من القهوة إلى اللحوم.. موجة من ارتفاع الأسعار بالأسواق العالمية.. تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على البرازيل تؤجج الأوضاع.. أمريكا تشهد زيادة فى أسعار البرجر و50% زيادة فى سعر البن.. وضربة قوية لصناعة الأدوية

تشهد الأسواق العالمية موجة ارتفاع فى أسعار العديد من المنتجات الأساسية، بدءًا من القهوة وصولًا إلى اللحوم، نتيجة التهديدات الأخيرة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات البرازيل. ومن المتوقع أن تؤدى هذه الإجراءات إلى زيادة ملحوظة فى أسعار البرجر فى الولايات المتحدة، حيث ارتفع سعر البن بنسبة 50%، مما يشكل ضربة قوية للمستهلكين والشركات الأمريكية على حد سواء.

تأتى هذه التطورات فى ظل تعليق واردات عدة منتجات من المكسيك، مما يزيد من الضغوط على سلاسل التوريد ويضاعف تكاليف الإنتاج فى قطاعات متعددة، خاصة فى صناعة اللحوم والمشروبات. كما يُضاف إلى ذلك تأثير الرسوم الجمركية المتوقعة على قطاع الأدوية، الذى يواجه بالفعل تحديات كبيرة من سياسات ترامب الحمائية.

شهدت أسعار القهوة العالمية ارتفاعًا ملحوظًا بعد تهديد الرئيس الأمريكى ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات القهوة من البرازيل، أكبر منتج لها فى العالم، وذلك اعتبارًا من 1 أغسطس المقبل.

ردًا على تصريحات ترامب، ارتفعت أسعار قهوة أرابيكا – المستخدمة فى صناعة القهوة الفاخرة – فى بورصة نيويورك بأكثر من 3.5%، مع تحذيرات من تداعيات أوسع على السوق. وقال أحد كبار تجار البن: "الرسالة كانت صادمة لصناعة القهوة بأكملها، الولايات المتحدة تُعد الزبون الأكبر للقهوة البرازيلية، وبالتالى فإن فرض تعريفة كهذه سيؤثر سلبًا على الثقة والاستقرار فى السوق."

من جانبه، أشار جوزيبى لافاتزا، رئيس مجموعة "لافاتزا" الإيطالية الشهيرة، إلى أن الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والدول المنتجة للبن مثل البرازيل وفيتنام ستكون أكثر خطورة من تلك المفروضة على الاتحاد الأوروبى، موضحًا:"المشكلة ليست فى التعريفات مع أوروبا، بل مع الدول المنتجة. هذه الرسوم ستدفع الأسعار للارتفاع، مما يجعل القهوة أقل قدرة على المنافسة وأكثر كلفة على المستهلك الأمريكى."

وشهدت أسعار كل من أرابيكا وروبوستا تقلبات حادة خلال العامين الماضيين، مدفوعة بعوامل منها تراجع الإنتاج فى البرازيل وفيتنام، وهو ما تسبب فى نقص المعروض وزيادة نشاط المضاربين.

وسجلت عقود روبوستا الآجلة فى لندن أعلى مستوى تاريخى لها، متجاوزة 5700 دولار للطن، مقارنة بمتوسط تاريخى يبلغ نحو 1700 دولار. أما سعر قهوة أرابيكا عالية الجودة فقد ارتفع بنسبة 70% العام الماضى، ليصل إلى 4.20 دولار للرطل.

ومع ذلك، شهدت الأسعار تراجعًا فى الأشهر الأخيرة على خلفية توقعات بتحسن المحصول، مما خفف من الضغوط مؤقتًا.

ارتفاع أسعار اللحوم والبرجر فى أمريكا

كما صرح تجار ومحللون بأن خطة الرئيس الأمريكى لفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على المنتجات البرازيلية ستؤدى على الأرجح إلى رفع أسعار لحوم البقر المستخدمة فى البرجر الأمريكى، مع اعتماد المصنّعين بشكل متزايد على الواردات بسبب انخفاض الإنتاج المحلى.

ويمثل هذا الاقتراح ضربة قاسية لشركات اللحوم الأمريكية، التى تواجه أيضًا تناقصًا فى إمدادات الماشية بسبب تعليق الواردات من المكسيك بسبب دودة الماشية الحلزونية، وهى آفة آكلة للحوم تنتشر جنوب الحدود.

