الحجاج المتعجلون يودّعون منى بالدموع وصور الرفاق تخلّد لحظات الرحيل.. تبادل أرقام الهواتف المحمولة وخطابات محبة بين الأصدقاء.. دعوات بالعودة لمدينة الخيام مجددا.. وخطوات نحو الكعبة لطواف الإفاضة

الحجاج المتعجلون يودّعون منى
الحجاج المتعجلون يودّعون منى
رسالة مكة المكرمة - محمود عبد الراضي

في مشهد تختلط فيه الدموع بالامتنان، والفرح بالحنين، ودّع الحجاج المتعجلون مشعر منى بعد أن أكملوا رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق، لتبدأ لحظات الرحيل عن أحد أكثر المحطات الروحانية تأثيرًا في نفوس ضيوف الرحمن.

طوت مخيمات منى البيضاء صفحات أيامٍ عظيمة عاشها الحجاج بين دعاء وتكبير وذكر، خطوا فيها ذكريات لا تُنسى، حملت في طياتها مشاعر الأخوة والتآلف والتقرب من الله.

فمع اكتمال رمي الجمرات الثلاث، بدأ المتعجلون الاستعداد لمغادرة مشعر منى قبل غروب الشمس، امتثالًا لقوله تعالى "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى"، وكانت لحظات الوداع التي أعقبت ذلك استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


لم تكن مجرد مغادرة مكان، بل فراق لمشاعر وتجارب ونفحات لا تُكرّر إلا لمن كتب الله له الحج مرة أخرى.

وفي ساعات ما بعد الظهر، بدأت حركة الحجاج تأخذ طابع الوداع، فتناقلوا الأمتعة ونظموا حقائبهم، وتبادلوا النظرات والابتسامات مع من رافقوهم في تلك الأيام المباركة، وكأن كل حاج يحاول أن يختزن اللحظة في ذاكرته قبل الرحيل.
بعضهم كان يوثّق الوداع بصور سريعة بهاتفه المحمول، وآخرون تبادلوا أرقام الهواتف وحسابات التواصل، بينما علت أصوات الدعاء بأن يجمعهم الله مرة أخرى في مواسم قادمة من الحج.

على الأرض المفروشة بالخيام البيضاء، التي تحولت خلال أيام التشريق إلى واحة للسكينة والتأمل، وقف الحجاج للحظة يتأملون المكان الذي احتضن دعواتهم وسكناتهم ودموعهم، ثم مشوا نحو المخارج بخطوات ثقيلة وكأنهم يغادرون قطعة من قلوبهم، فمنى لم تكن بالنسبة لهم مجرد مشعر من مشاعر الحج، بل كانت تجربة روحية كاملة، امتزج فيها الإيمان بالتجرد، والصبر بالمحبة، والنسك بالأخوة الصادقة.

وقال حاج وهو يهم بالمغادرة إن الوداع كان صعبًا على قلبه، خاصة بعدما كوّن صداقات جديدة مع حجاج من بلدان مختلفة جمعتهم ظروف واحدة وأحاديث مطولة في خيام منى.


وأضاف أنه شعر بأن الروح قد تنقّت من هموم الدنيا في هذه الأيام التي قضاها في عبادة متواصلة وسط أجواء إيمانية لا تُضاهى.

أما حاجة، فقد أعربت عن حزنها لمغادرة منى، مؤكدة أنها شعرت بأن كل لحظة عاشتها هناك كانت مليئة بالسكينة والطمأنينة.


وقالت إن أكثر ما أثر فيها هو مشهد النساء من مختلف الجنسيات وهن يشاركن الطعام والدعاء والأحاديث الصادقة داخل الخيام، مشيرة إلى أنها تبادلت أرقام الهاتف مع بعضهن على أمل أن يبقين على تواصل وأن يجتمعن يومًا في رحلة أخرى للحج أو العمرة.

وبدأت قوافل الحجاج المتعجلين بالتوجه نحو المسجد الحرام لاستكمال طواف الوداع، وهو آخر مناسك الحج.
وكان الهدوء والسكينة يغلبان على الوجوه، بينما العين ترمق خيام منى للمرة الأخيرة، وكأنها تحاول أن تلتقط كل التفاصيل في الذاكرة لتبقى خالدة بعد العودة إلى الوطن.

