فى ذكرى ميلاده.. وحيد حامد قلم واجه الإرهاب وكشف دهاليز الواقع.. بدأ كتابة السيناريو بالصدفة.. امتلك قدرة فريدة فى التوغل داخل الشخصية المصرية.. وسطر باسمه أعمالا للتاريخ وبصمة لا تتكرر فى السينما والدراما

حبيت أيامى لأنى عيشتها مع نجوم كبار.. بهذه الكلمات ودع السيناريست الكبير وحيد حامد جمهوره وزملاءه فى المجال الفنى، قبل أيام من وفاته، وذلك من خلال ندوة تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي، ليفقد الفن المصري واحدا من أهم رموزه، فلم يكن وحيد حامد مجرد كاتب كبير أو كاتب لأعمال ناجحة، إنما كان علامة تميز أى موضوع أو عمل يحمل اسمه، فمن المشهور أن يُعرف عمل باسم بطله، وأحيانا باسم مخرجه، ولكن من النادر أن يحمل العمل الفنى اسم مؤلفه، ولكن عند الحديث عن وحيد حامد، نجد أن اسمه وحده يكفى ليرتبط جمهور عريض بذلك العمل، واثقين فى جودة ما قد يشاهدونه، سواء فى السينما أو الدراما.
ورغم النجاحات الكبير التى حققها وحيد حامد على مدار مشواره الفنى، إلا أن دخوله إلى عالم السيناريو جاء عن طريق الصدفة، وذلك حسب تصريحات سابقة له، موضحا أنه كان قد قدم مسلسلًا إذاعيًا بعنوان "طائر الليل الحزين"، وحقق نجاحًا كبيرًا وقت عرضه، وأنه في تلك الفترة كان من الشائع أن يقوم المنتجون بتحويل الأعمال الإذاعية الناجحة إلى أفلام سينمائية، وهو ما حدث بالفعل، حيث عرض عليه المنتجون شراء فكرة المسلسل لإسناد كتابتها إلى سيناريست محترف.
وأشار إلى أنه شعر حينها بغيرة شديدة على عمله، رغم أنه لم يكن يملك أي خبرة سابقة وقتها في كتابة السيناريو، ولم يفكر من قبل في خوض هذا المجال لكنه، بدافع الغيرة، أصر على أن يتولى كتابة السيناريو بنفسه، متابعا: كتبت السيناريو بالفعل، ولاقي إعجاب المخرج الكبير يحيى العلمي، الذي لم يكن يعرفني آنذاك، ومن هنا كانت بدايتي الحقيقية في عالم السينما".
تميز الكاتب الكبير وحيد حامد خلال مشواره الفني بقدرته الفريدة على التوغل داخل الشخصية المصرية، مدفوعًا بفهم عميق لدوافعها وتناقضاتها، بصفاتها الإيجابية وسلبياتها، ولم يكن مجرد كاتب سيناريو، بل كان أشبه بطبيب نفسي للمجتمع، يفتح جراحه ويضع إصبعه على الألم، ورغم ظهوره وسط جيل زاخر بالمبدعين في مجال كتابة السيناريو، إلا أن وحيد حامد ظل يحمل بصمته الخاصة، متفردًا لا يشبه أحدًا، تمامًا كاسمه الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ الدراما والسينما المصرية.
كما وصف مسيرته بقوله: "أنا حبيت أيامى؛ لأنى عشتها مع نجوم كبار اتعلمت منهم كتير، عشت في زمن أمينة رزق وصلاح منصور، وعاشرت أجيالا متعددة من يسرا لـ منى زكى ومنة شلبى".
كان من أوائل من تصدوا لقضية الإرهاب، وقدّم رؤية مبكرة وحادة في فيلمه "اللعب مع الكبار"، من بطولة عادل إمام وحسين فهمي ومحمود الجندي، وإخراج شريف عرفة، الفيلم تناول شخصية "حسن بهلول"، المواطن البسيط العاطل، الذي يرتبط بصداقة مع موظف بمركز الاتصالات الدولية يطلعه على تفاصيل جرائم قبل وقوعها، فيبلغ بها الشرطة، كاشفًا من خلال القصة هشاشة الواقع الأمني والاجتماعي.
أما فيلم "طيور الظلام"، فكان بمثابة تحذير مبكر من خطر الجماعات المتطرفة، التي رصد ألاعيبها بدقة. تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة محامين؛ أحدهم انتهازي يصعد اجتماعيًا على حساب القيم، والثاني ينتمي إلى الجماعات المتشددة ويسعى لتجنيد زملائه، بينما الثالث ينسحب من كل هذا الصراع، مكتفيًا بحياة بسيطة خالية من الطموحات. الفيلم قدم رؤية استشرافية، وكأن وحيد حامد كان يقرأ المستقبل ويحلل المخططات التي تهدد الوطن.
ولم يتوقف عند ذلك، بل قدّم أعمالًا أخرى فضحت زيف الخطاب الديني المتشدد، مثل فيلم "الإرهاب والكباب" و"دم الغزال"، من بطولة يسرا ونور الشريف ومنى زكي وصلاح عبد الله وعمرو واكد، وإخراج محمد ياسين، وسلط الفيلمان الضوء على تغلغل الفكر المتطرف في المجتمع، وكيف تسلل إلى عقول البسطاء، محرّمًا عليهم الحياة باسم الدين، وسط ظروف قاسية وانسداد في الأفق.

وحيد حامد وأحمد زكي

وحيد حامد

وحيد حامد في مهرجان القاهرة

Trending Plus