يوم القر.. حجاج البيت العتيق يرمون الجمرات الثلاث فى أول أيام التشريق.. قطار المشاعر ينقل أكثر من مليون حاج.. منصات الذكاء الاصطناعى والاستشعار عن بعد لخدمة ضيوف الرحمن.. وتوزيع جداول تفويج الحجاج لرمى الجمرات

بقلوب يملؤها الإيمان والخشوع، استقبل حجاج بيت الله الحرام أمس السبت الذى يوافق الحادي عشر من شهر ذي الحجة، أول أيام التشريق الذى يسمى "يوم القر"، ويواصل الحجاج إقامتهم في مشعر منى خلال أيام التشريق، لإكمال نسكهم.
وقام الحجيج برمى الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، تأسيًا واتباعًا بهدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسط منظومة خدمية وأمنية متكاملة، وإجراءات تنظيمية دقيقة سهّلت انسيابية حركة الحشود داخل منشأة الجمرات.
وجاءت عملية الرمي وفق خطة تفويج محكمة، نُفذت بتعاون وتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وبمتابعة ميدانية فورية، أسهمت في تحقيق أعلى درجات السلامة والأمان للحجاج، وتمكينهم من أداء نسكهم في أجواء يسودها الطمأنينة والسكينة.
ويسمي "يوم القر"؛ لأن الحجيج يستقرون في مشعر منى، لنيل قسط من الراحة، بعد تأديتهم أعمال يوم النحر، التي تشمل رمي الجمرات، والحلق، وذبح الهدي لمن عليه دم، وطواف الإفاضة، وهو من الأيام التي لها فضل عظيم، فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ".
ويقضي الحجاج في مشعر منى ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، أو ليلتين لمن أراد التعجل، تحقيقًا لقوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"، حيث ينعم ضيوف الرحمن بأجواء إيمانية، تحفها الراحة والطمأنينة والسكينة، ويقضون في مخيماتهم أوقاتًا للتهليل والتكبير وتلاوة القرآن، والدعاء والابتهال إلى المولى القدير أن يتقبل منهم مناسكهم.
جداول تفويج الحجاج
وفى سياق الخطة المُنظمة لحركة حشود الحجاج خلال أيام التشريق، استكملت وزارة الحج والعمرة السعودية توزيع الجداول الزمنية الخاصة بتفويج الحجاج لرمي الجمرات، بما يضمن تحقيق أعلى معايير السلامة والانسيابية، ويُسهم في تحسين تجربة الحاج في المشاعر المقدسة.
وجرى إعداد الجداول بما يراعي مواقع سكن الحجاج ومسارات التنقل، ويعتمد على استخدام وسائل النقل المخصصة من حافلات وقطار المشاعر، بما يضمن تفويجًا منظمًا وآمنًا إلى منشأة الجمرات، وتُعزّز هذه الخطة النتائج الإيجابية التي تحققت في الأيام الماضية، بما في ذلك تفويج الحجاج إلى منشأة الجمرات صباح عيد الأضحى، وجرت العمليات بانسيابية تامة ودون تسجيل ازدحامات.
وتأتي هذه الخطوة ضمن إستراتيجية متكاملة أعدتها الوزارة لإدارة التفويج خلال موسم حج 1446هـ، مستندةً إلى نموذج تشغيلي موحّد يربط الجهات التنظيمية والخدمية عبر "مركز التفويج والعمليات المشتركة"، الذي يُعد من أبرز التحولات في منظومة إدارة الحشود لهذا العام.
وعلى صعيد متصل يواصل "مركز الرصد والتحكم" التابع للوزارة أداءه على مدار الساعة، مدعومًا بشبكة من الكاميرات الذكية ونظام تتبع مركزي، إضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد مؤشرات التكدس، وإعادة توجيه الحشود متى دعت الحاجة، وقد أسهمت بطاقة "نسك" الرقمية في ضبط الدخول إلى منشأة الجمرات وفق الجداول المحددة، بالتكامل مع منصتي "نسك" و"توكلنا".
ويُعد تنفيذ خطط التفويج خلال الأيام الماضية، واستكمال توزيع جداول التفويج لأيام التشريق، تأكيدًا على نضج المنظومة التشغيلية، ومدى تكاملها مع مستهدفات "برنامج خدمة ضيوف الرحمن"، أحد برامج رؤية المملكة 2030، في تقديم تجربة حج أكثر تنظيمًا ومرونة وجودة.
منصات الذكاء الاصطناعى
وفى إطار تحسين الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تدشين منصة ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي، التي تُعد نقلة نوعية في مجال تكامل التقنيات الحديثة للمراقبة والاستطلاع لدعم متخذي القرار في إدارة الحشود وتأمين سلامة ضيوف الرحمن، حيث تعتمد على تقنيات متطورة تجمع بين الاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية لتحليل الصور الفضائية بدقة عالية؛ مما يوفر رؤية شاملة للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
وتمثل المنصة الذكية نموذجًا طموحًا للتحول الرقمي ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتجسد التزام المملكة بتوظيف أحدث التقنيات العالمية لخدمة ضيوف الرحمن في مجال الذكاء الاصطناعي لتأمين المشاعر المقدسة، مما يضمن للحجاج والمعتمرين أداء مناسكهم في بيئة آمنة، وتطوير البنية التحتية المعرفية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين تحقيقًا لأعلى معايير الأمن والسلامة.
وتقدم المنصة رؤية متكاملة للمشهد العام في إدارة الحشود الضخمة خلال مواسم الحج والعمرة، وتسهم في رفع كفاءة تقنيات المراقبة والاستطلاعات الأمنية وتحسين الاستجابة الميدانية من خلال تزويد الجهات المختصة بإحصائيات وبيانات متكاملة، وتقدم آليات لرصد التغيرات في درجات الحرارة على سطح الأرض خاصة للجزر الحرارية، إضافةً لرصد الأنماط غير النظامية.
وتعرض المنصة إحصائيات ومقارنات بين بيانات الموسم الحالي والمواسم السابقة؛ مما يسهم في التخطيط المستقبلي وتطوير الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، وتستفيد من خدمات المنصة العديد من القطاعات الأمنية التابعة للمديرية العامة للأمن العام بمختلف قطاعاتها الحيوية في موسم الحج، مما يعزز التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، ويدعم الاستجابة المتكاملة للتحديات المحتملة.
وعلى صعيد خدمات الحجاج أيضا ، سجل قطار المشاعر المقدسة إنجازًا لافتًا بنقله أكثر من مليون راكب منذ بداية موسم الحج لهذا العام، في خطوة تعكس الكفاءة التشغيلية العالية والجهود المتكاملة لتيسير حركة الحجاج بين المشاعر.
ويُعد قطار المشاعر أحد أبرز مشاريع النقل الحديثة في المملكة، حيث يسهم بشكل كبير في تخفيف الازدحام، وتقليص زمن التنقل، وتعزيز السلامة المرورية خلال أداء مناسك الحج، وسط منظومة خدمات متطورة وإشراف دقيق من الجهات المعنية.
Trending Plus