وستؤدى هذه التعريفات الجمركية إلى خفض واردات لحوم البقر البرازيلية بشكل كبير، وستجبر الشركات على البحث عن مصادر أخرى، فى ظل توسيع ترامب لجبهات حربه التجارية العالمية، وفقًا للمحللين.
وقال بوب تشودى، مستشار الشركات الأمريكية المستوردة لحوم البقر: "إذا لم يتغير هذا الوضع، فسيتوقف استيراد لحوم البقر البرازيلية إلى هذا البلد بكل بساطة. لن يكون رطل واحد اقتصاديًا عند هذه المستويات".

وبلغت أسعار لحوم البقر فى الولايات المتحدة مستويات قياسية هذا العام، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج بنسبة 2% ليصل إلى 26.4 مليون رطل بعد أن خفض مربى الماشية قطيع الماشية فى البلاد إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من سبعة عقود.

وارتفعت واردات الولايات المتحدة من لحوم البقر من البرازيل خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام بأكثر من الضعف مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضى، لتصل إلى 175,063 طنًا متريًا، وفقًا لأحدث بيانات الحكومة الأمريكية.

تمثل لحوم البقر البرازيلية 21% من إجمالى واردات الولايات المتحدة، وقال محللون فى قطاع الثروة الحيوانية أن فرض تعريفة جمركية بنسبة 50% اعتبارًا من 1 أغسطس سيرفع معدل التعريفة الجمركية على لحوم البقر البرازيلية إلى حوالى 76% لبقية العام.

كما يواجه المستهلكون الأمريكيون زيادات حادة فى أسعار سلع أساسية مثل القهوة وعصير البرتقال بسبب التعريفات الجمركية المفروضة على البرازيل.

تستورد الشركات الأمريكية لحوم البقر قليلة الدهن من البرازيل ودول أخرى لخلطها مع الإمدادات المحلية لصنع لحم الهامبرجر.

رسوم ترامب على الأدوية: ضربة قوية لصناعة الأدوية العالمية

كما أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 200% على واردات الأدوية، وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع وزارى عُقد مؤخرًا، حيث أكد ترامب أن هذه الخطوة ستؤثر بشكل كبير على صناعة الأدوية العالمية وسلسلة توريد الأدوية حول العالم. رغم عدم تحديد موعد رسمى لتطبيق هذه الرسوم حتى الآن، بدأت التحذيرات تتوالى بشأن تداعياتها المحتملة.

وفقًا لتصريحات ترامب، سيتم تطبيق رسوم جمركية عالية جدًا على الأدوية المستوردة، بهدف تقليل اعتماد الولايات المتحدة على المنتجات الأجنبية، خصوصًا من دول مثل الهند والصين، اللتين تعتبران مورديْن رئيسيْن للأدوية الجنسية والمكونات الفعالة. وأشار ترامب إلى أن شركات الأدوية ستحظى بفترة سماح لا تقل عن عام واحد للانتقال بإنتاجها إلى الأراضى الأمريكية قبل بدء تطبيق هذه الرسوم.

سيكون لهذه التعريفات آثار كبيرة على صناعة الأدوية الدولية، خاصة أن الولايات المتحدة تستورد كميات ضخمة من الأدوية من دول مثل الهند، الصين، أيرلندا، سويسرا، وهولندا. ونتيجة لتحقيق المادة 232 الذى راجع واردات منتجات مثل النحاس والأدوية، شهدت الأسواق حالة من عدم اليقين بين المنتجين والمستوردين فى هذه الدول.

التأثيرات الاقتصادية على الولايات المتحدة
 

زيادة التعريفات الجمركية من المتوقع أن ترفع تكاليف استيراد المنتجات الصيدلانية، مما سيدفع شركات الأدوية إلى تمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين، ما يعنى ارتفاع أسعار الأدوية. هذا التأثير سيكون واضحًا بشكل خاص على المرضى الذين يعتمدون على أدوية أساسية، مثل المصابين بالأمراض المزمنة والأدوية المكلفة.

علاوة على ذلك، قد تؤدى هذه السياسات إلى توترات فى العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الدوليين، حيث من المرجح أن تستجيب بعض الدول بإجراءات انتقامية. ويواجه قطاع الأدوية بالفعل تحديات مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم اليقين بشأن تنظيم الأسعار، مما يزيد من هشاشته فى ظل هذه السياسات الحمائية.