جيلٌ بلا قدوة... لأن القدوة صارت "محتوى"

فى الماضى كان المدرس هو القدوة، وكان البيت والمدرسة هما المصدرين الرئيسيين للتربية والتعلم أما الآن طفل عمره 10 سنين يقضى ساعات يومه أمام "يوتيوبر" بيصرّخ، أو تيكتوكر بيرقص، أو مؤثر بيبيع له وهم الشهرة والمال.
السؤال الذى لابد من الإجابة عليه: من الذى يربى أطفالنا؟ المدرس؟ أم الإنترنت؟
من الذي يُؤثّر في الطفل أكثر: المربّي أم صانع المحتوى؟
في الفصل: مدرس بيشرح في نص ساعة وممنوع يسأل
في التيك توك: فيديو 30 ثانية، صوت عالي، موسيقى، وعبارات ساخرة.....
أيهما يشد الطفل أكتر؟
الخطر مش في إن الطفل يتسلّى، لكن لما التسلية تتحوّل لمصدر أساسي للمعرفة، والقيم، وحتى الطموح
(الأخطر إن المدارس مش قادرة تنافس، ولا حتى بتفكر تعمل منافسة)
ما الفرق بين القدوة والمحتوى؟
زمان كان القدوة المدرس، الطبيب، الأب ، الأم… النهاردة؟ المؤثر اللي عنده متابعين أكتر
(الطفل مبيفهمش إن ده شخص بيعمل شو… الطفل بيصدّق. وبيقلّد)
حتى لو المحتوى تافه أو خطير
إن تخلّينا نحن عن دورنا في التوجيه والنقاش وتقديم البدائل، فقد سلّمنا أبناءنا لمن لا يستحق
هل سيطرت المنصات على عقول أبنائنا؟
ربما لأن التعليم لم يُواكب تطلعاتهم
حين يصبح التعلم قائمًا على التلقين، بلا إبداع، وبلا علاقة إنسانية حقيقية بين الطالب والمعلم - إلا ما رحم ربى - فايشعر الطفل بالغربة داخل الفصل، ويبحث عن مكان آخر يفهمه ويثير اهتمامه من خلال تلك المنصات
المشكلة ليست في المنصة نفسها، المشكلة إننا تركناها تملأ فراغ نحن لم نستطع أن نملأه
الحل ليس إننا نمنع… الحل إننا نشارك
نحن لا نستطيع أن نمنع الإنترنت… وليس من المفروض أن نمنعه
لكن نستطيع أن نكون متواجدين فيه بقوة: محتوى جذاب، محترم، تربوي، ومواكب لعالم الطفل
نستطيع أن نعيد بناء العلاقة بين الطفل والمعلم… وندرب المعلم أن يستخدم أدوات العصر
ونخلق شراكة جديدة بين الأسرة والمدرسة والإعلام لحماية وعي الجيل
الخاتمة
نحن أمام معركة حقيقية على وعي أولادنا
إن لم نتحرك اليوم، سنرث غدًا جيلًا بلا هوية، ولا قيم، ولا انتماء
من لا يعرف مَن يُؤثّر في أبنه ، سيتفاجأ يومًا أنّ التربية خرجت من يديه دون أن يشعر
نعم، هذا الجيل يُربَّى... لكن السؤال الأهم: على يد مَن؟
--
مدرب وباحث بالمجلس القومى لحقوق الإنسان

Trending Plus