لالة فاطمة نسومر.. بطلة جزائرية هزت عرش الاحتلال الفرنسي

في جبال جرجرة بالجزائر، ولدت لالة فاطمة نسومر، المرأة التي حملت البنادق وخاضت معاركها بثبات نادر، حتى لقّبها الفرنسيون بـ"جان دارك الجزائر"، بينما أحب أبناء بلادها أن ينادوها بـ"خولة جرجرة" في إشارة إلى الفارسة العربية الشهيرة خولة بنت الأزور.
ولدت فاطمة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر بقرية ورجة قرب عين الحمام بمنطقة القبائل، وسط بيئة دينية تتبع الطريقة الرحمانية، حفظت القرآن الكريم في سن صغيرة، وتعلمت أصول العلم والتصوف، غير أن قدرها كان أن تخلع عن نفسها رداء الزهد لتلبس عباءة المقاومة.
كان يُنتظر منها أن تكون متصوفة أو معلمة في الزاوية، لكنها حين رأت وطنها يُنهب، وقراها تُحاصر، وشعبها يُذل، اختارت أن تترك الخلوة وتدخل الميدان. وقادت الرجال في جبهات لم يكن يُسمح للنساء بالاقتراب منها.
تقول الكتب إنه لما اعتُقل الحاج عمر شيخ الزاوية الرحمانية ونُفي إلى تونس، قادت زوجته "لالة فاطمة" الحركةَ بنفسها، وهي بنت الشيخ علي بن عيسى الخليفة الأول لمؤسس الزاوية الرحمانية، وفي عام 1854، سطّرت فاطمة أحد أبرز فصول البطولة الجزائرية عندما قادت المقاومين في معركة سباو العلوي، التي كبّدت القوات الفرنسية خسائر فادحة فاقت 800 قتيل، وواصلت قيادة المعارك في تامزقيدة وآيت إيراتن وإيشيريدين، بالشراكة مع القائد بوبغلة، الذي اعتبرها نِدًّا له في القيادة، قبل أن يستشهد وتتابع هي الطريق وحدها.
لم تكن مجرّد محاربة، بل كانت زعيمة روحية، تُلهب الحماسة في قلوب الرجال، وتحمل السلاح بنفسها، وتخاطب الجنود ببلاغة وعزم.
في 11 يوليو 1857، سقطت فاطمة أسيرة في يد الفرنسيين، اعتُقلت في منطقة تابلاط (أو بني سليمان)، ووُضعت تحت الإقامة الجبرية في زاوية العيساوية، وعلى الرغم من المرض الذي ألمّ بها في سجنها، بقيت مرفوعة الرأس حتى توفيت عام 1863، عن عمر لم يتجاوز 33 عامًا.
دفنت لالة فاطمة أولًا في مقبرة سيدي عبد الله، ثم نُقلت رفاتها لاحقًا إلى مربع الشهداء في مقبرة العالية بالعاصمة الجزائرية، حيث تُكرم أرواح الرموز الكبرى.
خلّدتها الجزائر بتماثيل وشوارع ومدارس، وخصصت لها تمويلات سينمائية ومسرحية، أبرزها فيلم "فاطمة نسومر" (2014) ومسرحية "المرأة الصقر".

Trending Plus