زعماء العالم يتحدون لإنقاذ المسطحات المائية.. انطلاق فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في نيس الفرنسية.. باريس تدفع نحو التصديق على اتفاقات مكافحة الصيد الجائر وأعالي البحار.. تحقيق التنمية المستدامة أولوية

انطلقت أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات "UNOC3"، الاثنين، والذى يمتد على مدار 5 أيام ويختتم فعالياته 13 يونيو الجارى، في مدينة نيس الفرنسية، تحت رئاسة كل من فرنسا وكوستاريكا، ويستهدف المؤتمر الحشد الدولي لحماية المحيطات وتنفيذ الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام.
وافتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القمة رفيعة المستوى، ويواجه زعماء العالم ضغوطا متزايدة لتبني مواقف أكثر صرامة بشأن الصيد الجائر، والتلوث، وحماية المحيطات، وتحويل عقود من الوعود إلى حماية حقيقية.
إذ تُشكّل المحيطات حاجزًا واقيًا من أسوأ آثار تغيّر المناخ، وتُساعد على استدامة الحياة، ويحذر الخبراء من أنه بدون محيطات سليمة، ستظل أهداف المناخ بعيدة المنال.
وتنتج المحيطات نحو 50% من الأكسجين، وتمتص حوالي 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتلتقط أكثر من 90% من الحرارة الزائدة الناجمة عن تلك الانبعاثات، وفقا لموقع أفريكا نيوز.
وتم تصنيف 8% فقط من المياه كـ مناطق بحرية محمية، ولكن أقل من 3% من المحيطات تتمتع بالحماية الكافية لمنع الأنشطة الاستخراجية والتدميرية.
ومن جهته قال هوجو تاجهولم، المدير التنفيذي لمنظمة أوشيانا في المملكة المتحدة، إنه "من المهم للغاية" أن يتم حمايتهم بشكل صحيح.
وأضاف أن "المناطق البحرية المحمية هي في الواقع نقاط جذب للتنوع البيولوجي، ونظم بيئية مهمة، بالطبع بالنسبة للطبيعة، ولكنها أيضا مولدات للحياة التي يمكن أن تساعد في دعم المجتمعات الساحلية في جميع أنحاء العالم".
ويحذر العلماء من أن فقدان النظم البيئية، وتغير المناخ، والتلوث البلاستيكي، والإفراط في استخدام الموارد البحرية، كلها عوامل تدفع محيطاتنا إلى نقطة اللا عودة.
ومن أهم أولويات الاجتماع زيادة عدد الدول المصدقة على ما يسمى بمعاهدة أعالي البحار إلى 60 دولة حتى تدخل المعاهدة حيز التنفيذ.
وقالت ريبيكا هوبارد، مديرة تحالف أعالي البحار: "إن معاهدة أعالي البحار ضرورية لضمان قدرتنا على حماية التنوع البيولوجي في المحيط الذي يغطي نصف كوكب الأرض".
تم اعتماد هذا القرار في عام 2023، وسيسمح لأول مرة للدول بإنشاء مناطق بحرية محمية في المياه الدولية، والتي تغطي ما يقرب من ثلثي المحيط وهي غير خاضعة للحكم إلى حد كبير.
وقال هوبارد: "لا يوجد قانون يمنحنا هذه القدرة، ونحن الآن في خضم أزمة التنوع البيولوجي والمناخ، ويتعين علينا حماية المحيط تمامًا حتى نتمكن من معالجة هذه الأزمات".
وحث ما يقرب من 60 رئيس دولة وحكومة يشاركون في قمة الأمم المتحدة على طرح أفكار ملموسة وتوفير التمويل اللازم لمعالجة "الحالة الطارئة" التي تواجه محيطات العالم.
وستشكل نتائج المناقشات الأساس لخطة عمل نيس للمحيطات، وهي إعلان للالتزامات الطوعية سيتم اعتمادها بالإجماع وتقديمها إلى الأمم المتحدة في نيويورك في يوليو المقبل.
وبدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة لأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وسط حضور ما لا يقل عن 100 وفد من مختلف دول العالم، من بينهم نحو 50 رئيس دولة أو حكومة، وآلاف المندوبين والعلماء وممثلي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وجميع الجهات المعنية بالحفاظ على المحيطات.
ويهدف المؤتمر بشكل أساسي إلى "تسريع العمل وتعبئة جميع الجهات المعنية للحفاظ على المحيطات واستخدامها على نحو مستدام"، كما تتمثل مهمة هذه الدورة الثالثة في اتخاذ التزامات ملموسة، وتشجيع شراكات جديدة، وتوفير حلول دائمة للتهديدات المتزايدة على النظم البيئية البحرية.
كما تأمل فرنسا في الدفع نحو التصديق على اتفاقيات مكافحة الصيد غير المشروع والصيد الجائر.
ومن المتوقع إنشاء مناطق بحرية محمية جديدة، فقد أعلنت أنييس بانييه-روناشيه وزيرة التحول البيئي، أن "العديد من الدول ستمضي قدما في مجال المناطق البحرية المحمية وتوسعها"، كما ذكرت أن فرنسا ستعلن خلال هذه القمة عن قرارات جديدة، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز "مستوى الحماية".
ويركز المؤتمر على 3 أولويات، العمل على إتاحة عمليات متعددة الأطراف تخص المحيطات بغية رفع مستوى الأهداف الرامية إلى حمايتها؛ وحشد التمويل للحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة ودعم تنمية اقتصاد أزرق مستدام من خلال تعبئة الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية، وتعزيز المعارف المتعلقة بعلوم البحار وتحسين أوجه نشرها من أجل إتاحة اتخاذ قرارات سياسية أفضل.
يعقد المؤتمر على مدار خمسة أيام في مدينة "نيس" الساحلية، في جنوب شرق فرنسا، مع جلسات عامة كل صباح، تدلي خلالها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، ببيانات حول التزامها تجاه المحيطات، كما تعقد بعد ظهر كل يوم جلسات تجمع الدول الأعضاء والوكالات الأممية وممثلي المجتمع المدني.
وتتيح هذه الحوارات وهي "جلسات عمل بشأن المحيطات"، مشاركة مختلف الجهات المعنية، وتشكيل تحالفات، كما ترسخ فكرة العمل من خلال اقتراح حلول ملموسة مع جميع المشاركين، وسيتم اعتماد "خطة عمل نيس للمحيطات"، التي تتضمن إعلانا سياسيا وقائمة بالتزامات طوعية تقطعها الجهات الفاعلة، عقب هذه المناقشات.
ومن المتوقع أن يمثل هذا المؤتمر نقطة تحول في التعاون الدولي بشأن المحيطات، وينصب التركيز على العمل والحلول الملموسة والخبرات المتكاملة.. ففي نيس، يجتمع باحثون وصناع قرار ومواطنون وجهات معنية اقتصادية لدعم قضية تهم العالم أجمع وهي الحفاظ على المحيطات واستخدامها بشكل مستدام.
Trending Plus