شهيرة محرز حارسة ذاكرة الأزياء المصرية

شهيرة محرز
شهيرة محرز
سارة درويش

تعلمت في مدارس فرنسية وترتدي الجلابية التقليدية من سن 16.. وثقت تراث الأزياء التقليدية في مصر خلال 30 عامًا من البحث.. انتقلت من سيناء إلى النوبة والواحات لإنقاذ ما تبقى من هويتنا

 

محرز: الأزياء التقليدية تقلل الفروقات الطبقية وتنقذنا من فخ الاستهلاكية

في عالم يغرقنا فيه الغرب بأنماطه ومعاييره وتلهث الفتيات وراء تريندات الموضة والمكياج التي تصدرها الفتيات الغربيات على منصات التواصل الاجتماعي اختارت امرأة مصرية قبل نحو 70 عامًا أن تكون حارسة ذاكرة نساء هذا الوطن وتراثه، وأدركت منذ سن مبكرة جدًا أهمية الأزياء في الحفاظ على الهوية، فاختارت منذ كانت في السادسة عشرة من عمرها، ورغم أنها تدرس في مدرسة فرنسية أن ترتدي الملابس التقليدية المصرية، اختارت أن تنحاز لما هو أعمق من الموضة… أن ترتدي هويتها.


شهيرة محرز، أستاذ العمارة الإسلامية بجامعة حلوان، ومصممة الأزياء التراثية استنكرت منذ مراهقتها اللهاث وراء خطوط الموضة الغربية والهوس بمجلات الموضة الأجنبية في مقابل إهمال تاريخ غني من الأزياء التقليدية التي تحمل روح الأرض وهوية مصر فكانت بدايتها بسيطة، لكنها جذرية. قررت منذ ذلك الوقت ألا ترتدي إلا الملابس التقليدية المصرية، حتى أنها كانت ترتدي الجامعة مرتدية جلابية رجالي مصرية التصميم. كانت والدتها وجدتها غير مرتاحتين، لكنها أصرت على موقفها فاحترمتا اختياراتها. لم يكن تمردًا، بل كان إيمانًا بأن ما نرتديه ليس مجرد قماش، بل انعكاس لما نؤمن به حسبما قالت في مقابلة تلفزيونية ثرية مع الإعلامي القدير محمود سعد.


درست شهيرة محرز الآثار الإسلامية وتاريخها، وبدأت رحلتها في جمع الملابس التراثية من كل شبر في مصر بصحبة صديقتها الراحلة نعمة كامل. ما يزيد عن ثلاثين عامًا أمضتها تتنقل من سيناء إلى النوبة، من الواحات إلى الصعيد، توثق وتجمع وتحفظ، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من هوية تُنسى يومًا بعد يوم.


في منزلها الذي صممه المعماري المصري الراحل حسن فتحي، تجد نفسك في متحف حي. كل زاوية تحكي قصة. المفروشات، النسيج، المقتنيات… كل قطعة هي امتداد لرحلة عمرها الطويل، رحلة البحث عن مصر التي كدنا أن ننساها.


تقول شهيرة في المقابلة: «الملابس جلدي الأول، والبيت جلدي الثاني وكذلك المفروشات. هما اللي بيخلّوني أعرف أنا مين.» لكنها تعترف، بألم لا تخفيه، أنها فشلت في إقناع السيدات المصريات بالعودة لأزيائهن التقليدية. «كان عندي أمل إننا نسترجعها، بس معرفتش أنشر الفكرة»، تقولها بصراحة نادرة، لكنها تظل تحارب بطريقتها.


تؤمن شهيرة أن الغرب لم يصدر لنا الموضة عبثًا، بل ليجعلنا مستهلكين دائمين، نركض خلف جديدهم كل موسم، ونهمل إنتاجنا، فتنكسر ثقتنا بأنفسنا. ترى أن الملابس التقليدية كانت تقلل الفروق بين الطبقات، ملابس كانت ترتديها زوجة العمدة وخادمتها دون أن تفرق بينهما والزي التقليدي دائمًا قابل لأن يتم تصنيعه بخامات فاخرة وأيضًا بخامات قليلة التكلفة، لأن الملابس في النهاية تعبر عن هوية وليس عن طبقة.


