هبة مصطفى تكتب: نقطة انطلاق.. كيف نُعيد اكتشاف أنفسنا فى منتصف العمر؟

عزيزى القارئ، ربما لا يدرك الكثير منا المعنى الحقيقى للتغيير، ولكنك ستكتشف يومًا أنك أقوى مما ظننت. كلماتى اليوم ذات طابع خاص، موجهة للجميع، صالحة لكل من أنهكه الركض فى زحام الحياة.
مع تعاقب السنوات، قد نشعر أن القطار مضى بنا بعيدًا، وأن فرص البدايات الجديدة أصبحت نادرة أو حتى مستحيلة. لكن الحقيقة أعمق من هذا الإحساس العابر؛ فكل يوم يُمنح لنا هو بداية محتملة، لا تتعلّق بعمر أو ظرف.
منتصف العمر قد تبدو عبارة صادمة للبعض، إذ يُنظر إليها غالبًا على أنها بداية النهاية، بينما هى فى الواقع مرحلة الوعى والنضج، محطة نُراجع فيها ما فات، ونخطو نحو القادم بعيون مختلفة، وبقلب أكثر هدوءًا واتزانًا.
عزيزى القارئ، الحياة ليست خطًا مستقيمًا، وليست البدايات الحقيقية قصرا سنّ الشباب. فشاب اليوم كهل غدا كلما تقدمنا فى العمر، امتلكنا أدوات أفضل لفهم الحياة، ولإعادة تشكيل ذواتنا من جديد.
هذه ليست وصفة جاهزة للتغيير، بل دعوة صادقة للتأمل، للتساؤل، ولإعادة التواصل مع الذات. والسؤال: هل يمكننا أن نبدأ من جديد؟
الجواب: نعم، وبكل قوة. قد لا تعرف تمامًا كيف تبدأ، وقد لا تملك الشجاعة الآن، ولكن ثق بأنك أقوى مما تظن. إذا كنت ممن يسعون لإحياء بقية العمر بما يليق بك، فابدأ من داخلك:
طوّر مهاراتك المهملة، تخلص من العادات السلبية التى أعاقتك، وتوقّف عن ترديد عبارات الإخفاق. بدلاً من قول: “أنا فاشل” أو “لن أقدر”، استبدلها بـ: “أنا أتعلم”، “أنا أتغير”، “أنا أستحق الأفضل”.
نحن بحاجة لأن نستقر فى أجسادنا من جديد، بعد عناء الفقد، ونخرج من قبور الكسل والعجز التى حجبت عنا نور الحياة، وغلفت الاحلام والامنيات بتراب الزمن. لذا هذا ليس بالأمر الهيّن على الأرواح الراقدة نعم، لن يكون ذلك سهلاً، ولكن وجوبية التغيير لابد منها لنصنع غدًا مشرقًا بلغة جديدة ونفس أكثر تماسكا واتزانا. ونتذكر سويا أن البدايات لا ترتبط بعمر، بل بإرادة وشجاعة. فكثيرون بدأوا حياتهم الحقيقية فى منتصف العمر؛ من بدأ دراسة جامعية فى الأربعين، من غيّر مساره المهنى فى الخمسين. الفارق الوحيد الحاكم لهذا الامر هو الوعى والخبرة. التجارب التى استهلكت طاقتنا فى العشرين واستغرقت منا الكثر من الوقت تم الانتهاء منها الان فى وقت وجيز.
عزيزى القارئ لن تلام عندما تحفز ذاتك وأن تقول لنفسك “أنا أستحق أن أبدأ من جديد” هو إنجاز بحد ذاته، لأنك تعلن أنك لم تنتهِ بعد. وخير مثال يؤكد ذلك:"نيلسون مانديلا خرج من السجن في٧١ ليصبح رئيسًا. ومؤسس سلسلة كنتاكى بعد الستين. العمر لم يكن عائقًا، بل أصبح وقودًا إضافيًا. لذا لإعلان داعم جديد للمجتمع فى شتى المجالات مثل التعليم، فى الاعمال التطوعية وفى نشر ثقافة الحوار لتجنب الجدل العقيم واستبداله بلغة هادئة أقل صدامية وقتها سنجنى الكثير والكثير وكذلك منظومة العمل لخلق تحفيز حقيقى للموظفين، وإدارة التوتر والنزاعات، واستعمال أسلوب التهدئة واللغة المفتوحة بدل الاستفزاز، وسياسة الباب المفتوح وهو صانع الفرق الحقيقي
عزيزى القارئ أن لم تحب ذاتك لان يقدرها احد فما نقدمه لأنفسنا فى منتصف الطريق هو النظر إلى أعمارنا لا كأرقام، بل كرصيد من الخبرة التراكمية والتجارب المتعددة لنبدأ رحلة جديدة، أكثر وعيًا، وهدوءًا، وترك أثر حقيقى فى حياتنا وحياة من نحب.
وختامًا،فإن منتصف العمر ليس نهاية الطريق، بل أجمل نقطة انطلاق. حين تمتزج الخبرة بالشغف، والنضج بالأمل، تصبح كل لحظة نملك فيها الإرادة بداية جديدة تستحق أن تُبنى. وكما قال الشاعر:"ما مضى فاتَ، فاستبقْ خَيرًا، وجِدْإنّ فى العُمرِ بقايًا، فاحتَفِظْ”
ابدأ حيث أنت، بما تملك. فالحياة لا تزال تنتظرك.

Trending Plus