حالات تسمح فيها المسيحية بتصريح زواج ثانٍ.. قواعد جديدة للزواج والطلاق وإيقاف تغيير الملة كوسيلة للتحايل على القوانين.. نظام مستحدث ينظم العلاقة بين القضاء والكنيسة.. وهذه قواعد الزواج الجديدة

في ظل الجدل المتكرر حول قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر، تواصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية توضيح موقفها بشأن الحالات التي يُسمح فيها بالزواج الثاني، مع تأكيدها الدائم على التمسك بشرائعها الدينية كمرجعية رئيسية.
الفرق بين الطلاق وبطلان الزواج
هناك فرق جوهري بين بطلان الزواج والطلاق، إذ إن بطلان الزواج يُبنى على أسباب سابقة للعقد، مثل التزوير في البيانات الأساسية، أو إخفاء أمراض مزمنة معدية. في هذه الحالات، يُمنح الطرف المتضرر عادةً تصريحًا مفتوحًا بالزواج مرة أخرى، بينما قد يحصل الطرف الآخر على تصريح مشروط، يتطلب موافقة المتضرر، كأن تكون الحالة ناتجة عن عدم القدرة الجنسية.
أما في حالة الطلاق، فالجميع يحق لهم الزواج مرة ثانية، باستثناء الشخص الزاني، حيث يُحرم من تصريح الزواج الجديد بحسب قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وتؤكد الكنيسة أن هذه القواعد تهدف إلى حماية الطرف المتضرر وتحقيق العدالة، مشددة على أهمية الشفافية والصراحة بين الزوجين لتفادي المشكلات لاحقًا.
إيقاف تغيير الملة كوسيلة للتحايل
جاء قرار إيقاف إجراءات تغيير الملة بعد ملاحظة استخدامه كحيلة قانونية للتحايل على القواعد الكنسية في مسائل الزواج والطلاق، دون أن يكون تغييرًا حقيقيًا في العقيدة. وأوضحت أن الدستور المصري ينص على احتكام المسيحيين إلى شرائعهم الدينية، وبالتالي لا يجوز اللجوء إلى الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين. فتغيير الملة كان يُستخدم للتحايل على هذا المبدأ، وهو أمر غير دستوري.
قواعد الزواج الجديدة داخل الكنيسة
حددت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عددًا من القواعد المنظمة للزواج، أبرزها:
1. أن يتم الزواج داخل الكنيسة بين شخصين متحدي الطائفة.
2. في حالة تغيير أحد الزوجين لطائفته بعد الزواج، لا يؤثر ذلك على القواعد القانونية الخاصة بالطلاق، حيث يُحتكم دائمًا إلى شريعة الزواج الأصلية.
أما فيما يخص الطوائف المسيحية الأخرى، فينظم القانون الجديد الأحوال الشخصية وفق اتفاق مشترك بين الطوائف، حيث يتم تطبيق مواد موحدة على المسائل المتفق عليها، وتعود كل طائفة إلى شرائعها الخاصة في ما يخص النقاط الخلافية.
أسباب منح تصريح بالزواج الثاني
تفصل الكنيسة في حالات الزواج الثاني بناءً على أسباب واضحة مثل:
بطلان الزواج بسبب الغش، أو الإكراه، أو الأسباب المعروفة الأخرى.
وقوع الزنا بشكل مثبت.
تغيير الدين لأحد الطرفين.
حالات الفرقة، إذا ثبت انقطاع العلاقة الزوجية بشكل فعلي، وتحديدًا:
ثلاث سنوات متصلة في حال عدم وجود أطفال.
خمس سنوات متصلة في حال وجود أطفال.
أسباب قهرية تمنع استمرار الحياة الزوجية مثل الإدمان، العنف المفرط، أو الزنا الحكمي (وجود قرائن واضحة على الخيانة).
وفي جميع الحالات، تتم دراسة كل ملف بشكل منفصل، وإذا ثبت حق أحد الطرفين – أو كليهما – في الزواج الثاني، يشترط انقضاء عقد الزيجة المدني أولًا. أما في الحالات التي لا تتعلق بالزنا أو البطلان، فيتطلب الأمر – حاليًا – تغيير أحد الطرفين للملة حتى تصدر المحكمة حكمًا بالفصل، لكن هناك قانون موحد للأحوال الشخصية لا يزال قيد الدراسة من قِبل الكنائس في مصر، سيسمح مستقبلاً للقاضي بالحكم وفقًا للشرائع الدينية دون الحاجة لتغيير الملة.
نظام جديد ينظم العلاقة بين القضاء والكنيسة
تم الاتفاق مؤخرًا على آلية جديدة لتنظيم العلاقة بين القضاء والكنيسة في قضايا الطلاق، بهدف احترام اختصاص كل جهة، وتشمل هذه الآلية ثلاث نقاط رئيسية:
1. الطلاق يتم عبر المحكمة فقط: ولم يعد هناك ما يسمى "طلاق كنسي"، حيث يقتصر دور الكنيسة على الدعم الرعوي ومحاولة الإصلاح.
2. القاضي مُلزم بطلب رأي الكنيسة: خاصة في الحالات التي يصعب فيها التحقق من الوقائع، وتُمنح الكنيسة مهلة 40 يومًا للرد.
3. رأي الكنيسة استشاري: لا يُلزم القاضي، لكن في حال رفضه، يجب عليه إبداء الأسباب في حيثيات الحكم.
ورغم صدور الحكم القضائي بالطلاق، تظل الكنيسة صاحبة القرار النهائي في منح تصريح الزواج الثاني أو رفضه، حفاظًا على التوازن بين الدور القضائي والديني.
تاريخيًا، كانت الكنيسة الجهة الوحيدة المخولة بإصدار قرارات الطلاق والتصريح بـ الزواج الثاني حتى عام 1954، ثم انتقلت هذه الصلاحية إلى المحاكم المختلطة، ولاحقًا إلى محاكم الأسرة، واقتصر دور الكنيسة بعدها على إصدار تصاريح الزواج الثاني.
ولكن في السنوات الأخيرة، حدثت توترات بين القضاء والكنيسة بسبب قرارات قضائية ألزمت الكنيسة بعقد زيجات جديدة للمطلقين، ما اعتُبر تدخلًا في اختصاصها. وقد جاء النظام الجديد ليعالج هذا التداخل ويوفر آلية تحترم الشرائع الكنسية والقانون في آن واحد.
Trending Plus