جبال لا تنام ووديان لا تهدأ.. ثروات "سرابيط الخادم" كنز المعادن والأحجار الكريمة.. تحتضن المنجنيز وكنوز الفيروز ومعابد الفراعنة.. إنتاج الكاولين وصل 100 ألف طن سنويا.. والآثار تشهد على أطماع الاحتلال.. صور

ما إن تغادر مدينة أبو زنيمة جنوب سيناء متجهًا إلى عمق الجبال، حتى يتغير المشهد، الجبال هنا لا تعرف النوم، والوديان لا تهدأ، فهناك في بطون الأرض رجال ينقبون، ومعاول تحفر، وصخور تهمس بأسرار قديمة لمَن يعرفون لغتها.
منطقة سرابيط الخادم وما يجاورها من وديان مثل وادي النصب، وادي أم بجمة وأبو صور، ليست مجرد تضاريس وعرة؛ بل متحفا طبيعيا مفتوحا، يحتضن خامات المنجنيز، وكنوز الفيروز، ومعابد الفراعنة، وآثارًا بقيت شاهدة على أطماع الاحتلال الإنجليزي والإسرائيلي في ثروات هذه الأرض.
"اليوم السابع" تجول فى المنطقة ورصد كيف هى لا تزال نابضة بالحياة فى مشهد فريد من نوعه وكأنه شاشة مفتوحة تعرض تسلسل الأزمنة وبصمات الحضارات منذ قديم الزمان حتى يومنا هذا .
في هذه البقعة الجبلية، يشهد الزائر بعينه كيف تنطلق شاحنات محمّلة بخام المنجنيز المستخرج من الجبال، باتجاه المصنع المتخصص في إعادة تصنيعه.
وعلى الجانب الآخر، ترى رجالًا يغوصون في عمق المغارات للبحث عن عروق الفيروز، الحجر الكريم الذي لا يزال يُستخرج بالطريقة نفسها التي عرفها الفراعنة.
هنا، لا تفصل بين التاريخ والحاضر سوى خطوات قليلة، فقد ترك الفراعنة نقوشهم على الصخور، ومعابدهم على القمم، تسجل رحلاتهم لاستخراج الفيروز ونقله من الجبل إلى البحر، ومن هناك إلى عاصمتهم على ضفاف النيل.
كما بقيت بقايا "التلفريك" الذي استخدمه الاحتلال الإنجليزي لنقل خام المنجنيز من أعالي الجبال إلى الساحل، وشواهد لغرف العمال من المنقبين البريطانيين.
في كتابه "تاريخ سيناء"، أشار نعوم شقير إلى أن استخراج المنجنيز من وادي أم بجمة بدأ عبر شركة إنجليزية عام 1910، حيث خُصص ميناء في أبو زنيمة، وأُقيم جسر خشبي وسكة حديد بطول 11 ميلاً لربط المنجم بالساحل.
واليوم، يتكرر المشهد لكن بأيادٍ سيناوية، حيث لا يزال أبناء المنطقة يحرسون الجبل، ويواصلون الحفر، بحثًا عن الرزق من بطن الأرض.
تقع منطقة سرابيط الخادم، التابعة لقرية الرملة، على بعد 45 كيلومترًا من أبو زنيمة، وتُعد واحدة من أغنى مناطق مصر بثرواتها المعدنية.
تتوزع في وديانها تجمعات سكنية بدوية، نجحت الدولة في إيصال الخدمات الأساسية إليها، من تعبيد الطرق، بعضها اكتمل والبعض الآخر قيد التنفيذ، إلى شبكات الكهرباء، ومصادر الري من الآبار، والمدارس، والمساجد.
وفي هذا المكان، لا تُعد الكنوز المعدنية وحدها ما يثير الانتباه، بل المعالم الأثرية الفريدة، وأبرزها معبد فرعوني أعلى قمة جبلية، بُني خصيصًا لعبادة الإلهة حتحور، حامية عمال الفيروز، ولا تزال آثاره باقية حتى اليوم.
في وادي اللحيان، يقف الشيخ عيد الربيقي، كبير قبيلة الحماضة، بعمره الذي تجاوز الثمانين، حارسًا لذاكرة المكان.
