ترامب يشعل حرب الرسوم مجددًا.. تهديدات جمركية تربك الاقتصاد العالمي وتضع أوروبا والمكسيك في مواجهة مع واشنطن.. البرلمان الأوروبي: صفعة في وجه المفاوضات.. والأجهزة المنزلية والقهوة أبرز السلع المتأثرة

يقف الاقتصاد العالمي على حافة توتر جديد، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 30% على واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، في تصعيد وصفته بروكسل والمكسيك بـ"الخطير" و"غير العادل"، وسط تحذيرات واسعة من تداعيات كارثية على سلاسل التوريد والأسواق العالمية.
وقال ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال"، إن القرار سيدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس المقبل، مبررًا خطوته بـاستمرار العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي، و"تقصير المكسيك في مكافحة تهريب المخدرات".
ولم يقتصر التهديد الأمريكي على الشريكين الأوروبي والمكسيكي، بل شمل رسائل رسمية أرسلت إلى أكثر من 20 دولة أخرى، بينها كندا، والبرازيل، كوريا الجنوبية، تايلاند، والعراق، في إطار حملة أوسع لما بات يعرف في واشنطن بـ"يوم التحرير الجمركي".
وتعد هذه النسب الأعلى في تاريخ السياسة التجارية الأمريكية الحديث، إذ تشير تقديرات إلى أنها ستشكل متوسط الرسوم الأعلى منذ أكثر من قرن.
وأثار إعلان ترامب موجة ردود فعل غاضبة في أوروبا، حذرت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، من أن الرسوم ستؤدي إلى "تعطيل سلاسل التوريد، والإضرار بالمستهلكين والشركات على ضفتي الأطلسي"، مؤكدة استعداد الاتحاد للرد "بإجراءات مضادة متناسبة" إن لزم الأمر.
كما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخطوة بأنها "مرفوضة تمامًا"، داعيًا إلى الدفاع بحزم عن مصالح أوروبا، بينما اعتبرها رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي "صفعة في وجه التفاوض"، محذرًا من تحولها إلى شرارة لحرب تجارية شاملة.
ومن جهتها، أعربت الرئيسة المكسيكية، كلاوديا شينباوم، عن ثقتها في إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن، لكنها شددت على أن سيادة المكسيك ليست محل تفاوض، في رد على اتهامات ترامب بأن بلادها لا تبذل ما يكفي لضبط الحدود.
وقالت شينباوم: "نأمل في التوصل إلى ظروف أفضل قبل الأول من أغسطس، ولكننا واضحون بشأن خطوطنا الحمراء".
على صعيد آخر، توقع خبراء اقتصاديون أن تؤدي التعريفات الجديدة إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار عدة سلع، من أبرزها: النفط والغاز خاصة من كندا، أكبر مورد للوقود إلى الولايات المتحدة، والأجهزة المنزلية مثل الغسالات والثلاجات، مع ارتفاع الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم المستخدمة فيها، والملابس والإكسسوارات والتي قد ترتفع تعريفاتها إلى أكثر من 40%، مما يضغط على أسعار التجزئة، والإلكترونيات مثل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، نتيجة اعتمادها على النحاس المستورد والخاضع لتعريفات إضافية، وكذلك القهوة مع تهديد بفرض رسوم 50% على الواردات من البرازيل، المورد الأول للقهوة إلى أمريكا.
ووفقًا للصحف الأوروبية، فإن هذه الخطوة تأتى في إطار إحياء ترامب لنهجه المتشدد تجاه التجارة العالمية، والذي يعتمد على الضغوط الجمركية كوسيلة للتفاوض، ومنذ عودته للبيت الأبيض في يناير الماضي، فرض ترامب رسوماً متفاوتة على الشركاء التجاريين، أبرزهم الصين، والاتحاد الأوروبي، ودول أمريكا اللاتينية.
وحتى الآن، لم تسفر هذه الاستراتيجية عن نتائج ملموسة سوى اتفاقين تمهيديين مع بريطانيا وفيتنام، بينما تتعثر المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، الذي لا يزال يسجل عجزًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بلغ 235.6 مليار دولار في 2024.
ورغم الانتقادات، دافع ترامب عن سياسته، وقال في مقابلة تلفزيونية: قد يكون البعض منزعجًا، لكن الرسوم تعني أن مئات المليارات من الدولارات تتدفق إلى بلادنا، وحذر شركاءه من الرد، مؤكداً أن أي إجراء مضاد سيقابل برسوم أعلى قد تتجاوز 50%.
وبين التهديد والتفاوض، يقف الاقتصاد العالمي على حافة توتر جديد، فبينما تأمل أوروبا والمكسيك في احتواء الأزمة عبر الحوار، يصر ترامب على المضي قدمًا، ملوحًا بتوسيع الإجراءات ما لم تتحقق مطالبه، ويبقى الأول من أغسطس هو موعد الفصل الذي سيتحدد فيه أو قبله، ما إذا كانت هذه المواجهة ستنتهي باتفاقات تجارية أم ستفتح الباب على مصراعيه لحرب تعريفات قد تهز الاقتصاد العالمي بأكمله.

Trending Plus