دموع ووداع وتوثيق.. الحجاج المتعجلون يختتمون مناسكهم فى مشهد روحانى مؤثر.. رحلة ضيوف الرحمن تتواصل بين الروحانية والرعاية المتكاملة.. الحجيج يتجهون إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوى والروضة الشريفة

في أجواء روحانية مفعمة بالإيمان والسكينة، أدى الحجاج المتعجلون طواف الوداع بمحيط الكعبة المشرفة، مختتمين بذلك مناسك الحج بعد أن أتموا رمي الجمرات، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة.
وكانت مشاعر الوداع مؤثرة ومفعمة بالرهبة والخشوع، حيث انهمرت الدموع من أعين الحجاج في لحظاتهم الأخيرة داخل المسجد الحرام، وسط دعواتهم بأن يتقبل الله منهم حجهم ويكتبه مبرورًا وسعيهم مشكورًا.
وبين التهليل والتكبير، وثّق الحجاج هذه اللحظات بكاميراتهم وهواتفهم المحمولة، حيث حرصوا على التقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو التي ستظل شاهدة على رحلتهم الإيمانية، وكانت هذه التوثيقات بمثابة رسائل حب وامتنان لله، وختم لحكاية روحية سيظل أثرها خالدًا في نفوسهم.
ومع انتهاء مناسكهم في مكة المكرمة، يستعد الحجاج المتعجلون للتوجه إلى المدينة المنورة، حيث تنتظرهم محطة إيمانية لا تقل قدسية وروعة، تبدأ بزيارة المسجد النبوي الشريف، والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وزيارة الروضة الشريفة التي ورد في فضلها أنها روضة من رياض الجنة. وتُعد هذه الزيارة من النوافل المحببة لدى المسلمين، خصوصًا بعد أداء فريضة الحج، لما لها من روحانية خاصة وتكامل في المعاني الدينية.
في هذا السياق، وضعت بعثات الحج ترتيبات دقيقة لتفويج الحجاج من مكة إلى المدينة المنورة، حيث ستتم عملية النقل عبر حافلات مكيفة مزودة بكافة سبل الراحة والأمان، بإشراف كامل من الجهات المختصة.
كما تم حجز فنادق على مقربة من الحرم النبوي لتسهيل حركة الحجاج، وضمان أدائهم للزيارات والصلوات في الروضة الشريفة والمسجد النبوي بأريحية ويسر.
وتشمل البرامج المخصصة للمدينة المنورة زيارات دينية وتاريخية إلى مواقع إسلامية بارزة، منها مسجد قباء، وجبل أُحد، ومقبرة البقيع، مما يضفي طابعًا روحيًا وتاريخيًا على الرحلة، ويُعمق فهم الحجاج للبعد النبوي في الإسلام.
من جانبه، أكد مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية ورئيس بعثة الحج الرسمية، أن الحجاج المصريين بخير، وأن غرفة العمليات المركزية تتابع أوضاعهم أولاً بأول، مشددًا على أن الضباط والضابطات المرافقين للبعثة يتواجدون بصورة دائمة بين الحجاج لتقديم الدعم اللازم وتسهيل كافة الإجراءات المتعلقة بالتنقل والإقامة.
وأشار إلى أن البعثة أولت اهتمامًا خاصًا بالحالات الإنسانية، سواء من كبار السن أو المرضى، من خلال فرق متخصصة تعمل على مدار الساعة لتوفير الرعاية والدعم الكامل لهم، ما يعكس روح التكافل والرحمة التي تتجلى في خدمة ضيوف الرحمن.
وعلى الصعيد الصحي، صرح الدكتور محمد مصطفى، رئيس البعثة الطبية، بأن الوضع الصحي للحجاج مطمئن للغاية، وأن جميع العيادات الطبية التابعة للبعثة تعمل بكفاءة وفعالية في متابعة الحالات الصحية وتقديم العلاج اللازم بشكل فوري. وأوضح أن الفرق الطبية ما زالت توجه الحجاج بضرورة تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة خلال فترات الظهيرة، لتفادي الإجهاد الحراري وضربات الشمس، مشددًا على أهمية الإكثار من شرب المياه واستخدام وسائل الحماية الشخصية مثل المظلات والقبعات.
وفي السياق الديني، أكد الشيخ شريف إبراهيم، رئيس بعثة الوعظ، أن العلماء ووعاظ الأزهر والأوقاف يرافقون الحجاج في كل مواقعهم، ويقومون بدور توعوي كبير من خلال الشرح المستفيض للمناسك والإجابة على جميع الاستفسارات الشرعية، سواء في المسائل العامة أو الخاصة.
وشدد على أهمية وجود الواعظات بين الحاجّات، مشيرًا إلى أن هذا التواجد ساعد في الإجابة عن العديد من الأسئلة الدقيقة التي تطرحها السيدات، خاصة تلك التي تتعلق بالأحكام الخاصة بهن، ما أضفى طمأنينة كبيرة على الحاجّات وشعورًا بالراحة النفسية والدينية.
ومع اقتراب نهاية الرحلة، يعيش الحجاج المصريون مشاعر مختلطة ما بين الامتنان والرهبة، وقد أدّوا الفريضة الأعظم في الإسلام، وانتقلوا بين مشاعر الخوف من عدم القبول والرجاء في رحمة الله. ويظل الحج تجربة فريدة من نوعها، لا تشبهها رحلة أخرى، حيث تكتمل فيها أبعاد العبادة والروح والجسد، ويتحقق فيها معنى التجرّد من الدنيا والتوجه الخالص لله.
وتبقى هذه الرحلة محفورة في القلوب والعقول، بلحظاتها ومواقفها ومشاهدها، من النفرة من عرفات، إلى المبيت في منى، إلى الطواف بين الحشود، والدموع عند باب الكعبة، والسكون في الروضة الشريفة. إنها رحلة العمر التي يأمل كل مسلم أن يكررها، ويُدرك من خلالها عظمة الإسلام، ولذة القرب من الله، وسكينة الإيمان التي لا تُقدّر بثمن.
Trending Plus