يقول بفخر: "وادي النصب عندنا هو الموقع الذي رُفع فيه العلم المصري إيذانًا برحيل الاحتلال الإسرائيلي في 26 يوليو 1979، خلال المرحلة الخامسة من الانسحاب".
يتحدث الشيخ عن المنجنيز والفيروز كأنهما فردان من العائلة، "نحن نفتخر أننا ننتج الفيروز ونبيعه في خان الخليلي، حيث كبار صنّاع المجوهرات يشترون إنتاجنا ويحوّلونه إلى حُلِيّ نادرة".
ويُضيف: "حتى أيام الاحتلال الإنجليزي، كانوا يستخرجون المنجنيز من منطقة الحميراء، وأقاموا تلفريك لنقله إلى البحر، وأذكر أن والدي التقى إنجليزيًا مسنًا قبل 20 سنة جاء يبحث عن غرفة والده الذي عمل هنا... لكنه لم يجد سوى أطلال باهتة."
ونبه الشيخ عيد الربيقى لأهمية حفر المزيد من الأبار للمياه وإصلاح المتعطل منها لافتا انه في ادي اللحيان لاتزال هناك حاجة لمصدر مياه للشرب وإصلاح بئر مياه سبق حفره ويحتاج لتعميقه وتزويدة بمضخات السحب.
تاريخ المنطقة حافل بالحضارات. يقول أبناء القبائل إن الفراعنة كانوا يأتون إلى سرابيط الخادم لاستخراج الفيروز، وكانوا ينقلونه في قوافل تمر بوادي النصب وصولًا إلى البحر.
وفي العصر الحديث، نقل الاحتلال الإنجليزي المنجنيز بالطريقة نفسها، حيث كانت السفن تصل محمّلة بالمؤن وتغادر محمّلة بالخامات.
وتعتبر منطقة أبو زنيمة في جنوب سيناء وفقا لبيانات محافظة جنوب سيناء الرسمية من المناطق الغنية بالثروات المعدنية، حيث تتواجد بها خامات المنجنيز، الكاولين، رمل الزجاج، الدولوميت، الأكاسيد، واليورانيوم. كما توجد في المنطقة أيضًا رواسب الفحم وتشمل الثروات المعدنية في أبو زنيمة المنجنيز يتم استخراج المنجنيز من منطقة "أم بجمة" في أبو زنيمة، ويستخدم في صناعة الصلب والبطاريات الجافة والكاولين وهو من المعادن الطينية الهامة التي تستخدم في صناعة السيراميك والورق ومواد البناء ورمل الزجاج يتواجد بكميات كبيرة في مناطق مختلفة من سيناء بما في ذلك أبو زنيمة، والفحم يوجد في منطقة المغارة وأبو زنيمة، والدولوميت وهو خام معدني يستخدم في العديد من الصناعات، والأكاسيد توجد في المنطقة، والرمال البيضاء والطفلة والخامات الحديدية التى في صناعة الفولاذ والإنشاءات.
يرى جمعة سليم بركات، صاحب مخيمات سياحية ومنظم رحلات في سرابيط الخادم، أن المنطقة تملك مقومات سياحية نادرة، قائلًا: "نحن نستقبل رحلات سياحية تأتي لرؤية معابد الفراعنة، لكننا نأمل أن يُستغل تاريخ التعدين أيضًا كمزار سياحي، حيث يمكن للناس أن يروا مواقع الحفر القديمة، ومسارات التلفريك، وبقايا محطات نقل الخامات".
ويُضيف: "التعدين والسياحة لا يتعارضان. بل يمكن أن يسيرا في خط متوازٍ... السياحة تحيي المكان، والتعدين يُشغّل الناس."
