هبة مصطفى تكتب: غدًا ستشرق الشمس.. خطوة الرجوع تفتح ألف طريق للنور

حين نختار أن نتوقف قليلًا لنراجع خطواتنا، لا يعنى ذلك أننا ضعفاء أو مهزومون. بل هو قرار واعٍ نرسم به بداية جديدة تستحق أن نعيشها بسلام ووضوح. ففى لحظة الرجوع تولد الشجاعة ويولد معها الأمل.
ثق دائمًا أن الغد يحمل إشراقته، وأن خطوة واحدة صادقة قد تغيّر كل شيء.
إنّ الرجوع ليس هزيمة، بل بداية لحياة صحيحة محددة الأولويات والأهداف وموضحة طرق الوصول إليها. حين يلجأ الإنسان إلى نقطة الرجوع، لا يكتفى بالتوقف عن السير فى الطريق الخطأ، بل يبدأ فى تأسيس ثقافات جديدة نابعة من خبرات متراكمة، ويتحوّل تدريجيًا إلى نموذج للشجاعة؛ فالاعتراف بالخطأ ليس هيّنًا عند الجميع. بعد ذلك، تأتى مرحلة الإدراك بأن الوقت والجهد موارد محدودة لا يجوز تبديدها دون وعي، فثمن التفريط بهما غالٍ، قد يكلفنا الحياة كلها لنكتشف فى النهاية أن المحصّلة صفر وأن الأيام مضت دون أثر حقيقي.
وكما عهدتموني، لا وقت للدموع ولا مجال للبكاء على اللبن المسكوب. لا تخف من البدايات الجديدة، فالرجوع خطوة للوراء يمنحنا مساحة زمنية ثمينة لمراجعة أولوياتنا بصدق دون مبالغة أو بخس لطاقاتنا. بعدها نبدأ رحلة تحديد الأهداف التى تستحق أيامنا القادمة وتليق بطاقتنا، وندع ما انتهى يطويه الزمان بلا أسف.
فى لحظة الرجوع، نتعلم كيف نعيد إدارة وقتنا بوعى وفعالية. نكتشف أن ما خسرناه يمكن تعويضه إذا تعاملنا معه بحكمة وثبات. عندها يصبح الوقت أداة ثمينة ماديًا ومعنويًا، ونتعلم ألا نحوله إلى عبء يثقل كاهلنا.
ثم تبدأ المرحلة الجديدة: التعويض وتحقيق الأهداف فى وقت موجز. فلا شيء يدفع الإنسان للمثابرة مثل شعوره بأن الغد يحمل فرصًا مشرقة لتغيير المسار وبناء حياة أكثر توازنًا ونجاحًا.
فى النهاية، ثقافة الرجوع ليست توقفًا عابرًا، بل بداية ناضجة تمنحنا القدرة على أن نعيش بوعى كامل لا على هامش الحياة.
عزيزى القارئ، تأكد دائمًا أن الرجوع ليس هزيمة، بل خطوة واعية نحو حياة محددة الأولويات وموضحة الطريق.
ومن مبدئى أن حين تكتمل الأيادى يُصنع العقل؛ فالتغيير الحقيقى لا يقوم على جهد الفرد وحده بل يحتاج إلى بيئة حاضنة تشجعنا على البداية الجديدة. هنا يأتى دور المجتمع المحيط.
عندما نقرر أن نصل إلى نقطة البداية من جديد، لحظة مراجعة وتصحيح لمسار حياتنا نحتاج لمن حولنا لا للمراقبة او التنمر بل للخصول على الدعم النفسى للمواصلة. مقترن بالتوجيه البنّاء من اهل الثقة والقدوة الحسنة من خلال نماذج تشبهنا ثقافيًا واجتماعيًا لنؤمن أن النجاح ممكن. ومذلك المساءلة الإيجابية والتذكير بأن أهدافنا ما زالت على قيد الحياة مهما طال الطريق.
وقبل الختام رسالة فى أذن كل متنمر وصاحب عقل خائب معطّل: احترموا قرارات الآخرين ولا تستهزئوا بمحاولاتهم للبدء من جديد؛ فالاحترام والقبول يصنعان بيئة آمنة للنمو والتغيير.
فى النهاية، المجتمع الواعى هو الذى يكتمل به العقل وتكبر به الإرادة. هو الذى يساعدنا على تحويل “النقطة” إلى جملة جديدة مليئة بالمعنى والأمل.
تأكد دائمًا أن البداية من جديد شجاعة لا يقدر عليها إلا الأقوياء، وأن الرجوع خطوة للوراء هو المساحة التى نصنع فيها حياتنا الأصدق. وكما قال الشاعر "وما المرء إلا بإخوانه … كما يقبض الكفُّ عند الأصابعِ".

Trending Plus