عصام عبد القادر يكتب عن الخروج من الأزمة: الوعي الصحيح بأنماطه المختلفة.. لا مكان للبطالة.. التنمية تقوم على سواعد وفكر ووجدان الجميع.. مضاعفة الإنتاج.. أمل التنمية في استثمار مواردنا

من وجهة نظري مطالعة تجارب الآخرين ليس بالأمر المجدي في بعض الأحيان، إذا ما أردنا أن نطبق الخبرات الأجنبية على أرض مصرية، دون دراسة العديد من المتغيرات المرتبطة بها؛ لكن الاستفادة من الفكرة الأصيلة، التي قامت على أساسها التنمية المستدامة بها أمر مهم، وهنا لابد أن نؤكد على قاعدة رئيسة، تسهم في إنجاح الجهود التنموية ببلادنا؛ ألا وهي خصائص المجتمع، ومعتقداته؛ حيث تمثل نقطة الانطلاق نحو النهضة الحقيقية، التي تقوم على شراكة منضبطة تساعد في التقدم بصورته الكلية، وليست الجزيئة؛ لتتسارع وتيرة النماء في مجالاته المتعددة.
البداية تكمن في الوعي الصحيح بأنماطه المختلفة؛ حيث إن امتلاك المعرفة الصحيحة، وما يرتبط من مهارات نوعية تشكل في كليتها صورة الخبرة، التي يقتنع بها الفرد، ويقدم على ممارستها بشكل وظيفي، وهذا ببساطة يعني أن الإنسان القادر على العمل يجب أن يقدم بكامل طاقته تجاه اكتساب خبرات تتناسب مع ملكاته، وقدراته؛ ليصبح مهيأ لخوض غمار العمل، وهنا يتوجب علينا أن نغرس في أبنائنا شغفا، وحبا للعمل، وتحقيق إنجازات، ولو كانت بسيطة في إطارها، ومكونها الأولى.
أعتقد أنه قد آن الآوان لأن نلغي مفهومًا قد ترسخ لقرون في الأذهان؛ ألا وهو البطالة، التي تعد شماعة لمن لا يعمل، أو يجد عمل، وهذا أعني به إلزام امتلاك الفرد المهارة في أي مجال يميل إليه؛ كي يجد المكان الذي يتناسب مع طبيعة ما لديه من خبرات، ومهارات متفردة، وأرى أن سوق العمل متعطش إلى العديد من المهارات، في كافة الحرف، والصناعات وغيرها من المجالات الاقتصادية، التي يصعب حصرها.
الصناعة، والزراعة والتجارة بكافة صورها، ناهيك عن مهن الخدمات، التي يحتاجها المجتمع في سائر القطاعات تستوعب الجميع، شريطة امتلاك مقومات المهن، التي نرغب في الانتساب إليها، بمعني أن ننحو المعرفة، والمهارة الخاصة بطبيعة ما نود العمل فيه، بل، نحب ما نعمل؛ كي نقدم أفضل ما لدينا من نتاج، وهذا يزيدنا إقبالًا، ويجعلنا نسعى إلى اكتساب مزيد من الخبرات المتجددة، التي تضاف إلى رصيدنا؛ لنرقي بصورة مستدامة في المجال الذي ننتمي إليه.
الخروج من الأزمة يعتمد على سواعد، وفكر، ووجدان الجميع؛ إذ يجب أن نعمل دون توقف، ونحب ما نقوم به من أعمال، ونقدم على تنمية ذواتنا، ونوقن أن البعد عن العوز يقوم على شراكة مجتمعية، ومؤسسية، لا يستثنى منها أحد، وهنا نرصد مجتمعًا منتجًا في كليته، لا يعتمد على فكرة الاستهلاك، ولا يعول على الاستيراد، ولا يقف عند بوابة المعونات، ولا يستشعر الإحباط جراء التحديات، أو الأزمات العابرة؛ ومن ثم يثق في قدراته، ويعلى من همته، ويكتسب بإرادة، وعزيمة لا تلين الخبرة، التي يود أن يحوزها؛ ليصبح قادرًا على العطاء المستدام.
إننا في احتياج إلى الإنتاج في كل مجالاته، وكلما زادت الشراكة، وأصبح ما يلبي المتطلبات، والاحتياجات المجتمعية بسواعد أبنائه؛ فإن هذا لا يتوقف عند حالة الاكتفاء الذاتي فقط، بل، نصل إلى جاهزية المقدرة على التصدير؛ لنغزو سوقًا عالمًيا مفتوحًا على مصراعيه للمنتج الجيد المتميز، وهذا من وجهة نظري ليس حلمًا، بل، يمكن أن نحققه؛ لأننا نمتلك المقومات، التي تساعد على ذلك، والمتمثلة في إمكانية حيازة الخبرات النوعية المرتبطة بالعمل، والإنتاجية، وتوافر كثير من الموارد الطبيعية، التي نستطيع أن نضيف إليها؛ لتزيد من قيمتها.
مضاعفة حجم ما ننتجه، من خلال فتح المزيد من خطوط الإنتاج في كثير من ربوع الوطن وفق دراسات علمية رصينة يفتح المجال لاستيعاب كثير من القوى العاملة بمختلف تخصصاتها؛ ومن ثم نستثمر الطاقات البشرية في إطار الإنتاجية، التي تذهب بنا إلى مسارات التصدير بعد الاكتفاء، وبناءً عليه يتوافر النقد الأجنبي، الذي يمكننا من استيراد الخامات، التي لا تتوافر لدينا، وتحتاجها صناعات داخلية، وهذا التدوير يجعلنا نبرم شراكات مع العديد من الدول، التي يمكن أن نتمدد من خلالها بما نمتلكه من ثروات البشرية، والمادية على السواء.
التميز الجغرافي للدولة المصرية يساعد في سهولة الولوج إلى أسواق العمل الإقليمية، والعالمية، ويجذب مزيدًا من الاستثمارات في ربوع البلاد، وهنا نتطرق إلى الحديث عن مضاعفة الجهود تجاه القارة الأفريقية، التي تزخر بالثروات المعدنية منها، وغير المعدنية، ورغم التحديات، التي قد تقف حجر عثرة في تلك الآونة خاصة تتنامي الصراعات الداخلية؛ إلا أن هناك إمكانية؛ لاستكمال صور التعاون من خلال الدولة، وأجهزتها المعنية بهذا الشأن؛ لنضمن سلامة العنصر البشري، والحفاظ على مقدراتنا، التي يتم الدفع بها، أو تدشينها في دول الشراكة بالقارة السمراء.
العمل على تعظيم السياحة من خلال التسويق الاحترافي لها، والاهتمام بتوفير بنية قوية، وخدمية قد بات أمرًا مهمًا للغاية في بلادنا؛ فمصر بها متنوع جاذب للعالم بأسره؛ حيث بها نمط السياحة الدينية، والثقافية، وسياحة الآثار، والسياحة الرياضية، والشاطئية، والساحلية، والعلاجية وسياحة المنتجعات الصحية، والترفيهية والترويحية، وسياحة المشتريات في مدن قد أضحت مبهرة، ناهيك عن سياحة المؤتمرات، والندوات العلمية، والمهرجانات بكل تنوعاتها.
قطاع السياحة منفرد في مناخ الأمن، والأمان، والاستقرار الذي نعيشه الآن، يستوعب طاقات شبابية كثيفة قادرة على العطاء؛ حيث صور الإرشاد لمن يمتلك اللغات، والثقافة، والمنشآت السياحية، التي تقدم الخدمات المتنوعة إلى السائحين من خلال متخصصين في المجال، سواءً في الفنادق، أو المطاعم، أو مراكز الإرشاد، والإعلان، ووسائل الانتقال المتطورة، بالإضافة إلى من يقدمون صور الفلكلور المصري، الذي يهواه، ويعشقه السائح، ويتطلع إلى مشاهدته.
الأمل في التنمية بمجالاتها المختلفة قائم، وبوابته منفتحة، ومصر لديها مقومات الخروج من الأزمة بعزيمة الأبناء، والقائمين على الأمر، الاستسلام لا تعرفه الشعوب الحرة، التي تأبى الخضوع، أو الخنوع، وما يؤكد تلك الجهود، التي بذلت من أجل تحقيق نهضة حقيقية؛ فلدينا جاهزية بما نملكه من مشروعات قومية، وموارد بشرية، ومادية؛ لنحقق أحلامنا، وتطلعاتنا المشروعة؛ كي نثبت للعالم كله أن مصر، وشعبها، ومؤسساتها، وقيادتها السياسية ماضون نحو مستقبل مشرق يحمل الخير المستدام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus