أزياء مصر نسيج وهوية.. مثقفون ومتخصصون يقدمون روشتـة الحفاظ على تراث أزياء مصر

أزياء مصر نسيج وهوية
أزياء مصر نسيج وهوية
محمد فؤاد

ترتبط الأزياء بالهوية المصرية، فكلما حافظ المجتمع على أزيائه القديمة كلما عبر بشكل أساسي وواضح عن هويته الثقافية القديمة وتأثره وارتباطه به، وهناك عدد كبير من المثقفين والمختصين في التراث الشعبي القديم الذين قدموا اهتماما بالغا حول أهمية الأزياء المصرية القديمة وارتباطها بالهوية المصرية، حيث تواصلنا مع كل من الشاعر مسعود شومان، والدكتور والباحث حارص عمار النقيب، وأستاذ الأدب الشعبي الدكتور خالد أبو الليل، والدكتورة علا الطوخي إسماعيل، والذين تحدثوا عن أهمية الأزياء وكيفية الحفاظ على الهوية المصرية القديمة والحفاظ على الأزياء من خلال عدد من الطرق المختلفة.

مسعود شومان: يجب إعداد أطلس للأزياء يراعي المناطق الثقافية

قال الشاعر والمتخصص في التراث الشعبي الدكتور مسعود شومان، إن الهوية المصرية تتسم أولًا بالتنوع في إطار الوحدة، حيث إن مصر من أغنى الدول في العالم التي تتسم ثقافتها بالتنوع سواء على مستوى الأطعمة أو العادات والتقاليد أو الممارسات أو المعتقدات وكذلك على مستوى الأزياء، والأزياء تتمع بخاصية يطلق عليها علميا خاصية «إيكولوجية» وهي التي لها علاقة بالبيئة كطبيعة مناخية، بمعنى أن الزي الخاص بهم يصلح للمناخات المختلفة، إذا كانت منطقة ثقافية صحراوية أو جبلية ستجد بها تناثلات، فعند معظم البدو في مصر تجد أن هناك لا يزالون يحتفظون بالزي البدوي المعروف، وهو ما وجدته خلال زيارتي الأخيرة بشمال سيناء، والتي تطلبت مجموعة من اللقاءات مع بدو أهل سيناء الذين وجدتهم يحتفظون بهويتهم وملابسهم التقليدية.

مسعود شومان
مسعود شومان

وتابع مسعود شومان في تصريح خاص لـ «اليوم السابع»، وكنت مؤخرا في رحلة إلى منطقة حلايب وهناك وجدت معظم أهالي المنطقة أيضًا لا يزالون يرتدون الأزياء الخاصة بهم والمكون من الجلباب والسديري، وبذلك لا تزال هناك بعض الأماكن تحتفظ بزيها، لكن عددا كبيرا من الأماكن تخلى عن زيه، وهو ما يندرج تحت مسمى أو بهدف «العولمة»، والتي تعد أحد الأسباب الكبيرة التي يجب أن نواجهها، خاصة لأنهم يصلوان إلى ما يسمى بخلق نسخ تكرارية من البشر، وكأن البشر جميعًا مخلوقون من جهاز أو مكنة واحدة فأصبحوا نسخ تكرارية في الطعام والزي فيسهل من هنا السيطرة وفرض الثقافة الأنجلوسكسونية على المجتمعات، خاصة المجتمعات التي تتمع بخصوصية خاصة.

وأضاف شومان، ولمواجهة ذلك هناك عدد من الخطوات التي يجب اتباعها أولها وأهمها أنه يجب على المصري أن يحترم زيه، خاصة أن هناك ما يسمى بالـ «تنمر» فتجد أهل القاهرة مثلا يتنمرون على أهل الصعيد ويطلقون مصطلحات مختلفة مثل «رجل جلابية»، وذلك التندر يجعل المواطن يتخلى عن طريقة ملبسه التقليدية وأن الملابس أصبحت متعلقة بما يسمى بالمكانة أو المستويات الاجتماعية، فيعتقدون أن من يرتدى بذلة في مكانة اجتماعية أعلى من غيره الذي يرتدي جلباب أو ملابس تقليدية، رغم أن تكلفة الملابس التقليدية كالجلباب أعلى من تكلفة الملابس الجاهزة والمستوردة لأنها تعتمد على الصناعة اليدوية.

