محمد دياب يكتب: نوبل بيد ترامب وبختم نتنياهو

إذا رأيت الجزار يُسلّم السكين لمتبرع بالدم فاعلم أننا أمام مشهد سريالي لا يصلح حتى لفيلم عبثي لكن هذا ما حدث حين أهدى بنيامين نتنياهو المتهم رسمياً بارتكاب جرائم إبادة جماعية ترشيحاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام !
نعم ترامب الرجل الذي افتتح عهده بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة متحدياً كل قرارات الأمم المتحدة وبارك الاستيطان وصفّق طويلاً لاغتيال قادة المقاومة يُرشح اليوم لنوبل من قِبل شريك حرب وقائد مذابح وسفاح دموي مطلوب دولياً
الأدهى أن هذا الترشيح أصبح نكتة سوداء تحوّلت إلى وثيقة رسمية خطّها نيتانياهو بخط يده في وقت تتطاير فيه أشلاء أطفال غزة في الهواء وتُقصف فيه المستشفيات والملاجئ وتتحوّل طوابير الخبز إلى مقابر جماعية
أي سلام هذا الذي يُكافأ من يدعم الحرب ويبرر القتل ويغضّ الطرف عن إبادة شعب كامل؟
وهل أصبحت جائزة نوبل كالميداليات الشرفية في جمهوريات الموز تُهدى لكل من تلوّثت يداه بالدماء لكنه يجيد الابتسام أمام الكاميرات؟
ويبقى السؤال: هل أصبحت لجنة نوبل شريكة في التزييف أم ضحية ضغط سياسي لا يُقاوَم؟
فهل نحتاج إلى تعريف جديد للسلام إذا كان القتلة أصبحوا مرشحين لنيل شرفه؟
الحق يُقال: لم يعد في النظام العالمي ما يثير الدهشة فقد نشهد غداً نتنياهو نفسه وهو يقف على منصة أوسلو إلى جانب ترامب يلوّحان بأيدٍ ملوّثة ويبتسمان أمام تصفيق المصالح
لكن... ماذا عن دماء الأطفال؟
عن صرخات الأمهات؟
عن 55 ألف شهيد؟
عن أجساد خرجت من تحت الركام بلا أطراف؟
عن وجوه دُفنت بلا أسماء؟
كل ذلك لا يعني شيئاً لدى من يرى أن السلام يُبنى بالصواريخ وأن جائزة نوبل يمكن أن تُختزل في توقيع سياسي أو ترشيح صديق ملوّث السيرة
نعم نعيش عصر التزييف الكامل... فالتاريخ لا يُدوّن بالحبر وحده إنما يُحفر في الذاكرة بدماء الأبرياء
وسيأتي يوم تُنكّس فيه جائزة نوبل نفسها خجلاً من صفحة سوداء كُتب فيها اسم ترامب ووقّعها نتنياهو بيدٍ ملوّثة بالدم

Trending Plus