خالد دومة يكتب: الهجرة.. درس فى الأدب الإنسانى

خالد دومة
خالد دومة

كانت الهجرة هي الحد الفاصل، بين عالمين، عالم يريد أن ينتصر لقوة الجسد والأهواء والتقاليد البالية والعصبية والعنصرية، عالم أراد للإنسان أن يكون دمية فى يد النزعات والشهوات، يعيش للتنفيس عن رغباته الظاهرة والمكبوتة، وعالم آخر يريد للإنسان أن يعلي من قيمة الحق، ويجعل لقوة الروح التي تسكنه، والتي هي أولى بالقيادة، وتليق بكرامة الإنسان، ينبذ الطغيان، ويجعل العمل والتقوى المسار والميزان، عالم جدير بالانتساب لله، وهو يحمل راية الحق خفاقة تسود بني البشر، كانت الهجرة فرارا من ظلمات يتخبط فيها الإنسان إلى نور هداية، يجعل للبصيرة والقلب عين ترى جوهر الحياة الصحيحة، وليس ذلك السراب والخداع الذي يضلل، ويهوي به إلى مصائر وضيعة، إنها فرار من دنس النفوس، التي كانت تتمسك به أرواحهم المكبلة بحبال الأهواء والغطرسة، إنها لم تكن هجرة لنجاة جسد النبي من القتل والفتك بأيد آثمة، وسيوف مصلتة، اجتمعت على انتهاك روح الإنسان، والقضاء على نور الهداية.

بل كانت هجرة لتنقذ أرواح إنسانية من براثن الخطايا، وتكون كلمة الله العادلة هي الحكم الأول في حياة البشر، بعد أن جرفتهم نفوسهم الضالة إلى خراب الأرواح والنفوس، كانت بداية تطهير واسعة، لروح الإنسان على يد رسول كريم، كان هو المثل الأعلى لنقاء النفوس، وطهارة الأروح، إنها النقطة الأولى في صفحة عالم جديد، ترسم خطاه يد القدر، لتعلو به، وتنقذه من وبال ما صنعته يد القوة والجبروت، كانت كفاحا مسلحا بالقيم والأخلاق، لنشر عقيدة إيمانية، وغرسها في نفوس جردتها الأزمان والأحقاب من كل غرس، حتى جعلتها صحراء قاحلة، شمسها محرقة، فكانت هي الظلال، التي يلتمس فيها الإنسان الراحة والأمن والأمان، بعد أن زعزعت أركانها سنوات الكفر والقلق.

كانت خطوات النبي تجتاز تلك الصحراء، ليمد يد العونة للإنسانية الشريدة، ليخط بأقلام الوحي منهجا إلهيا، تتحقق فيه عدالة السماء بين الناس، إنه الفرار من الكبوة والجمود، إلى معنى الحياة الحقيقة، النظر فيها نظر العقل والحكمة، التي لا تخطأ ولا تجور، ثلاثة أيام هي الفارق بين باطل، يطار حق، ويتخفى بين شعابها وجبالها ولهيب الصحراء، ثم يشرق على المدينة، نور البصيرة، وشمس العقيدة، فتستقبله بقرع الطبول، لتبشر به عالما جديدا، ومنها لينتشر إلى بقاع المعمورة، تنير القلوب وتضيء الأرواح، فتستقبلها القلوب الصافية، والأرواح البكر، وتأباها من طُمست على أرواحهم، وختم الشر على قلوبهم، بخاتم العداوة والبغضاء، فلا سبيل إلى قلوبهم وأرواحهم، وقد أقفرت، وقد أظلمت من حجب ماضيها، وأحجارها الصلدة التي لا تلين ولا تشعر، الهجرة كانت إشارة واضحة إلى السماء، التي نسيها الإنسان في خضم الصراعات، وكثافة الشهوات، إشارة أن يرفع عينيه إليها، بدلا من النظر إلى طين الأرض، والوحل الذي غطاه وكساه ودنس خطاه.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نيفين رجب تطرح أحدث أغانيها بعنوان "منسية"

هبوط أرضى بميدان التجنيد بالحلمية ومحافظة القاهرة تكشف الأسباب

الاتحاد الأوروبى يهدد بالرد بالمثل بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 30%

سرايا القدس تدمر آلية عسكرية إسرائيلية فى منطقة الشيخ ناصر بخان يونس

مانشستر يونايتد يدرس ضم حارس جديد بعد إصابة أونانا


محمد شريف وياسين مرعى أبرز الأسماء الجديدة المنتظر ظهورها فى الأهلي

وزارة التعليم تنفى إرجاء تطبيق 20% على الحضور لطلبة ثالثة إعدادى لعام 2027

أحمد عبد القادر يقترب من الانتقال للحزم السعودي بعد ترحيب الأهلي

الأهلي يغلق ملف التفاوض مع مصطفى محمد خلال ميركاتو الصيف.. اعرف السبب

موعد وصول وسام أبو علي إلى القاهرة بعد تجميد ملف رحيله عن الأهلي


اختبارات القدرات 2025.. التقدم للاختبارات مقتصر على طلاب الثانوية العامة 2025 فقط.. اعتبار الطالب غير لائق عند تصوير الامتحان والدخول بالأجهزة الإلكترونية للقاعة.. فرصة ثانية للمتخلفين بعد تقديم عذرا للكلية

5 لاعبين وقعوا و2 فى الطريق.. الزمالك يعلن تدريجياً عن صفقاته الصيفية

كانوا ينتظرون الطعام.. إسرائيل تقتل 27 فلسطينيا وتصيب 180 آخرين فى غزة

النصر السعودي يخطط لصفقة تبادلية لضم بوليسيتش من ميلان

روكى الغلابة ودرويش الجواهرجى وهيبتا 2 أفلام منتظرة فى السينمات قريبا

خطوات التقديم لمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج لعام 2026

تنسيق الجامعات 2025.. خطوة بخطوة كيفية التسجيل لاختبارات القدرات؟

الزمالك يرفض الاستسلام فى صفقة محمود غربال ويجهز عرضًا مغريًا

نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة

نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. جاهزة على الاعتماد والإعلان

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى