شعوذة أون لاين.. الدجالون يهددون المجتمع والداخلية تتصدى.. تطور جرائم النصب من جلب الحبيب إلى سرقة الجيوب.. الشرطة تضبط الجناة في حملات أمنية مكبرة.. وخبراء: العقوبة حبس 3 سنوات والوعي هو الحل

جريمة الدجل والشعوذة- أرشيفية
جريمة الدجل والشعوذة- أرشيفية
كتب محمود عبد الراضي

على طريقة فيلم "البيضة والحجر" للنجم الراحل أحمد زكي، الذي جسد ببراعة شخصية الدجال المحتال، يحاول بعض محترفي الدجل والشعوذة في الواقع المعاش تكرار نفس الحيلة، بل وتطويرها بشكل أكثر دهاء، مستغلين أحلام وآلام البسطاء، لنهب أموالهم تحت ستار "العلاج الروحاني" أو "جلب الحبيب" أو "فك السحر" أو "جلب الرزق"، مستخدمين البخور والكتب القديمة والطلاسم الغامضة كأدوات نصب مغلفة بالكثير من الوهم والتمثيل.

وما يزيد من خطورة هذه الوقائع أن كثيرًا من هؤلاء النصابين باتوا يظهرون في ثوب مريح نفسيًا للضحايا، يرتدون الجلباب ويختارون كلماتهم بعناية، ويروجون لأنفسهم بأن لديهم "بركات" وقدرات خارقة، وأنهم قادرون على علاج من فشل الطب في علاجهم، وإعادة الحبيب الذي غاب، وفتح أبواب الرزق المغلقة، وكل ذلك مقابل مبالغ مالية قد تبدأ بمئات الجنيهات وقد تصل إلى عشرات الآلاف، تحت دعوى شراء مستلزمات روحانية أو إجراء طقوس تطهير معقدة.

الأخطر من ذلك أن هذه الوقائع لم تعد تقتصر على الأحياء الشعبية أو البيئات الريفية فحسب، بل امتدت إلى فضاء الإنترنت، حيث تحولت الشعوذة إلى نشاط "أون لاين"، يستغل فيه الدجالون غرف الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الضحايا، خاصة من السيدات والشباب، ممن يبحثون عن الأمل في قضايا عاطفية أو مشكلات أسرية أو أزمات صحية، فتقع فريستهم بسهولة أمام جهل أو ضيق نفسي، ويبدأ الدجال في سحبهم خطوة بخطوة، بداية من كلام معسول ومصطلحات دينية، ثم طلب صور أو معلومات شخصية، لينتهي الأمر إما بالنصب أو الابتزاز أو الاستغلال.

في هذا السياق، لا تقف وزارة الداخلية مكتوفة الأيدي أمام هذه الجرائم التي تمس أمن المجتمع النفسي والاقتصادي، إذ كثفت حملاتها خلال الأشهر الأخيرة لضبط ممارسي الدجل والشعوذة، لا سيما من يستغلون الإنترنت كمنصة لنشاطهم الإجرامي.

ففي واقعة حديثة بالإسكندرية، أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي، أن أجهزة الأمن ألقت القبض على أحد الدجالين بعد ورود معلومات لإدارة حماية الآداب بقطاع الشرطة المتخصصة، تفيد بقيام شخص مقيم بمحافظة القليوبية بالنصب على المواطنين من خلال الزعم بقدرته على العلاج الروحاني، وترويجه لنفسه على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبناءً على تحريات دقيقة، تم ضبطه في دائرة قسم شرطة العطارين بالإسكندرية، وبحوزته أدوات الدجل المعتادة، إضافة إلى هاتف محمول يحتوي على دلائل توثق نشاطه.

وقد اعترف المتهم خلال التحقيقات بممارسته أعمال الدجل بهدف الاستيلاء على أموال الضحايا، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

ويؤكد الخبير الأمني اللواء رأفت الشرقاوي في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن وقائع الدجل لم تعد قضية فردية أو ذات طابع محدود، بل باتت أحد أوجه الجرائم الاقتصادية والاجتماعية المعقدة، لما لها من تبعات على ثقة المواطن في القانون والعلم.

