الكنيسة تحتفل بـ"عيد العنصرة" اليوم.. آخر الأعياد السيدية الكبرى وختام موسم القيامة.. حلول الروح القدس على التلاميذ بعد 50 يومًا من القيامة.. صلاة السجدة أبرز الطقوس وتُقام 3 مرات.. وفى العيد يبدأ صوم الرسل

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأحد أعيادها السيدية الكبرى، وهو عيد العنصرة أو ما يُعرف أيضًا بـ"عيد حلول الروح القدس"، والذي يوافق هذا العام اليوم الأحد 8 يونيو 2025. ويُعد هذا العيد ختامًا لموسم الأعياد الكبرى، ويقع بعد خمسين يومًا من عيد القيامة المجيد، ويُطلق عليه أيضًا اسم "عيد الخمسين".
يأتي هذا العيد بعد خمسين يومًا من عيد القيامة المجيد، أي في اليوم الذي يوافق حلول الروح القدس على تلاميذ السيد المسيح بعد صعوده بعشرة أيام، وهم مجتمعون بنفس واحدة يصلون، كما يروي سفر أعمال الرسل. ولا يكون موعده ثابت في التقويم إذ يعتمد على موعد عيد القيامة والذي يتغير من عام لآخر فيقع دائما بين 10 مايو و13 يونيو.
في يوم العنصرة، بحسب ما جاء في (أعمال الرسل 2: 1-6)، "هبّ من السماء صوت كريح عاصفة وملأ البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة من نار واستقرت على كل واحد منهم، وامتلأ الجميع من الروح القدس وبدأوا يتكلمون بألسنة جديدة". كان هذا الحدث إيذانًا بميلاد الكنيسة، إذ سمع الحاضرون من مختلف الجنسيات التلاميذ يتحدثون بلغاتهم، في مشهد أعاد الوحدة للبشرية بعد انقسام الألسن في برج بابل.
ويعتبر هذا اليوم حصادًا لخلاص يسوع للبشرية، إذ منحهم الروح القدس مواهب متعددة، منها: الحكمة، والعلم، والإيمان، والشفاء، وتمييز الأرواح، والتكلم بألسنة، بحسب ما ورد في (1 كورنثوس 12: 4-12).
يرتبط العيد برموز رقمية في غاية العمق، فاليوبيل الذي يعني الحرية يأتي بعد خمسين عامًا، كذلك العنصرة بعد خمسين يومًا من القيامة، وهو ما يرمز إلى الحياة الجديدة بعد الفداء. ويحمل الرقم 8 في المفهوم الكنسي معنى بداية جديدة، وهو اليوم الأول من الأسبوع الثامن بعد القيامة.
من أبرز طقوس عيد العنصرة في الكنيسة القبطية، "صلاة السجدة" التي تُقام بعد ظهر العيد، وتبدأ في الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر)، نفس توقيت موت المسيح على الصليب.
يرتبط هذا الطقس بفكرة الذبيحة المسائية في العهد القديم، وهو يُعبر عن دخول المؤمنين إلى الأقداس السماوية بقوة الروح القدس.
وتُقام ثلاث سجدات في هذا الطقس:
1. السجدة الأولى: تتضمن صلاة يسوع الشفاعية (يوحنا 17).
2. السجدة الثانية: عن وعد المسيح للتلاميذ بإرسال الروح القدس، وتحققه.
3. السجدة الثالثة: تتحدث عن بركات الروح القدس، ومنها "الماء الحي" الذي يرمز للحياة بالروح.
وتُصلى أول سجدتين خارج الهيكل، ثم تُقام السجدة الثالثة داخل الهيكل، في إشارة رمزية إلى الانتقال من خارج الحظيرة الإلهية إلى داخلها، بفعل حلول الروح القدس.
وفقًا للتقليد الكنسي، كان يُلاحظ في فترات تاريخية أن هبوب الرياح كان يحدث فعلًا أثناء صلاة السجدة، ولا يهدأ إلا عند سجود الشعب، ما يضفي بُعدًا روحيًا عميقًا على الطقس.
كما تُركّز قراءات اليوم على مفهوم "المسحة المقدسة"، أي أن الروح القدس قد سكن فيهم وجعلهم هياكل لله.
ومنذ صعود المسيح وحتى حلول الروح القدس، أمضى التلاميذ عشرة أيام في الهيكل يصلون في خلوة، حتى تحقق الوعد، وحل الروح، وبدأت الكنيسة تنطلق إلى كل الأمم.
ويؤكد هذا العيد، في جوهره، على أن الكنيسة ليست مجرد مؤسسة، بل جسد حي، ممتلئ بالروح، يعيش بقيادة الله وروحه القدوس إلى أبد الدهور.
ويعد عيد العنصرة رفاع صوم الرسل في الكنيسة، والذي يبدأ، غدًا، اليوم التالي يوم الاثنين 9 يونيو، إذ يُختتم به زمن الخماسين المقدسة، ويدخل بعدها الشعب في صوم الرسل، استعدادًا لمواصلة رسالة الكنيسة في ضوء الروح القدس، تمامًا كما فعل التلاميذ في يوم الخمسين.
Trending Plus