"الأوقاف" توضح مسئولية السائق في الشريعة الإسلامية بعد ارتفاع حوادث الطرق.. وتوكد: السائق مسئول أمام الله عن كل لحظة يقضيها خلف عجلة القيادة.. وقيادة السيارة ليست فقط مهارة فنية بل مسئولية شرعية وأخلاقية

قالت وزارة الاوقاف لقد شهدت الطرقات في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حوادث السيارات، مما نتج عنه خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات،هذا الانتشار الكارثي للحوادث لم يعد مجرد أرقام، بل أصبح مأساة يومية تمسّ جميع فئات المجتمع، والأخطر أن بعضها يحدث نتيجة لإهمال بسيط يمكن تفاديه بسهولة. تشكّل هذه الحوادث تهديدًا حقيقيًا لأمن المجتمع واستقراره. لذا بات من الضروري إعادة النظر في سلوكيات القيادة من منظور ديني وأخلاقي.
تعريف قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" ومصدرها
"لا ضرر ولا ضرار" قاعدة نبوية عظيمة وردت في حديث نبوي شريف، وهي تُعَد من الأصول الكلية في الفقه الإسلامي، وتعني أن الإنسان لا يجوز له أن يُوقع الضرر بغيره، ولا أن يردّ الضرر بضرر آخر، وهذه القاعدة تُعبّر عن روح العدالة والرحمة التي يتميز بها التشريع الإسلامي، وتُستخدم هذه القاعدة لتقويم السلوكيات الخاطئة التي تُسبب الأذى للآخرين؛ لذا فإنها تُعد مبدأ أساسيًا في كل ما يتعلق بحقوق الناس وسلامتهم.
العلاقة بين الإهمال المروري والضرر على الغير
كل تصرف متهور في الطريق قد يؤدي إلى إيذاء شخص آخر بريء، وهذا يُعد من صُور الضرر المنهي عنه. فالسائق المهمل لا يضرّ نفسه فقط، بل يُهدد حياة المارة والمسافرين، إن السرعة المفرطة، وتجاوز الإشارات، واستخدام الهاتف أثناء القيادة، كلها مظاهر لوقوع الضرر، والشرع الإسلامي لا يبرر مثل هذا التهاون، ويعتبره مخالفة شرعية، ومن هنا تتضح العلاقة المباشرة بين قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" وأخلاقيات القيادة.
مسؤولية السائق في الشريعة الإسلامية
السائق المسلم مسؤول أمام الله عن كل لحظة يقضيها خلف عجلة القيادة. فقيادة السيارة ليست فقط مهارة فنية، بل مسؤولية شرعية وأخلاقية. إذا نتج عن إهماله حادث، فإنه يُحاسب على الضرر الذي ألحقه بالآخرين، ولهذا، يجب عليه الالتزام بقواعد المرور والحرص على سلامة الطريق فالمسلم الحقّ يُدرك أن حُسن القيادة جزء من حسن الخلق.
الإجراءات الوقائية وتطبيق الوسطية في القيادة
الإسلام يوجّه أتباعه إلى الوقاية والحذر، وهو ما ينعكس في تعليماته المرتبطة بالسلوكيات اليومية، فمن الضروري فحص المركبة، وربط حزام الأمان، واحترام السرعة المحددة.
كما أن القيادة المتزنة تُجسّد مبدأ الوسطية، بعيدًا عن الاستهتار أو التشدّد. هذه الوقاية لا تعني فقط تجنّب الأذى، بل هي تعبير عن وعي ديني ومسؤولية اجتماعية، وبتطبيق هذه المفاهيم، نُسهم في حماية الأرواح وتقليل المخاطر.
نماذج من تطبيق القاعدة في الواقع
هناك الكثير من المواقف التي تُظهر آثار الالتزام بقاعدة "لا ضرر ولا ضرار". كسائق يتوقف احترامًا لأولوية المرور، أو يتجنّب تجاوز خطر حفاظًا على الآخرين.
كما نجد من يسارع لإسعاف مصاب أو يُبلّغ عن سائق متهور لحماية المجتمع، وهذه النماذج توضح كيف يتحول الالتزام الشرعي إلى سلوك حضاري؛ فبتصرف بسيط يمكن إنقاذ حياة أو منع مأساة.
دور الدولة والمجتمع في الحد من الحوادث
الدولة مطالَبة بسنّ قوانين رادعة، وتشديد العقوبات على المتهورين للحفاظ على الأرواح . كما أن المجتمع يلعب دورًا مهمًا عبر التوعية والثقافة والإرشاد، ومناهج المدارس، وخُطب الجمعة، وحملات الإعلام تزرع في الجيل الجديد ثقافة المسؤولية.
كذلك يجب تشجيع المبادرات المجتمعية والمشاركة في الرقابة الشعبية، فتكاتف الجميع هو السبيل الحقيقي لبناء بيئة مرورية آمنة.
تُُعدّ حوادث السيارات من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، وتُبرز قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" وجوب احترام الأرواح والممتلكات والالتزام بسلوكيات القيادة الواعية.
الشرع الإسلامي يوازن بين الحرية والمسؤولية، ويحث على الوقاية والاحترام المتبادل، وبتطبيق هذه القاعدة، يمكن بناء بيئة مرورية أكثر أمنًا وعدالة.

Trending Plus