وأشار إلى أن بعض من يقعون ضحية هؤلاء المحتالين لا يبلغون خوفًا من الفضيحة أو بدافع الحرج الاجتماعي، ما يشجع النصابين على الاستمرار، كما شدد على أن أجهزة الأمن تتعامل مع هذا النوع من القضايا بكل حسم، وأن حملات الرصد والتتبع مستمرة، سواء في أرض الواقع أو عبر الإنترنت، بالتعاون مع وحدات الجرائم الإلكترونية.

أما من الناحية القانونية، فإن المادة 336 من قانون العقوبات تعاقب كل من يحتال على شخص أو يوهمه بأمر غير حقيقي بغرض النصب، بعقوبة تصل إلى الحبس ثلاث سنوات، وإذا اقترن ذلك باستخدام وسيلة إعلام أو وسائط إلكترونية، فإن العقوبة قد تتضاعف وفقًا لقوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية.

كما أن مزاولة مهنة الطب أو العلاج دون ترخيص، أو ادعاء القدرة على الشفاء دون أساس علمي، تعد من الجرائم التي تخضع للعقاب القانوني، وقد تصل إلى الحبس والغرامة مع إغلاق مقر النشاط ومصادرة الأدوات المستخدمة.

ورغم الجهود الأمنية والقانونية المبذولة، يرى خبراء علم الاجتماع أن الحل الأهم يكمن في التوعية المجتمعية والتثقيف، مشيرين إلى أن هذه الجرائم تجد بيئة خصبة في أوساط الجهل واليأس والانكسار النفسي، وأن الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام يقع على عاتقها دور كبير في محاربة الخرافة وتعزيز الثقة في العلم والمنطق.

وتبقى الرسالة الأهم أن الدجالين لا يملكون حلولًا، بل هم جزء من المشكلة، وأن التصدي لهم ليس فقط واجب الدولة، بل واجب كل مواطن يرى أن العقل والعلم والإيمان الحقيقي، هي الأدوات الوحيدة لمواجهة مصاعب الحياة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تكشف أسباب صوت فرقعة بموقف ملحق بمطار القاهرة

السيطرة على حريق كبير بأحد المبانى فى الواجهة البحرية ببيروت.. فيديو

مدافع الإسماعيلى يبدأ اليوم التأهيل من مزق العضلة الخلفية وغيابه أمام الطلائع

ميلان ضد كريمونيزي.. أليجري: لا يمكن الاستهانة بأي منافس فى الكالتشيو

فى مشهد يعيد "العفاريت" للواقع.. الداخلية تداهم الثقب الأسود.. ضبط وكر للتسول بالأطفال على طريقة الكتعة.. الجناة هاربون من أحكام جنائية ويعتدون على الأطفال.. وإشادة بسرعة تحرك الشرطة.. فيديو


واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟

اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو

تحت ستار تبرعات للخير.. القبض على "حازم" وبحوزته مخدارت بـ30 مليون جنيه بقنا

محمد صلاح يزين قائمة أوفياء الدوري الإنجليزي قبل مواجهة نيوكاسل

الداخلية تضبط عصابة "الثقب السوداء" للتسول بالأطفال أسفل كوبرى بالهرم.. فيديو


حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

أخبار مصر.. وزارة الأوقاف تفتتح 15 مسجدًا ضمن خطتها لإعمار بيوت الله

رئيسة حكومة إيطاليا: قرار إسرائيل احتلال غزة يفاقم الأزمة الإنسانية فى القطاع

الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة

كوكا يغيب عن افتتاح الدوري السعودي لأسباب غير فنية.. تعرف عليها

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

محمود جهاد يستفسر عن سر استبعاده من حسابات فيريرا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى