السياحة هى الأخت الشقيقة للآثار

لا يمكن لأحد أن يتجاهل ذلك الاهتمام البالغ للعالم كله بالسياحة كمصدر دائم ومتجدد للدخل، وارتباط هذا المجال كذلك بعدد كبير من الوظائف المطلوبة سواء وظائف مباشرة في مجال السياحة أو وظائف ترتبط بهذا المجال.. إلى جانب الاهتمام الكبير بالسياحة الثقافية والتي يدخل ضمن نطاقها زيارة المناطق الأثرية والتاريخية، لذلك يجب أن يكون هناك تكامل تام وتعاون مستمر بين المسئولين عن السياحة والآثار في أي بلد سياحي، على أن يكون الحفاظ على الآثار والتراث الحضارى مقدماً قبل كل شيء، فلا تسمع شكوى الرجل سياحة لأن رجال الآثار أغلقوا أثراً لترميمه والحفاظ عليه.
كذلك لا يجب على القائمين على الآثار اتخاذ القرارات مع أنفسهم وتطبيقها فوراً، خاصة قرارات غلق بعض المزارات الأثرية لأن ذلك يؤثر تأثيراً مباشراً على السياحة؛ ولذلك يجب أن تكون هناك رؤى وخطط مستقبلية يعلمها رجال السياحة فيما يخص أصال الترميم والغلق للآثار، وكذلك الافتتاحات الأثرية الجديدة لكي يكون هناك وقتاً كافياً لتسويقها سياحياً.
وتقوم كل المؤتمرات السياحية العالمية، وخاصة مؤتمر ميلانو وألمانيا وغيره بعقد الندوات على هامش المؤتمرات لمناقشة هذه العلاقة الوطيدة بين السياحة والآثار، وقد دعيت أكثر من مرة لإلقاء محاضرات عن دور الآثار وخاصة فيما يطلق عليه Site Management أى إدارة المواقع الأثرية.. وقد اتفق خبراء السياحة والآثار على أن تنفيذ هذا الفكر يخدم السياحة والآثار في نفس الوقت، وإذا لم يكن هناك تنسيق تام بين المسئولين بين السياحة والآثار فسوف تندثر بعض المناطق الأثرية وخاصة المقابر الملونة والمنقوشة في أقل من مائة عام، ولذلك تطلق دائماً تعبيراً ظريفاً وهو: أن السياحة عدوة الآثار...".
وسبب ذلك هو العداء القائم بين كلا الطرفين السياحة والآثار بدلاً من التعاون والتكامل فإن السياحة الغرير مدروسة ومخططة تهدد الآثار وتكون من عوامل تدميرها، ولا يمكننا كذلك إهمال كون المناطق الأثرية دعامة من دعامات السياحة والتي هي مصدر مهم للدخل القومي.
وإذا ما شاهدنا ما يحدث على الساحة اليوم فسوف نجد أن هناك تجاوزات كثيرة من السائح نفسه إما للجهل أو عدم قيام المرشد السياحي بإعطائه النصائح المطلوبة والتي يجب اتباعها وبعض السائحين للأسف لا يزالون مصرين على التقاط الصور الفوتوغرافية داخل المقابر والمعابد وباستخدام الفلاش المدمر للألوان.. وكذلك ما يحدثه من تلويث بصرى وسمعى داخل أماكن لها حرمتها، وكان هناك وقت رأينا فيه المتحف المصرى مضاءً بفعل الفلاشات وما تصدره من أصوات مزعجة جعلت زيارة المتحف المصرى والاستمتاع بها أمر مستحيل. وعندما تم توفير نظام المرشد الآلى والنظام السمعى داخل المتحف وعلى الرغم من وجود بعض التجاوزات من الشركة المنفذة التي يتصدى لها المسئولين بالمتحف المصرى فإن الشكوى مستمرة من رغبة السائح بفعل ما يحلو له داخل المتحف المصرى.
وهناك مواقع أثرية جديدة تفتح أبوباها للزيارة وتلك يجب أن نضعها على خريطة السياحة مثل مصر الوسطى وما بها من آثار لا توجد في العالم كله، وهناك شارع المعز الذي يحكى قصة القاهرة في ألف عام بمساجده وأسبلته وقصوره وبيوته وبيمارستانته وخنقاواته وتكاتياه وأضرحته.
وهنا قد لا يعرف المسئولين عن السياحة ما يحدث الآن في المناطق الأثرية وكيف أن الدخل الذي يأتي للآثار من تذاكر الزيارة يصرف بالكامل على تطوير المواقع الأثرية وإعدادها للزيارة الثقافية، وهناك ضرورة أن يرى المسئولين ما يحدث من تطوير في مناطقنا الأثرية.. وقد تعجبت لأحدهم ممن لا يتركون مكاتبهم يطالب الأثريين بتطوير المناطق الأثرية؟
إن مفهوم تطوير المناطق الأثرية قد تعدى فكرة عمل حد أمان للمواقع الأثرية وبناء مراكز زوار لتعليم السائح بأهمية الموقع أثرياً وترميم الآثار الموجودة بالموقع، وفي خارج المنطقة الأثرية يتم عمل كافيتريات و بازارات وتسهيلات للسائح على مستوى عالي، إن هذا المفهوم أصبح يركز كذلك على إيجاد آلية فعالة لإدارة المنطقة الأثرية وتوفير كل سبل الراحة والاستمتاع للسائح دون تعريض الأثر لأى خطر، وتجربتنا هي تجربة بحق رائدة في منطقة المسلة الناقصة ومعبد إيزيس بقيلة ومعابد كوم امبو وادفو والكرنك والأقصر وكذلك منطقة وادى الملوك والدير البحرى ومعبد دندرة وعمود السوارى بالأسكندرية، وحالياً يتم تطوير كوم الشقافة وكوم الدكة ومارينا.. وأصبحت هذه المواقع على أعلى مستوى من الإدارة وللأسف يحس بها السائح ولا يتكلم عنها المسئولين عن السياحة.
وقد تم تطوير منطقة سقارة ولكن للأسف الشديد هناك قلة من المرشدين الذين يدخلون بالأفواج السياحية إلى مركز الزوار وزيارة المتحف الموقعى لأسباب تعرفها وسوف يتم تحويل منطقة آثار الأهرام خلال شهور قليلة إلى منطقة أثرية ذات نظام وإدارة حديثة لأول مرة وسوف يشعر السائح بمدى عظمة الأهرامات دون مضايقات الجمالة والخيالة وبائعي الهدايا التذكارية.
إن لمصلحة بلدنا وتراثنا أن نعمل كنا معاً وفق إستراتيجية واضحة من خلال لجنة للتخطيط يتفق عليها. المسئولين من الجانب الثقافي والجانب السياحي الإمكان استغلال المعارض الخارجية والاكتشافات الأثرية للتسويق.. وإمكانية معرفة الجديد بالنسبة للمناطق الأثرية التي تفتح، وكذلك المناطق التي يتم إغلاقها للحفاظ عليها.. تتمنى أن يأتي يوماً وتصبح السياحة صديقة أو أخت الآثار.

Trending Plus