من مارمرقس الرسول إلى البابا تواضروس.. حكاية كرسى الإسكندرية عبر 20 قرنا من التاريخ الكنسى.. 118 بابا فى سجل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. رسوخ في الإيمان وقيادة فى زمن التحديات.. وهذه أبرز المحطات التاريخية

كتبت بتول عصام
السبت، 07 يونيو 2025 09:30 م
تُعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من أقدم الكنائس في العالم، ويُطلق عليها لقب "الكنيسة الأم في إفريقيا"، إذ يعود تأسيسها إلى القرن الأول الميلادي على يد القديس مارمرقس الرسول، الذي جاء إلى الإسكندرية عام 61 ميلاديًا، ليبشر بالمسيحية، ويُعتبر أول بابا للإسكندرية.
سلسلة غير منقطعة من الآباء والقيادات الروحية
منذ مارمرقس وحتى اليوم، تعاقب على كرسي مارمرقس الرسول 118 بابا، آخرهم هو قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي جرى تجليسه في نوفمبر 2012 خلفًا للبابا شنودة الثالث.
ويحمل كل بابا من باباوات الكنيسة تاريخًا خاصًا به، لعب فيه دورًا مهمًا في حفظ العقيدة، والدفاع عن الإيمان الأرثوذكسي المستقيم، وإدارة الكنيسة في وجه التحديات السياسية والاجتماعية.
أبرز المحطات التاريخية في سجل الباباوات
- مارمرقس (البابا الأول): مؤسس الكرسي الرسولي في الإسكندرية، واستشهد عام 68م بعد تعرضه للسحل في شوارع المدينة.
- البابا أثناسيوس الرسولي (البابا الـ20): أحد أعظم المدافعين عن الإيمان المسيحي ضد بدعة آريوس، وشارك في المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325م، ويُلقب بـ"حامي الإيمان".
- البابا كيرلس السادس (1959 - 1971): عُرف بالروحانية الشديدة، القداسة والمعجزات، وأعيد على يديه افتتاح دير القديس مارمينا، وحدث في عهده الظهور الشهير للسيدة العذراء في كنيسة الزيتون، وأعاد الحياة الرهبانية بقوة في الكنيسة.
- البابا شنودة الثالث (1971 - 2012): من أبرز الشخصيات الكنسية في العصر الحديث، جمع بين الفكر، والتعليم، والكتابة، وكان مدافعًا قويًا عن حقوق الأقباط، وظل رمزًا للثبات طوال 40 عامًا من البطريركية، قاد الكنيسة خلال فترات سياسية صعبة وكرس التعليم الروحي.
- البابا تواضروس الثاني (2012 - حتى الآن): يشهد عصره توسيع العمل الخدمي والتواصل مع شباب الكنيسة في مختلف الأنحاء، وانفتاحًا على الحوار المسكوني، مع الحفاظ على الثوابت العقيدية، وهو البابا الـ118 في سلسلة الباباوات.
من الإسكندرية إلى الكاتدرائية المرقسية في العباسية
على مدار القرون، تغير مقر البطريركية من الإسكندرية إلى القاهرة، حيث انتقلت إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والتي أصبحت المقر الرسمي للبابا منذ الستينات، وهي مركز الحياة الروحية والإدارية للكنيسة اليوم.
وتعرف الكنيسة القبطية بـ"كنيسة الشهداء"، فقد مرت بموجات من الاضطهاد عبر عصور متعددة، لكن سلسلة باباواتها ظلت مستمرة، حافظت على العقيدة، وأنتجت آباء قديسين ومفكرين لهم تأثير كبير في الفكر المسيحي الشرقي.
البابوات على طريق واحد
عادة، يسير بطاركة الكنيسة على طريق واحد، وعند ضرب المثل على مارمرقس الرسول والبابا تواضروس الثاني، نجد أن مارمرقس، مؤسس المسيحية فى مصر، هو من أنشأ أول كنيسة في مصر، لتكون منارة للإيمان في أرضها، وعلى مدى القرون، ظلت تلك الكنيسة أساسا للعبادة والخدمة الروحية، وفي عصرنا الحديث، وتحت رعاية البابا تواضروس تمتد أيدي البناء لتأسيس العديد والعديد من الكنائس، داخل مصر وخارجها، كما دشن المئات من الكنائس ليواصل بذلك مسيرة البناء الروحي والجسدي ويظل مارمرقس فرحا بما تركة لأولاده من إيمان.
في سياق متصل، نجد أن البابا كيرلس السادس أول بابا يؤسس كنائس قبطية أرثوذكسية في بلاد المهجر، حيث أسس كنائس في أمريكا وكندا وأوروبا، والبابا شنودة الثالث أول بابا يؤسس كنائس في قارة إفريقيا، وذلك في كينيا وزامبيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا بالإضافة لزياراته إلى بلاد إفريقية لم يزرها بابا قبله مثل زائير والكونغو، والبابا تواضروس الثاني أول بابا يسام في عهده أسقف لقارة أسيا (الأنبا رويس)، وكذلك أول كنيسة قبطية في اليابان وشرق أسيا.
ففي كل بابا يجلس على كرسي مارمرقس، يرى الأقباط امتدادًا للرسالة الأولى التي بدأها القديس مارمرقس قبل أكثر من 19 قرنًا، وبين التحديات المعاصرة، والرسوخ العقيدي، تستمر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في تقديم نموذج حي لكنيسة أصيلة، ثابتة، وقادرة على التجدد عبر الزمن، ومع ذلك متمسكة تمسك راسخ يقيني بتعاليمها عبر الزمان.

Trending Plus