وصفها رئيس أمريكا بألفاظ نابية.. حكاية مجلة "مس" النسوية منذ 43 عاما

في الأول من يوليو عام 1972 صدر أول عدد مستقل من مجلة "مس" النسوية في الولايات المتحدة، وحققت نجاحًا لافتًا حيث نفدت جميع نسخها بسرعة، جاءت هذه المجلة في وقت كانت فيه مجلات المرأة تدار غالبًا بواسطة رجال وتركز على موضوعات تقليدية مثل كيفية جذب الرجل والاحتفاظ به، وأسرار الجمال، والطهي، وتربية الأطفال.
لكن "مس" قررت كسر هذا القالب، فقد ركزت منذ انطلاقتها على قضايا جوهرية تمس حياة النساء مباشرة، مثل عدم المساواة في الأجور، وحقوق الإنجاب، وتمكين المرأة سياسيًا واجتماعيًا.
ورغم هذا الطموح، لم تسلم المجلة من الانتقادات، تنبأ مذيع الأخبار الشهير هاري ريزونر بأنها ستفشل قائلًا: "سأنتظر ستة أشهر قبل أن ينفد ما لديهم من كلام"، لكنه عاد بعد خمس سنوات ليعتذر عن تقليله من شأن المجلة، حتى الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون لم يخفي انزعاجه منها، إذ كشفت تسجيلات سرية من البيت الأبيض أنه وصف المجلة بألفاظ نابية خلال حديث مع مستشاره هنري كيسنجر.
وقد صدر العدد الافتتاحي في فترة كانت فيها الحركات النسوية تنشط بقوة، مثل المنظمة الوطنية للنساء (NOW)، ونيويورك راديكال وومن، وريدستوكينجز، كما كان الكونجرس الأمريكي يناقش حينها تعديل الحقوق المتساوية.
وعلى إثر ذلك في عام 1970، اقتحمت أكثر من 100 امرأة مكاتب مجلة ليديز هوم جورنال الشهيرة، مطالبات بتعيين محررة بدلًا من الإدارة الرجالية وتغيير الصورة النمطية التي تقدمها المجلة عن النساء.
أما العدد الأول من "مس"، والذى يحتفظ متحف سميثسونيان الوطنى للتاريخ الأمريكي بنسخة منه، فقد حمل غلافًا مميزًا يصور امرأة خارقة عملاقة تجوب المدينة، تحت شعار "المرأة الخارقة رئيسة"، وكان هذا العدد امتدادًا لملحق تم نشره فى ديسمبر 1971 بمجلة نيويورك، وتضمن مقالات عن الرعاية الاجتماعية وحقوق الإنجاب.
من أبرز المساهمات فى العدد التمهيدى كانت مقالة جلوريا ستاينم عن الأخوة بين النساء، ومقالة ليتي بوجريبين عن تربية الأطفال، ومقالة جين أوريلي عن النظرة الضيقة للمرأة المحصورة في دور ربة المنزل.
واحدة من أكثر الخطوات جرأة في العدد الأول كانت نشر عريضة تطالب بإنهاء تجريم الإجهاض، ووقعت عليها 53 امرأة، من بينهن شخصيات بارزة مثل بيلي جين كينج، وجودي كولينز، وسوزان سونتاج، معلنات أنهن خضعن للإجهاض قبل أن يصبح قانونيًا وآمنًا، في خطوة لاقت صدى واسعًا.
بهذا كانت "مس" أكثر من مجرد مجلة، بل منبرًا قويًا للحوار النسوي والدفاع عن حقوق المرأة في زمن كانت فيه مثل هذه القضايا تُواجه بالكثير من الصمت والمقاومة.

Trending Plus