سلالة من بلاد فارس القديمة إيران حاليًا حكمت من عام 550 إلى 330 قبل الميلاد، وكان النبيذ جزءًا أساسيًا من هذه الاحتفالات، إذ كان يسكب فى أوانٍ فضية وذهبية مزخرفة، وعلى الأرجح على يد سقاة محترفين ذوى خبرة.
ووفقًا للمؤرخ اليونانى هيرودوت، الذي عاش في تلك الحقبة، فإن دور النبيذ في الحياة المدنية لدى الفرس تجاوز مجرد الترف أو التساهل، حيث زعم أن الفرس اعتادوا مناقشة كل قرار مرتين، مرة وهم فى حالة سكر، ومرة وهم فى حالة رصانة وليس بالضرورة بهذا الترتيب.
وكتب هيرودوت في نصوصه حول الصراعات اليونانية الفارسية "من عاداتهم أن يتداولوا أخطر الأمور وهم في حالة سكر، فإذا وافقوا عليها في تلك الحالة، يعيدون النظر فيها وهم في حالة وعي، فإذا وافقوا عليها يمضون في تنفيذها، وإن لم يوافقوا، يلغونها، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع هيستورى فاكت.
واللافت أن هيرودوت هو المصدر الوحيد الذي أشار إلى هذه العادة، ما يدفع عدد من المؤرخين المعاصرين للتشكيك في صحتها، بينما يرى عدد آخر أن هذه الرواية قد تكون دقيقة، خصوصًا أن هيرودوت، على غير عادة الكتاب الإغريق، يبدو محايدًا إلى حد كبير في وصفه للفرس، بينما يعتبرها آخرون مبالغة نمطية تصور ملوك الفرس على أنهم متهورون وغير عقلانيين، رغم أن كميات معتدلة من النبيذ ربما كانت تستهلك فعلًا ضمن الطقوس الرسمية أو النقاشات الكبرى.
وسواء كانت هذه العادة حقيقية أم لا، فقد حققت الإمبراطورية الأخمينية نجاحًا باهرًا دام ما يقرب من قرنين، واعتبرت واحدة من أكبر الإمبراطوريات فى التاريخ، إذ امتدت أراضيها إلى أجزاء من شبه جزيرة البلقان الأوروبية، ووصلت إلى حدود الهند شرقًا، وضمت شعوبًا وثقافات متعددة تحت حكمها.
Trending Plus