وتابع الشاعر مسعود شومان مهم جدًا أن نبدأ في إعداد أطلس للأزياء والذي يراعي المناطق الثقافية، فيشعر أبناء المناطق الشعبية الذين يمتلكون خصوصية أن أزياءهم مقدرة وأن ذلك الزي له خصوصيته، وغالبا معظم الأشخاص الذين يتمتعون بثقافة خاصة وبعيدة محافظون على زيهم باعتباره ما يمنحهم القيمة الثقافية، حيث يعده ليس مجرد زي خارجي إنما يتعلق بالعادات والمعتقدات فعندما يجتمع مع أشخاص آخرين في أماكن ثقافية أو مناسبات اجتماعية يشعر المواطن حينها أن ذلك الزي يعبر عن قيمته العالية.

وأنهى شومان حديثه بأنه يجب علينا أن نؤكد على هذا المعنى من خلال الطرق المختلفة سواء الإعلام أو المحاضرات والندوات الثقافية، وذلك من خلال أطلس الأزياء المصرية بداية من ألبسة الأقدام مرورًا بألبسة الجسد وكذلك ألبسة الرأس، لأن الزي يعد مهما جدًا وله علاقة قوية بالهوية المصرية.

حارص عمار النقيب: الأزياء الشعبية بصمة تميز كل دولة عن أخرى

وعلى جانب آخر قال الدكتور والباحث فى التراث الشعبى حارص عمار النقيب، فى تصريح خاص ل«اليوم السابع » إن الأزياء الشعبية تعتبر بصمة تميز كل دولة عن أخرى، ومزيج من التراث الشعبى المتوارث عبر قرون طويلة جدًا، والأزياء الشعبية تحمل فى طياتها العوامل المؤثرة فيها مثل العوامل الطبيعية الموجودة فى البلد مثل المناخ الذى يؤثر بشكل مباشر على تصميمات الأزياء وعلى خاماتها، فعندما نتحدث عن الصعيد سنجد أن الأزياء الشعبية الموجودة فى الصعيد تتميز بتصميمات وخامات محددة لتتأقلم مع مناخ الصعيد وهو ما نسميه المناخ الصحراوى الحار الجاف، ولذلك فإن الأزياء الموجودة فى فصل الصيف تتميز بالألوان الفاتحة الواسعة على شكل «مخروط » كنوع من التهوية.

حارص عمار النقيب
حارص عمار النقيب

 

وتابع الدكتور حارص عمار أن تصميم تلك الأزياء متقارب بشكل كبير مع البناء الذى يتميز بنفس الشكل المخروطى والذى يساعد على التهوية الجيدة، على عكس الشتاء الذى تتسم ملابسه بالألوان الغامقة وصغيرة على الجسد حتى تمتص حرارة الشمس وتزيد من تدفئة الجسد.

وأضاف الدكتور حارص عمار النقيب: لقد استمرت التصميمات بالخامات المصنوعة محليًا أو المستوردة ولكنها خامات طبيعية ومنها القطن والكتان الخفيف أو الصوف، وهى الخامات الثلاث الطبيعية واستمر الحال هكذا حتى مطلع القرن ال 18 ، وخلال القرنين ال 18 وال 19 بدأ دخول منتجات أجنبية، ومع بداية القرن ال 20 ومع تطور الصناعات البتروكيماوية وظهور المنسوجات الصناعية.

بدأت تحل بالتدريج محل المنسوجات الطبيعية خاصة فى منطقة الصعيد وذلك يرجع إلى ترويجها من قبل الدول المصنعة والمنتجة مثل الصين ودول الغرب، بالإضافة إلى قلة تكلفتها مقارنة بالمنتجات الطبيعية الأخرى، وفى بدايات القرن ال21 ومع ظهور الانترنت والثورة المعلوماتية والتواصل، بدأ الضغط الإعلامى على الملابس يزداد وهو ما جعل الكثير من الأشخاص يستبدلون الأقمشة المحلية بأقمشة مستوردة وإن كانت لا تحمل نفس صفات المحلية.

