الاتصالات والسنترالات والبدائل والدعاية.. إدارة الأزمة ومناعة الخبرة!

نظن أن أزمة تداعيات حريق سنترال رمسيس تفرض على كل الأطراف أن تنتبه وتفكر فى كيفية التعامل مع أى طوارئ قادمة، وكما قلنا ونعرف فإن الأزمات واردة فى كل مكان فى العالم، وقد أصبح اعتمادنا على التكنولوجيا أكثر كثيرا من السابق، وبشكل تام تدخل التقنيات فى كل مفردات حياتنا، بصرف النظر على المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى، لا غنى عن الإنترنت، بل إن التكنولوجيا خلقت أنواعا من الوظائف لم تكن موجودة أو ممكنة، ومنها تطبيقات النقل أو العمل من المنزل، أو تقديم أنواع من الخدمات عبر البحار وبين القارات، بجانب طبعا التواصل الاجتماعى وكون العالم أصبح غرفة واحدة وليس فقط قرية صغيرة.
ومن هنا علينا ونحن نناقش مثل هذه الأزمات أن نضع فى اعتبارنا أن كل الأطراف ضالعة وموجودة ومستفيدة من الأمر، وعندما ننتقد جهة أو وزارة أو شركة فالأمر يدخل فى سياق الانتقاد المهم للفت النظر، وأن يكون من مهام أى حكومة العمل على مواجهة وحل المشكلات والأزمات، وإيجاد بدائل، ونتذكر أن عام 2008 شهد انقطاعا فى كابلات الإنترنت التى تمر فى البحار، وهو ما أثر على الخدمة فى كثير من دول العالم وتسبب فى خسائر ضخمة، وهناك دائما مخاوف وهواجس من تكرار الانقطاعات، ورأينا تأثير حريق سنترال رمسيس، وكيف أثر بشكل مباشر على خدمات الشركات المختلفة، وإن كانت بعض المؤسسات واجهت عطلا أطول من غيرها، خاصة التى ليست لديها خطط بديلة أو اختيارات أخرى، وهو أمر يفرض على هذه المؤسسات المصرفية أو المالية أن تضع فى اعتبارها هذا الأمر، وتجد لنفسها بدائل، وأن تنفق على التأمين والتكنولوجيا، خاصة وهى شركات ومؤسسات تربح وتحصل على عمولات من عملائها مقابل الخدمة.
وهناك ملاحظة مهمة وهو سرعة عودة خدمات المصرية للاتصالات، وأيضا ظهور نتائج لمخططات الدولة قبل سنوات بتأمين اكبر وخلق بدائل وعدم تركيز أنظمة المعلومات فى مركز واحد يكون معرضا للهزات، عندما قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى إنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية «P1» كأول مركز يقدم خدمات «تحليل ومعالجة البيانات الضخمة - الذكاء الاصطناعى» فى مصر وتم افتتاحه فى 28 أبريل 2024.
ونعود إلى كون بعض الشركات الخاصة التى تحصل على مليارات ولا تهتم بغير الدعاية والإنفاق على الدعاية من دون أن تنفق فى التحديث أو خلق البدائل، وهى أمور تظهر بشكل كبير فى حجم الشكاوى من العملاء وغياب حق المستهلك والتعامل بلا مبالاة مع كثير من الشكاوى، وبالمناسبة فهناك بعض الخبراء أو العاملين فى الاتصالات يلقون اللوم على كون الشركة القومية هى التى تشرف على القواعد الخاصة بالمعلومات، ولا تسمح للقطاع الخاص بالعمل فيها، وهو أمر معروف فى كل دول العالم وأعتى الدول الرأسمالية التى تحتكر هذا المجال فى ما يتعلق بالمعلومات والسنترالات الرئيسية والطرفية، وهو أمر معروف، وردّ به عدد ممن يختصون فى هذا المجال.
وبالتالى فإن لوم الشركات التى تنفق على الدعاية وتهمل التأسيس والبنية الأساسية، هو أمر يتعلق بشمولية الأمر وعدم الاعتماد على جهة واحدة، بجانب أن انتقاد الحكومة والجهات الرسمية لا يمنع من انتقاد شركات تحقق مليارات من دون أن تضع فى حسبانها القواعد الأساسية للإدارة، وهى وضع وإيجاد بدائل، وبالتالى فإن الازمات هى التى تخلق الدروس والخبرات وتجعل من السهل خلق مناعة، تماما مثلما يساهم التطعيم ضد الفيروسات فى خلق مناعة.

مقال أكرم القصاص

Trending Plus