تحكي أن قطعة الملابس التقليدية المصرية كانت تُخاط لتعيش. تُورَّث، وتُلبس في المناسبات، وتبقى رمزًا. مثل فستان ديور الأسود الذي تحتفظ به نساء الطبقة الراقية لعشرات السنوات، كان الفستان النوبي أو «الملس» يُرتدى طوال العمر، وتلبسه الأم وتورثه لابنتها مشيرة إلى أنه كان من ملابس الطبقة الراقية لأنه كان يصنع من الحرير المصبوغ بالأسود وهي أغلى أنواع الصبغات.


في كتابها عن الأزياء التقليدية المصرية، توثق شهيرة محرز هذا التاريخ المنسي. تثبت أن ملابس سيوة مثلًا، رغم ما يُقال عن أصولها الأمازيغية، تحمل في تفاصيلها عناصر مصرية أصيلة. توضح كيف أن الزينة والمطرزات في ملابس النوبة، والصعيد، وسيناء، تحمل روحًا مشتركة تعبر عن حضارة واحدة رغم تنوعها. مشيرة إلى أن مصر من أغنى الدول بالأزياء التقليدية فلديها نحو 24 زيًا متنوعًا بينما الدول الأخرى لديها زي واحد أو اثنين.


في الثمانينات، أسست «مشغل فتيات العريش» لتعليم نساء سيناء كيفية إنتاج قطع مستوحاة من تراثهن، لخلق مصدر دخل مستدام. كانت تجلس معهن، تتعلم منهن وتخرج إنتاجهن للعالم. لم تكن فقط تحفظ الذاكرة، بل تحاول بث الحياة فيها من جديد.


ومع ذلك، لم تيأس. لا تزال شهيرة تحلم بأن تعود المرأة المصرية لترتدي ما يعبر عنها. لا ترفض الغرب، لكنها ترى في العودة للجذور اعتزازًا بالذات، مثل إمبراطور اليابان الذي ارتدى زي بلاده التقليدي في لحظة توديع الحكم، وبإمكانه في أي وقت أن يرتدي بدلة توكسيدو دون تناقض.

Image-1-1
 
Image-2ديكوبيه
ديكوبيه

 

Shahira-interview-9ديكوبيه
 
shahira-portrait-scaled
 
Binder1-2

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

خلال أيام ..فتوح يعتذر للزمالك وفيريرا يحسم مصيره

اليوم السابع ينشر الصورة الأولى من حادث سيارة ليلي علوي بالساحل الشمالي

الحكومة تحدد معايير مستحقى وحدات بديلة بقانون الإيجار القديم باجتماعها المقبل

رئيس الوزراء: عمل لجان حصر المناطق بقانون الإيجار القديم سيتم بنظام النقاط

منتحل صفة أنثى.. إخلاء سبيل البلوجر ياسمين بكفالة 5000 جنيه


مجلس إدارة المصري: نرفض محاولات الإساءة للاعبين بأي شكل من الأشكال

الأرصاد توجه تحذيرا عاجلا للمواطنين بسبب ذروة الموجة شديدة الحرارة

افتتاحية الجارديان: إسرائيل هددت أنس الشريف وقتلته لإسكات صوت الشهود

موعد الظهور الأول لـ وسام أبو علي مع كولومبوس كرو في الدوري الأمريكي

قواعد عمل لجان تحديد قيمة الأجرة الشهرية للشقق المؤجرة بقانون الإيجار القديم


الإسكان: بدء تلقى طلبات مستأجرى الإيجار القديم لحجز وحدات بديلة أول أكتوبر

مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية

مرحلة تقليل الاغتراب.. رابط التسجيل الإلكترونى للتقدم والتحويلات بين الكليات

موعد انتهاء التوقيت الصيفى.. استعد لتأخير الساعة 60 دقيقة هذا الموعد

موعد المولد النبوى الشريف 2025 فلكيا

تنسيق المرحلة الثالثة.. كليات الزراعة المتاحة لطلاب الثانوية العامة

موعد مباراة بيراميدز وأوكلاند سيتي فى بطولة كأس الإنتركونتيننتال للأندية

"الشقة من حق الزوجة".. 6 حالات يضمن فيها القانون بقاء الحاضنة بمنزل الزوجية

هيئة الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة اليوم وأمطار تصل لحد السيول

انطلاق مباريات الجولة الثانية من مسابقة الدوري المصري غداً

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى