"شجرة مريم" شاهدة على رحلة العائلة المقدسة إلى مصر.. تجديد الموقع لجذب السياحة الدينية إلى قلب حى المطرية الشعبي بشرق القاهرة.. وكاهن كنيسة مارمرقس بأسوان: مأوى قديم يبعث برسائل جديدة عن اللجوء والسلام

شجرة مريم
شجرة مريم
كتب محمد الأحمدى

في قلب حى المطرية الشعبي بشرق القاهرة، تقف "شجرة مريم" شامخة بجذعها الملتوي وأغصانها المعمرة، شاهدةً على واحد من أهم الفصول في التاريخ الديني والإنساني. هنا، يُعتقد أن العائلة المقدسة — مريم العذراء، والطفل يسوع، والقديس يوسف النجار — استظلوا بهذه الشجرة أثناء رحلتهم الشهيرة هربًا من بطش الملك هيرودس، فيما يُعرف بـ"الهروب إلى مصر"، في واحدة من أقدم صور اللجوء والهجرة القسرية المسجلة في التاريخ.

محطة على درب النجاة

وفقًا للتقاليد القبطية، تمثل شجرة مريم إحدى أبرز المحطات ضمن مسار العائلة المقدسة داخل الأراضي المصرية، والذي يضم أكثر من 25 موقعًا امتدت من سيناء وحتى صعيد مصر. ويقال إن العذراء جلست تحت ظل هذه الشجرة للراحة، وشربت من بئر قريب ما زال قائمًا حتى اليوم، فيما روى البعض أن الشجرة انحنت بجذعها لتحجبهم عن أعين الجنود الرومان.

وتمثل الشجرة، وهي من نوع الجميز المصري، رمزًا للسلام والنجاة، وقد جرى الاهتمام بها على مدار قرون، حيث شُيد حولها مقام صغير ومزار مفتوح، يجذب الزوار من المسيحيين والمسلمين على السواء، في مشهد نادر من التلاقي الروحي والثقافي.

الهجرة كقيمة إنسانية

وقال الأب دوماديوس كاهن كنيسة مارمرقس بأسوان أن شجرة مريم ليست مجرد أثر ديني إنها أيضًا رمز للهجرة بوصفها فعلًا إنسانيًا تكرر على مر العصور. فالعائلة المقدسة لم تكن تسافر في رفاه، بل كانت تهرب من الموت. هجرة اضطرارية، لكنها مثقلة بالأمل، تمامًا كما يهرب اليوم آلاف اللاجئين والمهاجرين من أوطانهم بحثًا عن مأوى آمن، وغد أكثر رحمة.

من هنا، ترتبط شجرة مريم بمجموعة من الدلالات الرمزية العالمية. ففي الأيقونات القبطية والغربية، تظهر الشجرة دائمًا كشاهد على "المأوى المؤقت"، و"الانتقال المحفوف بالخشية"، وهي معانٍ نجد صداها في أدبيات الهجرة المعاصرة، حيث تُمثّل الأشجار عمومًا رمزًا للثبات في وجه الترحال.

مفترق طرق بين الديانات

ما يثير الاهتمام أن شجرة مريم ليست ذات مكانة في المسيحية فقط، بل تحظى أيضًا بتبجيل واسع في التراث الإسلامي، حيث يُشار إليها في بعض كتب السيرة والتفسير كموضع استراحت فيه السيدة مريم مع ابنها، ويُقال إن جذع الشجرة انشق ليسمح لها بالدخول والاختباء.

هذا التداخل بين الديانات، خاصة في مصر، يمنح الشجرة قوة رمزية مضاعفة، ويجعلها محل إجماع شعبي فريد. فقد زارها الكثير من الخلفاء المسلمين، وتم ترميمها في عصور مختلفة، أبرزها في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. حتى اليوم، يُقام لها مولد شعبي صغير في المطرية، تحضره عائلات من المسلمين والمسيحيين، لتُصبح الشجرة "وطنًا روحيًا" عابرًا للطوائف.

من المحلية إلى العالمية

وفي عام 2022، أطلقت وزارة السياحة والآثار المصرية مشروعًا لتوثيق وترويج "مسار العائلة المقدسة" كأحد المقاصد السياحية الدينية العالمية، وضُمَّت شجرة مريم ضمن هذا المسار الذي رُوّج له دوليًا. وقد شهدت المنطقة المحيطة بالشجرة أعمال تطوير وتحسين للبنية التحتية، لتسهيل استقبال الزوار والسياح، في محاولة لتحويل هذا الموقع الرمزي إلى نقطة تلاقي ثقافي وروحي عالمي.

رسالة خالدة

وسط ما يشهده العالم من صراعات ونزوح جماعي، تظل شجرة مريم تهمس برسالتها: أن الهجرة ليست ضعفًا، بل شجاعة في البحث عن الحياة. وأن الظلال التي احتضنت مريم ويسوع ويوسف قبل ألفي عام، لا تزال قادرة على احتضان أرواح الباحثين عن الأمان، في زماننا القاسي هذا.

إنها أكثر من شجرة. إنها علامة على طريق النجاة، ورمز لصبر الأمهات، ورجاء المهاجرين، وذاكرة الجماعة، ومزار يجمع بين من تفرقوا، في الدين، أو المكان، أو المصير.

أجيال شجرة المطرية 

وذكر الأب جورج سليمان أنه يوجد 4 أجيال من الشجرة حاليا وهم الشجرة الأم والموجودة كفروع خشب فقط ويوجد الجيل الثانى والجيل الثالث والجيل الرابع من الشجرة، وشاركت الكنيسة الكاثوليكية في ترميم الشجرة عن طريق الرهبان الفرنسيسكان الذين أتوا إلى المطرية في القرن الـ 15 عام 1584 واستمروا فيها حتى 1788 ورمموا الشجرة وحصلوا على أغصان منها ومنها خرجت الأجيال الجديدة للشجرة

مكان الشجرة 

وحول التساؤلات العديدة عن مكان الشجرة ذكر أن هذا المكان هو المكان الأصلى للشجرة وحاليا تم ترميمها ويوجد بها المحكى الذى يحكى المراحل التي تمت في تطوير الشجرة، وذكر أن أغلب زوار مكان شجرة مريم من الأجانب من النادر جدا وجود زوار مصريين

رحلة العائلة المقدسة فى المطرية

وكانت رحلة مسار العائلة المقدسة بدأت فى الهروب من بيت لحم فى فلسطين بسبب اضطهاد هيرودس الذى كان مزمع قتل السيد المسيح، وذهبت السيدة مريم العذراء ويوسف النجار والسيد المسيح فى رحلة هروبهم إلى مصر فى 20 مسار، حيث بدأت من فلسطين، إلى مصر عن طريق الهضاب والصحارى، وليس عبر إحدى الطرق المتعارف عليها –ثلاثة طرق حينها- ووصلوا إلى حدود مصر فى محطتهم الأولى، ومروا بمحطات متتالية منها المطرية  عبرت العائلة النيل للذهاب إلى المطرية، وعين شمس، وكانت توجد فى هذا المكان شجرة، استظلوا بها من حر الشمس، وتعرف باسم شجرة مريم وانبع المسيح نبع ماء وشرب منه، وغسلت فيه العذراء ملابسه.

وفى نهاية الرحلة انطلقت العائلة عائدة من الصعيد حتى وصلوا إلى مصر القديمة ثم المطرية ومنها إلى سيناء ففلسطين حيث يسكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى