جمال عبد الناصر يكتب: السينما في الأعماق.. عندما يصبح المحيط شاشة ثانية

في كل عام، وتحديدًا في الثامن من يونيو، يأتي "اليوم العالمي للمحيطات"، وأتذكر دائمًا الأفلام السينمائية العالمية والمصرية التي أنتجت وقدمت فوق الأمواج وتحت أعماق المحيطات فلا يمكن إغفال الدور الذي لعبته السينما العالمية والمصرية في توثيق وتخييل هذا العالم البحري الواسع، سواء كخلفية سردية أو كبطل حقيقي داخل القصة.
واليوم والعالم يحتفي بالمساحات الزرقاء التي تغطي أكثر من 70% من سطح الأرض وتؤثر في مناخ الكوكب وبيئته واقتصاده. وبينما تتجه الأنظار في هذا اليوم إلى الجهود البيئية والبحثية، أتذكر أنا ما اتخيله في هذه المساحات الزرقاء وكيف جسدتها السينما ، فالمحيطات لم تكن مجرد ديكور، بل كانت في كثير من الأفلام مساحة للصراع الوجودي، والنجاة، والتأمل الفلسفي، وحتى الرعب، ولدينا أفلام وثائقية عالجت الحياة البحرية، وظهرت أفلام روائية جمعت بين الواقعية والخيال، أبهرت بها جماهير العالم، وأسست لتقاليد فنية قائمة على البحر كمجال سردي بصري.
في مقدمة هذه الأعمال، يبرز فيلم الفك المفترس (Jaws) الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ عام 1975، كأحد أبرز الأفلام التي جعلت من البحر مصدرًا دائمًا للتهديد، وخلق لدى الجمهور العالمي فوبيا من السباحة المفتوحة، وعلى الجانب الآخر، حمل فيلم "تيتانيك" للمخرج جيمس كاميرون (1997) دفقات رومانسية مأساوية وسط أمواج الأطلسي، مجسدًا واحدة من أعظم الكوارث البحرية وأكثرها تصويرًا على الشاشة، بينما منح "Life of Pi" (2012) البحرَ دورًا روحيًا وفلسفيًا في رحلة النجاة الرمزية لصبي هندي ونمر مفترس.
وفي السياق نفسه، قدم فيلم "The Perfect Storm" (2000) دراما إنسانية حقيقية لمواجهة الطبيعة في أقسى تجلياتها، أما فيلم "The Abyss" فجعل من أعماق المحيط مسرحًا للغموض والخيال العلمي. كما أعادت أفلام الأنيميشن مثل "Finding Nemo" و"Finding Dory" اكتشاف البحر بألوانه ومرحه وعوالمه المدهشة.
وهناك أيضا فيلم في قلب البحر (In The Heart Of The Sea ) فيلم مغامرات امريكي تم إنتاجه عام 2015 ، والفيلم مبني على القصة الحقيقية لسفينة صيد الحيتان (إيسكس) التي هوجمت وأًغرقت من قبل حوت عنبر في جنوب المحيط الهادي عام 1820. وهي القصة التي ألهمت الكاتب (هيرمان ميلفيل) ليكتب روايته الشهيرة (موبي ديك)
أما السينما المصرية، فرغم قلة إنتاجها في هذا النوع، فإنها سجلت محاولات جادة في تصوير البحر كبطل سردي، ويُعد فيلم "جحيم تحت الماء" (1989) للفنان سمير صبري من أبرز تلك التجارب، حيث خاض الممثلون مغامرات في أعماق البحر ضمن عملية تفجيرات بحرية في إطار من التشويق، وأيضا لدينا فيلم " جزيرة الشيطان " للفنان عادل امام ويسرا وهو فيلم كانت اغلب احداثه في الأعماق وعلي سطح البحر.
اليوم، ومع تصاعد الاهتمام البيئي بالمحيطات، تعود هذه الأفلام لتُذكرنا أن السينما لم تكن فقط مرآة لعلاقتنا مع البحر، بل شريكًا في صياغة وعي إنساني طويل تجاهه، ويبدو أن المحيطات، كما الحياة، لا تزال تحتفظ بأسرارها، وتنتظر دائمًا من يرويها.
Trending Plus