وتشير البيانات الرسمية انه توجد فى مدينة أبوزنيمة مصانع شركة سيناء للمنجنيز إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام التى تستقبل هذه الثروات لتصنيعها، والشركة تم إنشاؤها عام 1957 ، وتمتلك خام الكاولين و لديها احتياطي إجمالي 70 مليون طن بتركيز 35% ألومينا، و هى المادة الخام التى يتم استيرادها لصناعة الألومنيوم و يدخل الخام فى صناعة الشبة المستخدمة فى تنقية مياه الشرب والفيبرجلاس والسيراميك والأسمنت الأبيض والحراريات، و تنتج سبيكة السيلكومنجنيز والجبس المكلسن كنشاط صناعى وخام الكاولين ورمال الزجاج والجبس الخام وأكسيد الحديد وخام المنجنيز كنشاط تعديني. هناك مشروعات يجري تنفيذها حاليا بالشراكة مع القطاع الخاص مثل مشروع فصل الحديد عن المنجنيز ومشروع لإنتاج منجنيز عالي التركيز بنسبة بشراكة مع القطاع الخاص، والشركة تمتلك ميناء أبو زنيمة الذي يجهز لاستقبال المراكب العملاقة وإقامة مجمع صناعى وترسانة بحرية لتقديم الخدمة الفنية و خدمات الإمداد والتموين و اللوجيستيات البحرية الأخرى للناقلات البحرية.
وتسعى الشركة لاستغلال خام الكاولين حيث يصل إنتاج الكاولين من سيناء إلى 100 ألف طن سنويًا.، و يعتبر من أفضل رواسب الكاولين في الشرق الأوسط. وأهم أسواق الكاولين هي الصناعات الحرارية والأسمنت والسيراميك والورق.
وبالإضافة إلى النسبة الكبيرة اللازمة للطلب المحلي من الكاولين، يتم تصدير هذا الخام إلى إسبانيا وتركيا وبعض الدول العربية، وذلك بشكل رئيسي لصناعة الأسمنت الأبيض.
وكشفت بيانات الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن صادرات الشركة بلغت نحو 187.2 مليون جنيه، مقارنة بصادرات بلغت 93 مليون جنيه في 2023، ويتم استغلال خام الجبس من رأس الملعب بجنوب سيناء (400 ألف طن متري سنويا)، وتاريخيا تعد شركة سيناء للمنجنيز من كبريات شركات الصناعات التعدينية والسبائك الحديدية وأول وأكبر منتج لخام المنجنيز في مصر، وتأسست عام 1957 لاستغلال رواسب المنجنيز في شبه جزيرة سيناء، وتم توسيع نطاق عملها ليشمل استكشاف واستغلال مصادر المعادن الاقتصادية الأخرى مثل الكاولين والجبس والبنتونيت ورمل السيليكا والكوارتز وخام المنجنيز، ولديها احتياطات كبيرة من الخامات التعدينية، كما أوضحت البيانات، أن الشركة حققت 670 مليون جنيه إيرادات خلال العام المالى 2023-2024 وفق المؤشرات المبدئية، فيما ربحت 204 ملايين جنيه أرباح.

اثار-باقيه-لاعمال-بحث-عن-المنجنيز

اثار-من-سبق

الحياة-بين-الجبال

بيوت-الاهالي-بين-الجبال

بيوت-البسطاء

ثروات-طبيعية

جيل-المستقبل

خام-المنجنيز_1

خيرات-في-بطن-الجبل

شيخ-قبيلة-الحماضه-واطفال-الجبال

مدارس-تنشر-العلم

مساجد-عامره

مقرات-قديمة-لعمال-المنجنيز

مناطق-الوديان

مواقع-استخراج-ثروات-الجبال

سرابيط الخادم
وادي النصب
وادي أم بجمة
أبو زنيمة
جبال سيناء
الفيروز
المنجنيز
التعدين في سيناء
معابد الفراعنة
حتحور
خان الخليلي
الحرف التراثية
بدو سيناء
التلفريك الإنجليزي
الاحتلال البريطاني
كنوز سيناء
تاريخ التعدين
معابد سيناء
الوديان
المخيمات السياحية
وثائق سيناء
تاريخ سيناء
نعوم شقير
التعدين اليدوي
تراث سيناء
Trending Plus