وتابع الدكتور «حارص » ولم تتأثر الأزياء فى كونها أزياء فقط أو كمظهر شعبى، بل كان لها تأثير كبير على صحة الإنسان كذلك؛ بسبب أن المنتجات المستوردة الصناعية لا تتأقلم ولا تتناسب مع الظروف المناخية الموجودة فى مدن الصعيد، وقد أدى إلى ظهور أمراض جلدية متنوعة ومختلفة، أما من ناحية التصميمات فقد ظهر عليها تغيير إجبارى أيضًا بسبب ارتفاع تكلفة الصناعة المحلية والأقمشة المحلية، وهو ما أثر على شكل الملابس حيث قلت كمية وحجم الأقمشة المستخدمة فى صناعة القطعة الواحدة وبالتالى أثر على شكل القطعة بعد تصميمها.

وأضاف «النقيب » ومن العوامل التى أثرت بشكل كبير أيضًا على الأزياء هو ارتفاع طبقة المتعلمين، ففى الأمس البعيد كان عدد المتعلمين فى مناطق الصعيد % 5 فقط، مقابل % 95 غير متعلمين وعاملهم الأساسى هو الزراعة، على عكس الوضع الحالى حيث زادت بشكل كبير نسبة التعليم فى القرى ومدن الصعيد والريف، وهو ما يتطلب تطورا فى طريقة ونظام الأزياء، فلا يمكن أن تذهب الفتاة إلى المدرسة بالعباءة فتجد أصدقاءها يلبسون الزى الرسمى للمدرسة والذى يتكون من بنطال وقميص أو «تى شيرت»، وكذلك الولد لا يمكنه أن يذهب إلى مدرسته بالجلابية كما كان يحدث من قبل، وبالتالى ينشأ الطفل فى مراحله الأولى من العمر على عادات جديدة تؤثر بصورة مباشرة على شكل وطبيعة أزيائه.

وأكمل الدكتور حارص، ورغم ذلك إلا أن هناك البعض من كبار السن الذين لا يزالون يتمسكون بتراثهم الشعبى فى الأزياء ولكنها تقل يومًا بعد يوم، والأزياء بوجه عام تختلف باختلاف المدن حيث تختلف ملابس الصعيد عن غيرها فى الوجه البحرى وسيناء ومطروح وغيرهم من المدن الأخرى فكل مدينة لها طابع خاص وزى خاص متوارث حسب عاداتهم وتقاليدهم وحسب طبيعة المناخ فى المنطقة.

وحول طريقة الحفاظ على التراث قال الدكتور حارص النقيب، إنه من الصعب أن يتم تقييد منطقة معينة أو أشخاص معينيين بأزياء محددة أو لهجة محددة ولذلك فهناك حل أعمل عليه منذ حوالى 5 سنوات أو أكثر، وهو تسجيل ما بقى من التراث، سواء من خلال الكتب أو الفيديوهات أو الصور، مع شرح أسباب الالتزام بذلك الزى وأسباب تغيره، بالإضافة إلى عمل معارض ومتاحف للأزياء الشعبية والتراثية، وهو موجود فى مختلف أنحاء العالم، ففى الولايات المتحدة مثلً تجد معارض لأزياء الهنود القديمة وكذلك أسلحتهم وكل ما يتعلق بالمجتمع القديم، وبذلك يمكننا عمل معارض أزياء شعبية فى القاهرة والمدن المختلفة حيث يمكن لجميع الثقافات المتنوعة الاطلاع على ثقافات المجتمعات والمدن الأخرى دون الحاجة إلى زيارتها، وفى حالة اندثارها وعدم وجودها يظل هناك مرجع لتلك الفترة وتلك الأزياء التى كانوا يرتدونها فى تلك الأماكن.

علا الطوخى: الأزياء الشعبية سجل تاريخى تقرأ فيه الخطى التى مرت بها الإنسانية

بدورها قالت الدكتورة علا الطوخى إسماعيل، المدرس بقسم الملابس الجاهزة وصناعة الموضة كلية الفنون التطبيقية جامعة طنطا، فى تصريح خاص ل «اليوم السابع » إن الأزياء الشعبية سجل تاريخى تقرأ فيه الخطى التى مرت بها الإنسانية، تشبه المخطوطات المتحولة بأسلوب فنى مزخرف ومجمل بالزخارف والحليات التى لها من المعانى والد لالات ما يجعلها تقى مرتديها من كل العوامل الخارجية وكأنها أحجبة، فكما تنقش بعض الحضارات تاريخها على الصخور.

