أزياء مصر نسيج وهوية.. الملفحة الباليون: كيف واجه أقباط مصر الأزياء اليونانية؟

ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية
فى العصر الإسلامى ارتدى الرجال الجلابيب الطويلة والعمائم.. وارتدت النساء الحجاب والعباءات الطويلة
مع انتهاء عصر الفراعنة، ودخول الإغريق إلى مصر، شهدت الأزياء المصرية تأثيرًا واضحًا من الطراز الإغريقى، حيث أصبح الناس فى تلك الفترة يرتدون ملابس مشابهة تمامًا للأزياء اليونانية، فقد ظهرت النساء بفساتين طويلة ومزخرفة، بينما تميزت أزياء الرجال باستخدام الأحزمة الذهبية التى كانت تضيف طابعًا من الأناقة والفخامة على مظهرهم.
ومع مرور الزمن، تأثرت الأزياء المصرية بالحضارتين الرومانية والبيزنطية. فظهرت الملابس الواسعة ذات الأكمام الطويلة، والتى تميزت بتنوعها الكبير، وتم استخدام الأقمشة المزخرفة والألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأقمشة الثقيلة مثل الصوف، الحرير، والقطيفة.
الأزياء فى العصور القبطية
أما فى العصر القبطى، فقد ارتدى الأقباط عباءات كانت شائعة الاستخدام فى الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية، وتنوعت تلك العباءات بين السادة والمزخرفة، وارتُديَت داخل المنازل وخارجها، وكان منها ما يوضع أحيانًا فوق الرأس، وقد تكون مستطيلة أو مستديرة الشكل، وتُثبت غالبًا على الكتف الأيمن باستخدام مشبك. وكانت تُصنع غالبًا من الصوف وتُستخدم بأشكال متعددة.
كما ظهرت «الملفحة » أو «الكوفية » وهى قطعة من القماش الفضفاض، شبيهة بالشال، تُغطى بها الرأس وإحدى الكتفين، ثم تُلف ببقية أجزاء الجسم، وقد استُخدمت بشكل أوسع بين النساء، لكنها كانت أيضًا تُعد عباءة للخروج للرجال والنساء، وهى عبارة عن قطعة مستطيلة من الصوف أو الكتان تُعلّق على أحد الكتفين.
من الأزياء البارزة أيضًا فى هذا العصر كانت «الباليوم »، وهى عباءة تنسدل من الكتف الأيسر إلى الأمام، وتُعاد من الخلف من أسفل الذراع الأيمن، وتُثبت على الكتف الأيمن ثم تُرمى فوق الذراع الأيسر. أصبحت هذه العباءة زيًّا دينيًا هامًا، إذ استخدمها البطاركة فى الكنيسة، بينما كانت تُقابلها عباءة مشابهة تُعرف باسم «البالا » لدى النساء.
ومن الملاحظ أن التونيك والعباءة غالبًا ما كانا يُنفّذان بنفس اللون، مما يرجح أنهما كانا يُصنعان فى نفس الورشة وفى ذات الوقت، بينما فى بعض الأمثلة الأخرى ظهرت العباءات بألوان متناسقة مع التونيك، إما أغمق أو أفتح، مما يعكس مستوى التطور فى ورش العمل والنسيج فى تلك الحقبة.
لم تقتصر الأناقة فى العصر القبطى على الأزياء فقط، بل كانت مكملات الملابس جزءًا لا يتجزأ من الهيئة العامة للزي.
فقد اعتُبرت الأقراط والدلايات من الإكسسوارات الأساسية، وظهر اهتمام المرأة القبطية بشكل كبير بالأناقة، حيث استخدمت أنواعًا عديدة من الحُلى كالخواتم المرصعة بالجواهر، الصلبان، المشابك، الأحزمة المزينة، دبابيس الشعر، والأساور. وقد تأثر هذا الثراء فى الزينة بانتشار صناعة الحلى التى أضفت طابعًا من الفخامة على المظهر العام.
