أحمد الطلحي: الصلاة المشيشية كنز روحي يعبر عن الحب الصادق للنبي ﷺ ومعرفة مقامه

قال الشيخ أحمد الطلحي، الداعية الإسلامي، إن "الصلاة المشيشية"، المنسوبة للإمام عبد السلام بن مشيش، من أعظم الصيغ الروحية التي تفيض حبًا وتعظيمًا للنبي محمد ﷺ، وتحمل في طياتها معاني عالية في معرفة مقام النبوة، ونسبه الشريف، وسر علاقته بالله سبحانه وتعالى.
وقرأ الشيخ الطلحي، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على شاشة قناة الناس، اليوم الخميس، نص الصلاة كاملة ووقف عند معانيها، مبينًا أن الإمام بن مشيش حين قال: "اللهم صلِّ على من انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق..."فإنه بدأ بكلمات تحمل معاني العظمة والسر الإلهي الذي أودعه الله في نبيه ﷺ، مشيرًا إلى أن النبي هو الواسطة بين الحق والخلق، وأن الكون كله متعلق بسره الشريف.
وأكد الشيخ الطلحي أن من أعظم ما جاء في هذه الصلاة قول الإمام: "اللهم ألحقني بنسبه وحققني بحسبه"، موضحًا أن النسب هنا نوعان: نسب مادي، وهو الانتساب إلى النبي ﷺ من ذريته الشريفة، ونسب معنوي، يتحقق بالاتباع الصادق، فمن سار على هديه واهتدى بسنته، فقد انتسب إليه روحًا ومعنىً.
وأضاف أن الحسب هو ما يُنال من رفعة وكرامة وشرف بسبب الارتباط بالحبيب المصطفى ﷺ، وأن تحقيق هذا الحسب لا يكون إلا بالاتباع والخدمة المخلصة لدينه وسنته.
كما أشار إلى أن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في قوله: "وعرّفني إيّاه معرفة أسلم بها من موارد الجهل..."، هي من أهم ما ينبغي أن يسعى إليه المؤمن، مؤكدًا أن كل مسلم سيُسأل يوم القيامة: "ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟"، ولهذا فالمعرفة القلبية والروحية للنبي الكريم واجبة لكل محب.
وقال إن الصلاة على النبي ليست مجرد ألفاظ تُردد، بل هي باب من أبواب القرب والفضل والمعرفة، وتفتح على العبد من الفيوضات ما لا يُحصى، وتُعد من أرقى العبادات القلبية التي تجمع بين الذكر، والدعاء، والتعظيم، والاتباع.
ودعا إلى الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً:
"فاللهم صلّ وسلم وبارك على من صليت عليه تشريفًا وتكريمًا، وصلّت عليه الملائكة تفضيلًا وتعظيمًا، وأمرت عبادك أن يصلّوا عليه ويسلّموا تسليمًا".
قال الشيخ أحمد الطلحي، الداعية الإسلامي، إن من أعظم ما ورد في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أثناء رحلة الهجرة المباركة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، هو الوصف الدقيق الذي نقلته إلينا امرأة من عامة الناس، ولكن الله شرفها بأن تكون من أوائل من وصَفوا الحبيب المصطفى ﷺ عن قرب، وهي السيدة عاتكة بنت خالد الخزاعية، المعروفة بـ أم معبد.
وأكد الشيخ الطلحي، أن المرأة المباركة التي رأت النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة ووصفت هيئته الشريفة وصفًا لا يزال محفورًا في كتب السيرة والشمائل حتى اليوم.
وأوضح الشيخ الطلحي أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بخيمة أم معبد في منطقة وادي قُديد، فاستضافته، ولما دخل البيت، بارك الله في شاتها، فدرّ لبنها بعدما كانت جافة، وعندما عاد زوجها، أخبرته بما حدث، ووصفت له الزائر الذي مر بهم بكلمات خالدة، فقالت:
"رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة، متبلج الوجه، حسن الخلق... إن صمت علاه الوقار، وإن تكلم سماه البهاء... أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب..."
وأشار الطلحي إلى أن هذا الوصف الدقيق يعتبر من أجمل ما نُقل عن هيئة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل على جلاله وجماله في آن واحد، حيث وصفته أم معبد بأنه "غُصن بين غُصنين"، وأنه لا تقتحمه عين من قصر، ولا تيأس منه عين من طول، مؤكدة على جمال منظره وكمال خلقه.
وأضاف: "حين قالت أم معبد في وصف لحيته: (كثّة)، أرادت بذلك أنها كاملة مكتملة، ليست مبعثرة ولا متفاوتة الطول، بل متساوية تملأ صدره ونحره الشريف. وفي قولها (أزج أقرن)، وصفت حاجبيه الشريفين بأنهما مقوّسان يوشك أن يتصلا من بعيد، لكن من يدنو منه يرى بينهما فُرجة دقيقة تزيده بهاءً".
وأشار الشيخ الطلحي إلى أن هذا الحديث ليس مجرد وصف جسدي، بل هو شهادة حب ومهابة صدرت عن امرأة أُمّية، لكنها أبصرت النور الإلهي في وجه النبي صلى الله عليه وسلم.

Trending Plus