دكتورة علا الطوخى
دكتورة علا الطوخى

هناك حضارات أخرى تسجل أمجادها فى تفاصيل تحكيها الملابس والاكسسوارات، ترى فى الثياب الإسراف والبذخ فتعرف كيف كان مرتديها، وترى فى بعضها الغلظة والخشونة، تحكى عن أجسام من سكنتهم وتعرف بها عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم التى لا تحكى، وتعد الأزياء الشعبية المصرية مرآة حقيقية للهوية، تعكس تنوعها وثراءها الممتد عبر العصور، ففى كل قطعة نسيج، وفى كل تطريزة أو لون، نلمح ملامح البيئة التى نشأت فيها، ونشم عبق الأرض التى غُزلت عليها.

وتابعت الدكتورة علا الطوخى أن الزى الصعيدى يحكى عن وقار الجنوب وأصالته، والزى النوبى يغنى بألوانه عن بهجة النيل ودفء الجنوب، بينما تحمل الأزياء الريفية نقاء الريف وبساطته، وتعكس كرانيشها وثناياتها حركة الطبيعة والخضرة والمياه، وتسمع ملابس المدن تهمس عن التأثر بالحضارات، والانفتاح على الحداثة، وبذلك تتحول الأزياء هنا إلى سجل بصرى يحفظ اللهجة، والروح، والوجدان، فكما تحفظ اللغة اللسان، تحفظ الأزياء الذاكرة الجمعية للشعب، فتربط الحاضر بالماضى، وتمنح المستقبل جذورًا لا تنقطع.

وأضافت الدكتورة علا الطوخى أن المجتمع المصرى مجتمع أصيل بطبيعته، يعرف قيمة تراثه ويقدّره، وهو ما يُحملنا مسؤولية كبيرة فى الحفاظ على هذا التراث، خاصة فى مجال الملابس والأزياء الشعبية التى تمثل جزءا مهما من هويتنا، ودورنا يبدأ بالتعليم والتوعية، وذلك من خلال توجيه الطلاب فى كليات الفنون، خاصة المهتمين بمجالات الأزياء والفنون البصرية، لكى يتعرفوا على تراثهم الشعبى ويتعلموا كيف يستلهمون منه فى تصميماتهم.

وأوضحت الدكتورة علا الطوخى، أن الهدف ليس الرجوع بالشباب حتى يرتدوا الجلباب القديم أو الخلخال الشعبى كما هو، لأن ذلك سيكون صعبا فى سياق الحياة العصرية، لكن يمكننا أن نقدم لهم تصاميم حديثة مستوحاة من الأزياء التقليدية، والتى تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتعبّ عن حضارات عظيمة بلغة موضة معاصرة.

ومن المهم أيضًا أن نوثّق ونحافظ على الأزياء الشعبية من خلال إنشاء متاحف كبيرة يكون القائمون على تسجيل الأزياء ووصفها فيها متخصصين، وتضم أزياء كل محافظة فى مصر، سواء القطع من الملابس أو الحلى الموجودة منها أو التى اندثرت، وذلك بهدف أن نحتفظ بذاكرتنا البصرية ونصبح مصدر إلهام للأجيال القادمة.

وأكدت الدكتور علا الطوخى أنه يجب وجود تعاون بين المصممين وصناع الموضة المحليين حتى يمكننا تحويل العناصر التراثية إلى منتجات معاصرة قابلة للتسويق، كما أن للحملات الإعلامية والإعلانية دورًا لا يقل أهمية من حيث تسليط الضوء على روعة وأصالة الأزياء الشعبية، وبذلك يستطيع أن نُعرف المجتمع بها من جديد وننزع فكرة التبرء والجهل من الشباب بمعرفتها، وذللك بالإضافة إلى الأعمال الفنية التى يمكنها نقل الأزياء الشعبية فى الدراما والسينما بشكل دقيق دون تحريف أو مغالاة خاصة فى الأعمال التى تنقل صورة المجتمع الريفى أو الصعيدى الأصيل.

