الأديرة القبطية فى سوهاج.. كنوز أثرية تنبض بروح التاريخ وتحجز مكانها على خريطة السياحة الدينية.. تروى فصولا من التاريخ وتحكى قصص الشهداء والقديسين.. دير الشهيدة دميانة والديران الأبيض والأحمر أشهرها.. صور

تحتفظ محافظة سوهاج بواحدة من أغنى الموروثات القبطية في مصر، إذ تضم نحو 14 ديرًا وعددًا كبيرًا من الكنائس التاريخية المنتشرة في ربوعها، لتشكل بذلك كنزًا أثريًا ومعماريًا وروحيًا فريدًا وتُعد هذه الأديرة والكنائس شواهد حية على فترات مبكرة من تاريخ المسيحية في مصر، وتتناثر في مراكز المحافظة المختلفة من أخميم وسوهاج إلى جرجا وساقلته والمنشأة والبلينا، وتُشرف على هذه المعالم منطقة آثار سوهاج الإسلامية والقبطية، حيث يتم تسجيلها والحفاظ عليها كتراث وطني له قيمته الدينية والثقافية.
تعود شهرة سوهاج القبطية إلى قرون بعيدة، إذ كانت تشمل في حدودها الإدارية أربع "كُور" أو مراكز قديمة هي كورة كوم أشقاو بطما، كورة أخميم، كورة أبصاي (المنشأة)، وكورة البلينا في هذه المناطق القديمة، تتناثر الأديرة التي حافظت على شكلها المعماري التقليدي، وتروي قصصًا من الإيمان والاستشهاد والزهد الروحي، كما تُعد نماذج معمارية فريدة تدمج بين الطراز البازيليكي والطوب الأحمر واللبن والقباب الضحلة.
في غرب مدينة سوهاج، يقف الدير الأبيض شامخًا، وهو أحد أشهر الأديرة القبطية في المحافظة، يعود بناؤه إلى القرن الخامس الميلادي، وقد أُقيم على أنقاض معبد فرعوني، مستخدمًا في تشييده الحجارة القديمة، ويتميز بطرازه البازيليكي، وهو أقدم الطرز المعمارية في الكنائس المسيحية، ويمنح الزائر انطباعًا مهيبًا شبيهًا بالمعبد، لكنه في جوهره كنيسة تُعد من أقدم دور العبادة في مصر.
وعلى مقربة منه يقع الدير الأحمر، والذي أنشئ في نفس الفترة تقريبًا، لكنه يختلف من حيث المواد، فقد استُخدم في بنائه الطوب الأحمر، وربما يرجع اسمه لهذا السبب. هذا الدير يُعد متحفًا مفتوحًا لفن التصوير الجدارى، إذ يضم جداريات رائعة تصور أنبياء بني إسرائيل، وقصصًا من الإنجيل، وأيقونات تمثل شخصيات دينية بارزة.
في مركز أخميم، يبرز دير الشهداء، وهو دير صغير يحيطه سور من الطوب اللبن، يعود إلى القرن السادس عشر أو السابع عشر، ويضم مومياوات لعدد من شهداء أخميم الذين استشهدوا في عام 304م، في فترة الاضطهاد الروماني للمسيحيين، وتُعرض تلك المومياوات في قاعة مخصصة داخل الدير إلى جانب ذلك، توجد كنيسة الشهيدة دميانة في وسط المدينة، وهي كنيسة صغيرة مزينة بالطوب المنجور وتغطيها قباب ضحلة، وتحمل اسم واحدة من أشهر شهيدات العصر الروماني في المسيحية.
أما مدينة جرجا، فتضم كنيسة مارجرجس ببيت علام، والتي ترجع إلى القرن الثامن عشر، وتتميز بتصميمها القبطي الأصيل الذي يعتمد على القباب والطوب الأحمر، وهي من أجمل الكنائس من حيث الشكل والتناسق المعماري وفي ساقلته، يظهر دير الأنبا توماس كأحد أبرز الأمثلة على الكنائس الصغيرة التي تحتفظ بجمال زخارفها الداخلية رغم بساطة مكوناتها.
المنشأة، التي كانت تُعد مركزًا مهمًا في كُرسي المسيحية قديمًا، تضم ديرًا يحمل اسم الأنبا بسادة، وهو مبنى فريد مكوَّن من خمسة هياكل وسقف مقبب من الطوب اللبن والأحمر بينما تحتضن مراكز البلينا ودار السلام مجموعة من الأديرة التي لا تزال محافظة على سماتها المعمارية والزخرفية، مثل دير الملاك ميخائيل بأولاد يحيى وكنيسة العذراء، وكنيسة الست دميانة ببني منصور والتي تعود إلى القرن السابع عشر، وتحتفظ بهيكلها المتناسق على الطراز القبطي.
إن الآثار القبطية في سوهاج لا تمثل مجرد مبانٍ أثرية، بل هي ذاكرة حية للتاريخ، وأماكن تحمل في جدرانها حكايات الشهداء والقديسين، ونداء مستمر لإعادة الاعتبار لهذه الكنوز عبر خطة تطوير وترويج تليق بقيمتها التاريخية والدينية، لتأخذ مكانها المستحق على خريطة السياحة الدينية في مصر، وتُفتح أمام العالم كجزء من الهوية المصرية متعددة الجذور.

الدير الأبيض

الدير الأحمر_1

دير الأنبا بسادة

شهداء أخميم

كنيسة مارى جرجس بجرا

مدخل كنيسة الست دميانه
Trending Plus