طريق الهبد مفروش بالنيات الديجيتال.. عن خبراء السنترالات والطرق والصفقات!

نتحدث فى أزمة، وإدارة أزمة، ونحاول - قدر الإمكان - النظر للأمر من زوايا متنوعة، هناك نقاط وثغرات نحتاج إلى التعامل معها ومعالجتها، والتعلم من الأزمات بشكل يجعل التكرار صعبا، وفى الوقت ذاته نركز على النقاط الإيجابية التى تحتاج إلى أن نعممها ونتوسع فيها، وطبعا من أهم النقاط التى نطالب بها هى الشفافية فى إعلان ونشر المعلومات من الجهات الرسمية، لأن البيانات والحقائق هى التى تقدم للرأى العام، ما يواجه به التساؤلات والشكوك، والبديل لحجب المعلومات، هو فتح المجال للشائعات وما نسميه «الهبد»، وعندما نطالب بالموضوعية والمهنية فنحن لا نطلب المستحيل، ولا نهدف للدفاع عن الخطأ، أو تبرير الإهمال بالعكس، نريد شفافية ووضوحا وحسابا من خلال الخبراء والمختصين، وليس الهابدين والمدعين وأرباب السوابق «الهبدولوجية».
لكن - وبما أننا فى عصر الاتصالات ومواقع التواصل - من حق كل واحد أن يدلى بدلوه فى القضية، فنيا وموضوعيا و«خططيا»، وفى بحار الإنترنت ومحيطات السوشيال ميديا، آلاف - وربما ملايين - اللجان والأفراد، بعضهم متعمد لنشر الشائعات، وبعضهم من محترفى البحث عن «اللايك» أو الظهور فى هيئة الخبير العلامة والعالم الفهامة.
وخلال أقل من شهر فى أزمتين، رأينا نفس السادة الخبراء يتحولون من خبراء طرق وكبارى ومرور، إلى خبراء سنترالات وألياف واتصالات، وجدنا مئات من خبراء الطرق والمرور، تحدثوا وأفاضوا فى شرح المشروح، وكيفية بناء الطرق، وأخطاء الهندسة، وثغرات المرور، وما إن حدث حريق السنترال حتى انقلب خبراء الطرق إلى خبراء وعلماء فى الاتصالات والألياف الضوئية والسنترالات والشبكات، والفروق الدقيقة بين «الفور جى، والفور إم»، ناهيك عن تعميق «التناضد الاستكناهى بين انبعاثات السنترال الديجيتال والتواصل مع القمر الاصطناعى المتماهى فى الثقوب النوعية لمتحصلات الرادون البروتونى».
هذا وغيره، نراه بشكل مستمر مع افتكاسات وهبدات السادة، العمقاء، من خبراء «الطرق والكبارى، والمرور الممزوج بالاتصالات الكونية والترددات الفرط صوتية»، وقد قرأنا عشرات البوستات حول الأسباب الخفية للحريق، وخطورة الكشف البريتونى على مراكز نقل الخصائص، ونحن هنا لا نتحدث عن خبراء فعلا، إنما عن ناس اعتادوا أن يتحدثوا بكل ثقة فى كل الموضوعات، سواء الفروق بين الصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة، أو بين شبكات الإنترنت الهوائى والمائى والبرمائى، ناهيك عن طبقات الأرض وأعماق البحار وشواطئ المستنقعات.
وعلى طرف آخر، وجدنا نوعية من الخبراء المفتكسين وكبار الهبّادين، ومنهم استشارى خبير سياسى مقبل مدبر معا، سبق له وأن أعلن أن حريق العتبة قبل سنوات هو لإخلاء غرب النيل من أجل بيعه خردة، وهو نفسه لمح خلال «هبدة» جديدة أن حريق السنترال تمهيد لصفقة خبيثة، وهو ليس وحده، هناك آخرون خرجوا ليلمحوا ويربطوا الأشياء بالحاجات فى ترتيب اتصالى وصولا إلى الفاعل المجهول من أجل « شراء العام وخصخصة المخمصة»، وطبعا لا أحد يستبعد فعل الفاعل، أو خطأ المهمل، فقط ننتظر ونرى التحقيقات، هذا كل ما نريده من السادة العمقاء، أن يرعوا قليلا قبل أن يهبدوا، حتى لا يشوشرون على الموضوع، ويصيبون الرأى العام بتلبُّك معلوماتى.
ومثلما نطالب الحكومة والجهات المعلومة بالشفافية، ونراها علاجا للشائعات، نناشد السادة الهبادين، بأن يبتلعوا ريقهم، ويخففوا من تناول حبوب «الهرى» ويمنحوا فرصة للخبراء أن يعملوا ويعالجوا وبعد ذلك يهبدوا كما يحبون، وأن يمنحوا فرصة لمن يعرف ليقول، لأن ما يجرى هو أمر خارج نطاق العقل، وداخل حزام «اللايك».
مثلما كانت هناك مدارس الفن للفن أم الفن للحياة، هناك مدارس الهبد للهبد، وبحثا عن لايكات وإعجابات، وهو أمر ينتج خبيرا كل 30 ثانية على مواقع التوصل، يمكنه الحديث فى إنستاباى والطائرات والسنترالات والحروب وزراعة البقدونس، وطريق الهبد دائما مفروش بالنيات الديجيتال.

مقال أكرم القصاص بالعدد الورقى لليوم السابع

Trending Plus