وغالبًا ما كانت تُصوَّر النساء فى تلك الفترة وهن يرتدين الأقراط والعقود، وحرصت سيدات الطبقة الأرستقراطية على اقتناء الحلى الثمينة التى كانت دليلاً على الثراء والمكانة الاجتماعية. وقد عُثر بالفعل على مجموعة من الحلى الذهبية العائدة لإحدى نساء الطبقة الراقية فى الواحات البحرية، وتضمنت أقراطًا، عقودًا، أساور، ومكاحل مصنوعة من العظم أو الخشب أو العاج.
الأزياء فى العصور الإسلامية
ومع دخول الإسلام إلى مصر، طرأ على الأزياء تغير واضح تأثرًا بالمبادئ الإسلامية التى ركزت على الاحتشام والتواضع، فارتدى الرجال الجلابيب الطويلة والعمائم، بينما ارتدت النساء الحجاب والعباءات الطويلة، وتميزت أزياء تلك الفترة بالأقمشة الفاخرة كالقطن والكتان، وتزيّنت بالألوان الزاهية والتطريزات الفخمة.
تفنن الأمويون فى ارتداء الأقمشة المنقوشة والمطرزة، وكانوا يميلون إلى الملابس عكس الرقى والذوق الرفيع، حتى وإن ارتدوا ملابس مستوحاة من الطراز الروماني، فقد حافظوا على العمائم والسيوف كرموز للهوية. كما أن حكام تلك الفترة ارتدوا ملابس حملت تطريزات ملونة بخط عربى فى أطرافها.
وكانت الملابس فى العصور الإسلامية تعكس مكانة الشخص الاجتماعية والسياسية، فكان بعض رجال الدولة يختارون أن تُفصل ملابسهم فى نفس الأماكن التى تُفصل فيها ملابس الخلفاء، وهذا يعكس مدى أهمية الزى فى تلك الحقبة. كما كان الخلفاء يصادرون ملابس رجال الدولة عند حدوث خلافات، تمامًا كما كانوا يخلعون عليهم الملابس الفاخرة فى حال الرضا.
وكانت لأغطية الرأس، مثل العمائم، أهمية كبيرة، خاصة لدى القضاة الذين ارتدوا أكبر أنواع العمائم تعبيرًا عن مكانتهم، وكانت تُخلع عليهم عند توليهم مناصبهم القضائية. وكان إرخاء طرف العمامة من علامات الرفعة، ولم يكن يُسمح بارتدائها فى المواكب الرسمية إلا للخليفة أو الوزير.
وفى العصر الفاطمى، تطور الزى تطورًا ملحوظًا فى مصر. فقد اهتم الفاطميون بأن تُعبر ملابسهم عن مذهبهم الشيعي، وكذلك عن الثراء الكبير الذى كان يميز عصرهم. ونظرًا لاهتمامهم بالأعياد والاحتفالات، فقد خصص الحكام ملابس فاخرة ومميزة لكل مناسبة، ما عكس الطابع الاحتفالى والتفاخر فى الأزياء.
وبالنظر إلى تطورات الزى الإسلامى خلال العصور الوسطى وحتى القرن السادس عشر، نلاحظ تغيرات جذرية. فبعد مرحلة البساطة فى صدر الإسلام، تسلل الترف تدريجيًا إلى الأزياء نتيجة الفتوحات، واختلاط الثقافات، وتدفق الأموال، وتطور صناعة النسيج. وبدأ الناس يرتدون الأقمشة الفاخرة كالحرير والستان، وكل ما توفر من خامات ترفيهية.
وفى العصر المملوكى، كانت الأزياء تعكس الفخامة والثراء بشكل واضح، فقد ارتدى المماليك ملابس معقدة التصميم ومزخرفة، واستُخدمت فيها الأقمشة الفاخرة كالحرير والمخمل، وتم تزيينها بخيوط الذهب والفضة، وكان الزى يعكس مكانة الشخص وهيبته داخل المجتمع.
أما فى العصر العثمانى، فقد تأثرت الأزياء المصرية بالطراز العثمانى، فارتدى الرجال القفاطين، العمائم، السراويل الواسعة، والسترات الطويلة، بينما ارتدت النساء البراقع والفساتين الطويلة ذات الأكمام، وتزيّنت ملابسهم بالتطريزات الغنية المعقدة، والألوان الزاهية، مع استخدام الأقمشة الفاخرة مثل الحرير والستان.

_-_TIMEA.jpg)
_-_TIMEA.jpg)




Trending Plus