خالد أبوالليل: 

متحف الحياة اليومية سبيل الحفاظ على تراث المصريين

قال الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبى بجامعة القاهرة فى تصريح خاص ل «اليوم السابع » إن الأزياء تعد فضلً عن كونها أحد مظاهر الزينة والشىء الرئيسى للستر، إلا أنها شكل مُعبر بصورة كبيرة عن الهوية الثقافية لأى مجتمع من المجتمعات، ففى تجربة سابقة أثناء زيارتى لدورة النرويج وكانت تلك الفترة تصادف العيد القومى للدولة، وجدت الشعب هو الذى يحتفل بالعيد القومى، بجانب حرص المسؤولين عن تنظيم ذلك الاحتفال حتى يخرج فى أفضل صورة ممكنة، وما لفت انتباهى أن فى هذا اليوم تمارس كل العادات والتقاليد والمعتقدات التى تعبر عن الهوية الثقافية النرويجية من مأكل ومشرب، وذلك بصورة بعيدة تمامًا عن النرويج المعاصرة.

دكتور خالد ابو الليل
دكتور خالد ابو الليل

 

حيث أن كل أكلات الاحتفال كانت شعبية وتراثية، وكان أبرز ما يميز الاحتفالات، هو التزامهم بارتداء الزى النرويجى القديم، وهذا الزى بعيد تمامًا عن الزى الحالى للدولة، وتجد الأم هناك حريصة على تصميم فستان لابنتها الصغيرة بطابع الزى النرويجى القديم والتراث التقليدي، فتنشأ الطفلة مدركة قيمة الزى والأزياء التقليدية وتنظر إليها بوصفها معبرة عن هويتها الثقافية وخصوصيتها وقوتها وأن الأزياء ليست مجرد زينة أو غيره.

وتابع الدكتور خالد أبو الليل أن الحالة المصرية مختلفة تمامًا وذلك لكونها حالة شديدة الثراء والتنوع، وهو ما لا يُقابل أحيانًا بالدرجة التى يستحقها من حيث الاهتمام والاحترام، بالعكس قد يُقابل بدرجة من الإزدراء والسخرية والتندر، فعندما نجد من يرتدى جلباب فى وسط المارة يطلق عليه «فلاح » بدلً من النظر إليه باعتباره يرتدى زيًا مصريًا تقليديًا عمره مئات السنين ويعبر عن الخصوصية.

وأضاف «أبو الليل »: عندما نتحدث عن المصريين نحن هنا لا نتحدث عن شىء واحد أو نوعية واحدة فى إطار عام يلتف الجميع حولها، بل إن لكل منطقة ثقافية خصوصيتها الخاصة سواء فى المأكل أو العادات والتقاليد، وهناك أمور مصرية عامة تربط كل المصريين بعضهم ببعض من مختلف الأماكن سواء وجه بحرى أو قبلى أو محافظات الصعيد والنوبة وغيرهم، فجميعهم يربطهم إطار عام، وبرغم ذلك فكل منطقة ثقافية منهم خصوصيتها وملامحها الخاصة.

وأوضح الدكتور خالد أبو الليل أن من أكثر المناطق حفاظًا على التراث القديم هى بلاد النوبة، فبرغم حدوث هجرة وترحال وكثرة تنقلهم إلا أنهم انتقلوا بعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم، واجتمعوا فى أماكن تجمعهم وتعبر عن أزياءهم.

وتابع الدكتور خالد أن برغم هذا التنوع الشديد والثراء الموجود داخل الحالة المصرية فنادرًا ما تجد متحفًا يهتم بإبراز خصوصية مصر من خلال أزيائها، أو تجميع كل تلك الأشياء لعرضها حتى يعرف الجميع خصوصية المناطق
الأخرى، والمجتمعات الأخرى كالفلاحين فى الوادى والدلتا أو الفيوم أو المنوفية وغيرهم من المناطق الأخرى، أو النوبة أو غيرها، وهو يتسبب فى يوم ما فى محو تلك الآثار كما حدث مع بعض الوسائل التقليدية فى الزراعة وغيرها ولم تعد
موجودة الآن.

وأوضح الدكتور خالد أبو الليل أن طرق الحفاظ على التراث الشعبى المصرى فهناك عدة طرق يمكن اتباعها من بينها المتاحف، فقد كان لدينا تجربة فريدة منذ أكثر من عشرين عامًا وقد شاركت بها بعنوان «متحف الحياة اليومية » أو «متحف الحياة المصرية المعاصرة »، حيث نقوم بعمل أرشيف يوازى الحياة اليومية المصرية فى بيت السحيمى، وأتذكر أننا خلال تلك الفترة قمنا بتجميع كم كبير جدًا من الصور ومن بعض التراث الثقافى المصرى المادى واللا مادى، وأنا احتفظ بتلك المادة إلى يومنا هذا وأتمنى أن يأتى يومًا من الأيام وأجد متحفا أو مؤسسة قادرة على حماية تلك المادة خاصة أنها مادة اعتبرها فى غاية الأهمية، وأنا على استعداد لإهداء تلك المادة فى حالة التأكد من الحفاظ عليها واستخدامها بشكل صحيح.

وتابع الدكتور «أبو الليل » ومن جهة أخرى يمكن استغلال السياحة والثقافة والإعلام، فعليهم دور مهم جدًا إلى جانب التربية والتعليم فيجب وجود مناهج دراسية تربط الأطفال بحضارتهم وهويتهم وثقافتهم، فكما نطلعهم ونعرفهم بشخصيات أدبية هامة مثل أحمد شوقى وحافظ إبراهيم ونجيب محفوظ وعباس العقاد وعبد الرحمن شكرى وغيرهم، وهذا أمر واجب، ومن التراث العربى القديم هناك أبو تمام والبحترى وغيرهم، فبالإضافة إلى ذلك علينا أن نعرفهم بالملامح الشعبية والثقافة المصرية من عادات وتقاليد وأزياء وغيرهم من الأشياء التى تعبر عن الهوية المصرية، فعندما يدرسونها فى مناهجهم سيبدأون فى طرح الأسئلة وحينها سيكون هناك درجة من درجات إحياء العناصر الثقافية التى
تتماشى مع روح العصر الحالي.

أما السياحة فهى شكل من أشكال التعريف بالمصريين والزى سيكون بدوره مُروج كبير للسياحة المصرية وسيشهد إقبالً كبيرًا من السائحين.

وأكد الدكتور خالد أبو الليل أن وسائل الإعلام والتليفزيون أيضًا لها دور كبير مهم فعندما نشاهد أحد الأعمال الفنية القديمة نوعًا ما نجد حرصهم على إظهار التراث الثقافى الخاص بالمدينة التى يسجلها المشهد، بالإضافة إلى تأكيدهم على إظهار الأزياء التى تعبر عن البهجة وهو امتداد للمصرى القديم الذى اتسم بالبهجة وظهر ذلك فى ملابسه وأزيائه الزاهية، فمن خلال الأزياء يمكنك معرفة الحالة النفسية للأشخاص سواء كانوا فى حالة حزن أو سعادة وإقبال على الحياة، فمن خلال الأزياء يمكنك قراءة واقع الحياة المصرية عبر تاريخها.
وبالإضافة إلى ذلك فللثقافة دور كبير يتجسد فى الندوات والمعارض حيث يمكننا تقديم وجبات خفيفة عن حياة المصريين وعاداتهم وحياتهم وتطورها عبر العصور والأزمنة، وعلى سبيل المثال لعبة التحطيب الموجودة فى الصعيد حتى الآن، تعبر بشكل أساسى عن الزى، فلا تجد ممارسا أو لاعبا للعبة التحطيب ولا يرتدى الزى الصعيدى المكون من جلباب واسع وعمة وطوق فوق رأسه.

كل تلك الوسائل تعزز الهوية الثقافية المصرية وتعزز ارتباطنا وتمسكنا بهذه الأزياء حتى وإن لم نكن نرتديها فعلى الأقل نكون على صلة بها وذكر بها وعلى أن تظل بالذاكرة غير منسية باعتبارها جزء من تراث مصر.

كما أكد الدكتور خالد أبو الليل أن عدم تمسكنا بتراثنا وثقافتنا القديمة يجعلنا عرضة للسرقة وتزييف التاريخ والحقائق، فبعض الشعوب والثقافات والحضارات الأخرى قد تأخذ جزءا من تلك الأزياء وتنسبه إلى نفسها حتى تصنع تاريخ زائف، والشاعر الكبير محمود درويش تطرق إلى أهمية الأزياء فى قصيدته الشهيرة «بطاقة هوية » حيث أبرز الهوية الفلسطينية من خلال الزى حينما قال «وميزاتى.. على رأسى عقالٌ فوقَ كوفيّه »، وذلك ليؤكد على هوية الشعب الفلسطينى والأجداد الفلسطينيين من خلال الجلباب والعقال وغيرهما من الأزياء التى تعبر عن التراث القديم.

وأوضح «أبو الليل » أن هناك بعض الدول لا تمتلك ما تملكه مصر من تراث وهوية فيحاولون سرقة جزء من الهوية والتراث وهو ما حدث بالفعل عندما قامت زوجة أحد الوزراء الإسرائيليين عندما شاهدت ملابس النساء السيناويات وأعُجبت بها، استعارت ثوبا من تلك الثياب وارتدته بعد عودتها، وبعدها بدأوا يسوقون أن ذلك الزى هو زى إسرائيلى فى الأساس، ويرجع ذلك إلى عدم شعورنا بأهمية الأزياء وإبرازها وتسجيلها فى المنظمات العالمية كمنظمة اليونسكو، فعلينا أن نلتفت لذلك من خلال المتاحف ووزارة التربية والتعليم والثقافة والسياحة فيجب التنسيق بين الوزارات الهامة لبحث وتنسيق الأمر.

دكوبيه
 
دكوبيه-1
 
دكوبيه-2
 
Binder1-6

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

صفارات الإنذار تدوى فى غلاف غزة

صفارات الإنذار تدوى فى غلاف غزة الأحد، 20 يوليو 2025 01:00 ص

الأكثر قراءة

الأهلي يواصل تدريباته اليومية بمعسكر تونس استعداداً للموسم الجديد

اتحاد العمال يخاطب نظيره فى كينيا لتسلم 5000 فدان زراعى لتشغيل عمالة مصرية

المصرى يخوص مرانه الأول بمدينة سوسة التونسية دون راحة.. صور

إصابة طفلة وعامل فى حادث دراجة نارية بسوهاج

حتى لا ننسى.. الانتخابات البرلمانية فى عهد "الإرهابية" كشفت زيف الشعارات وحقيقة النوايا.. أغلبية مفتعلة واستخدام الدين فى الحشد الانتخابى.. وباحث: أبرز أهداف نواب الإخوان فى برلمان 2012 هو إضعاف مؤسسات الدولة


نتيجة الثانوية العامة 2025.. مصادر: الدرجات مطمئنة وجيدة ومعبرة عن مستوى الطلاب.. وتؤكد: لم نكتشف حالات غش جماعى أثناء التصحيح.. محاسبة من تورط فى تصوير الأسئلة.. وجارٍ تجهيز النتيجة لاعتمادها قريبا

أخبار الرياضة المصرية اليوم السبت 19 - 7 - 2025

موجة حارة مفاجئة.. القاهرة تسجل فى الظل 39 درجة بهذا التوقيت

أروى جودة تستعد لحفل زفافها خارج مصر على رجل الأعمال الإيطالى جون باتيست

فرص عمل براتب يصل إلى 9200 جنيه.. وزارة العمل تكشف التفاصيل


تأجيل محاكمة 292 متهما بـ"خلية داعش التجمع الخامس" لجلسة 17 أغسطس المقبل

الزمالك يهزم الشمس 5 - 4 وديًا.. وشيكو بانزا وأحمد شريف يسجلان

فشلوا فى وقف نزيف الدماغ ووالده رفض رفع الأجهزة.. تفاصيل وفاة الأمير النائم

ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا

افتتاح فرع جديد للقلعة الحمراء فى الساحل الشمالى بعروض خاصة لجماهير الأهلى

وفاة الأمير النائم بعد أكثر من 20 عامًا فى الغيبوبة

تفاصيل صفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة

إمام عاشور يؤدي برنامجا بدنيا قبل المشاركة فى تدريبات الأهلي

الرحيل يقترب.. الأهلي يتفق مع كولومبوس الأمريكي على تفاصيل صفقة وسام أبو علي

أفلام المشروع X وريستارت والشاطر وأحمد وأحمد فى سينما الشعب بـ40 جنيها.. الأكشن محور فيلم كرارة.. وبطولة مشتركة بين السقا وفهمى.. وفيلم كريم عبدالعزيز عن الحضارة المصرية القديمة.. وأسرار رقمية فى فيلم تامر حسنى

لا يفوتك

سوريا.. إلى أين؟

سوريا.. إلى أين؟ الأحد، 20 يوليو 2025 01:46 ص


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى