عيد الأضحى.. كيف كانت الاستعدادات للحج قديمًا؟

يحتفل العالم الإسلامي هذه الأيام بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وهو اليوم التالي لوقفة عرفات، عندما يقف الحجاج على جبل عرفات لاكتمال مناسك الحج، والذي يعد الركن الأعظم في الإسلام، ورغم سهولة الانتقال في العصر الحالي حيث يصل الحجاج وجهتهم بالطائرة خلال ساعات قليلة، إلا أنه عكس ما كان يحدث قديمًا حيث الطرق الطويلة والاستعدادات التي كانت تصل إلى شهور، وهو ما نستعرضه في السطور التالية.
وحسب ما جاء في كتاب "مصر في قصص كُتابها المعاصرين" من تأليف محمد جبريل: وإذا كانت وقفة عيد الفطر تعني الوقوف لرؤية هلال رمضان، فإن وقفة عيد الأضحى تطلق على اليوم الذي يسبق أيام العيد، يوم الوقوف في عرفات.
كانت الرحلة إلى الحج تختلف عنها في زماننا الحالي؛ كانت رحلة شاقة تمامًا، محفوفة بالمخاطر والأهوال (أذكر في قراءات طفولتي التي تنتمي إلى أربعينيات القرن العشرين، شكاوى الحجاج المصريين من هجمات الوهابيين على قوافلهم للسرقة والسلب، وكانوا يشددون على وجوب حمايتهم بحراسات مسلحة). كان الكثيرون يذهبون إلى الحجاز لأداء فريضة الحج على الجِمال، وهو ما فعلته الجدة حين خرجت من البلد بعد العيد الصغير بيومين، ووصلت إلى الكعبة قبل العيد الكبير بأسبوع، وكان الإعداد لرحلة الحج يستغرق العام بأكمله، فإذا اقترب موعد السفر، ارتفعت أصوات النساء — في القرى بخاصة — بغناء يُسمَّى "التروية"، يغبط الحاج على قرب زيارته للديار المقدسة، ويدعو له بالسلامة في الحل والترحال، وكان الصوفية يخرجون — قبل بدء سفر الحجاج — في مواكب مشهودة، فتُدَّق الطبول والدفوف، وتُردَّد الأناشيد والأغنيات والترانيم والقصائد التي تتغنى بوصف الكعبة والحرم النبوي والبقاع المقدسة عمومًا، وكان ذلك يُسمَّى "التحنين" لأنه يعرض لما في النفوس من حنين إلى الحج والزيارة، ويعلن الحاج العائد من الأراضي الحجازية اعتزازه بأنه صلى في الحرم النبوي، ولمس شباك قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يحضر معه صفائح مغلقة ومبرشمة تحوي ماء زمزم، والحج سبع مرات أمنية غالية عند الكثيرين.
وفي صباح عيد الأضحى، يتجوَّل الجزَّارون في الشوارع، يحملون السكاكين، والنداء يسبقهم: جزار، أو: جزار نظيف، أو جلدة للبيع، فروة للبيع، وفروة الخروف — أحيانًا — هي المقابل الذي يتقاضاه الجزار، بالإضافة — طبعًا — إلى المقابل المادي، وعقب ذبح الضحية، يبدأ سباق إلى شيِّ اللحوم والتهامها، فضلًا عن توزيع الصدقات على بعض الفقراء كالكنَّاس وصبي الفران وغيرهما، وعادة، فإن الميسورين يضحون — في كل عيد — بكبشٍ أو أكثر، يأكلون منه، ويوزعون معظمه على الفقراء، لذلك فإن مائدة عيد الأضحى تحفل بالمشوي والمسلوق والمحمر والكفتة والكستليتة والممبار والموزة، لذلك يسمي البعض عيد الأضحى "عيد المرق".
Trending Plus