لحظات الوداع في منى لم تكن فقط مشهدًا إنسانيًا عابرًا، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن عمق الأثر الذي تتركه رحلة الحج في نفوس الحجاج، فمن خلال أيام معدودات، عاشوا فيها روح الجماعة، وتجردوا من مظاهر الدنيا، وانشغلوا بذكر الله ومناجاته، تشكّلت روابط إنسانية وعاطفية بينهم وبين المكان، وبينهم وبين من شاركوهم هذه الرحلة المباركة.

وقد أثنى الحجاج على التنظيم الدقيق الذي ساعدهم على أداء المناسك بيسر، مؤكدين أن الانضباط والجهود الخدمية والأمنية التي شهدوها أسهمت في جعل التجربة سلسة وآمنة ومريحة. كما عبّروا عن امتنانهم للرعاية الصحية والتوعية المستمرة والخدمات اللوجستية التي جعلت من هذه الرحلة ذكرى إيمانية خالدة في قلوبهم.

وبينما تحرّكت آخر قوافل المتعجلين نحو مكة، ارتفعت الدعوات الصادقة بأن يُكتب لهم الحج مرة أخرى، وأن يعودوا إلى هذه الأماكن الطاهرة وقد تقبّل الله منهم، وغفر لهم، ورفع عنهم كل ذنب ووزر. فالحج ليس فقط عبادة، بل حياة جديدة تبدأ من هنا، وذكرى تبدأ في منى ولا تنتهي في القلب.

موضوعات متعلقة

Trending Plus

الأكثر قراءة

زيزو عن مشاركته الأولى فى كأس العالم للأندية: "متحمس جدا"

12 لاعباً لن تراهم مع الأهلي أمام باتشوكا الليلة.. أبرزهم وسام أبو علي

صراع الوكلاء يغير وجهة الجزائري زين الدين بلعيد للوكرة القطري بدلا من الزمالك

أفلام عيد الأضحى تحقق إيرادات 20 مليون جنيه في ثاني أيامه

ريمونتادا وراية قاتلة وركلات ترجيح.. ذكريات من مواجهات الأهلي ضد باتشوكا


السباحة فى بحيرات الملح بواحة سيوة تجربة فريدة.. تمنح العلاج مع متعة الطفو على سطحها بسبب كثافة الملح.. تزايدت شهرتها بين السياح الأجانب بعدما أبهرت مشاهير العالم المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى.. صور

قبل زفاف نجله بأيام.. شهيد الشهامة سائق شاحنة البنزين ينقذ مدينة ويفارق الحياة

مسيرات تلاحق السفينة "مادلين" مع اقترابها من سواحل غزة

دونجا الأغلى في قائمة الزمالك بعد رحيل زيزو إلى الأهلي.. إنفو جراف

أنقذ العاشر من رمضان من كارثة محققة.. لحظة تضحية سائق شاحنة البنزين بحياته


وفاة سائق شاحنة البنزين بالعاشر من رمضان داخل المستشفي متأثرا بإصابته

ما تفوتش المراجعة دى.. أهم نقاط المنهج فى مادة التاريخ للثانوية العامة

البطل يحصد 125 مليون دولار.. جوائز مالية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية

احتجاز خابى لام أشهر مستخدم تيك توك لانتهاكه قوانين الهجرة الأمريكية

قائمة الأهلى لمواجهة باتشوكا المكسيكى بقيادة بن رمضان وتريزيجيه

وزارة العمل تعلن عن وظائف بشركة أدوية بمرتبات تصل لـ12 ألف جنيه.. تفاصيل

3 مواسم مدة تعاقد الزمالك مع الجزائري زين الدين بلعيد

سيطرة مصرية على جوائز الأفضل فى موسم الاسكواش 2025

بداية يوليو.. فتح باب التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل

للعامل مثلي أجر اليوم الذى عمله في الأعياد الرسمية أو يوم عوضا عنه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى