معظم النار من مستصغر «التوك توك».. «شهاب وطفل المرور» القانون يحسم!

أكرم القصاص
أكرم القصاص

قصة شهاب سائق التوك توك، المقبوض عليه بعد تصويره وهو يصطدم سيارة ويهدد سائقها بمفك، ويقول له بكل جرأة: «أنا شهاب من عند الجمعية».. وبعدها تم القبض عليه وعرضه على جهات التحقيق، وانقسم الجمهور على مواقع التواصل، خاصة بعد أن ظهر شهاب وهو يعتذر ويقول إنه وهو 15 سنة، اشترى التوك توك لينفق على أسرته، وإنه فعل ذلك تحت ضغط الحر والزحام، وكالعادة انقسم الجمهور بين متعاطف مع شهاب وغيره ممن يجرون على أكل العيش، وبين رافض للتعاطف ويرى شهاب نموذجا لانتشار البلطجة وثقافة العشوائية، وأن أكل العيش لا يعنى ترك البلطجة بلا علاج.


سائق التوك توك تم القبض عليه بناء على الفيديو الذى تم نشره على مواقع التواصل، مثل حالات متعددة لسائقى سيارة أو توك توك أو موتوسيكل، وفى هذا السياق، الحقيقة أن الداخلية أصبحت تتفاعل مع كثير مما ينشر على مواقع التواصل من فيديوهات البلطجة والاستعراض، وما يسمى «الأمن التفاعلى»، الذى يستجيب  لبلاغات المواطنين ومقاطع الفيديو، مما يعكس تطورًا فى بنية وزارة الداخلية وقدرتها على استيعاب أدوات الرقابة المجتمعية الحديثة، بجانب سرعة التعامل مع حالات التشهير أو التعامل معها مع توظيف أدوات وتقنيات حديثة.


وهنا نتوقف عند بعض الظواهر، وهى أن التحرك يتم تجاه بلاغات أو فيديوهات تنتشر على مواقع التواصل، بينما هناك عشرات الحالات تتم بلا تسجيل، أو بعيدا عن كاميرات الموبايل، وهنا نحتاج إلى منظومة كاميرات الشوارع، التى تمثل أهمية قصوى فى البلاغات أو ضبط الأمن الاجتماعى، الذى يحتاج إلى مراقبة ومتابعة، ويدعم جهود الداخلية، خاصة مع توسيع قدرات المراقبة المصورة بالكاميرات، من خلال شبكة ترتبط بغرف عمليات مركزية تمكن رجال الشرطة من العمل، وتقدم أدلة وتوثيقا يمنع الكثير من حالات الادعاء، مثلما جرى مع سائق توتوك بالإسكندرية، ادعى زورا على ضابط، وأثبتت الكاميرا كذب ادعائه.


نعود إلى حالة شهاب وأمثاله من سائقى التكاتك، وهو ليس حالة خاصة بل هناك مئات أو الآلاف من مركبات التوك توك، التى تسير فى كل أنحاء البلاد طولا وعرضا، وأصبحت فى الكثير من الأحيان تتحول من وسيلة لأكل العيش إلى أداة للبلطجة أو الاعتداء على المارة والسيارات، ونحن جميعا نتعاطف مع أى شاب يعمل أو يسعى، لكن التوك توك منذ أن دخل مصر فى التسعينيات من القرن العشرين، لم يخضع لأى نوع من التنظيم لفترة، ومرات كثيرة لم تنجح التشريعات فى ضبط تشغيله، يفترض أنه وسيلة نقل داخل الأحياء والمناطق التى ليس فيها مواصلات داخلية، لكنه خرج عن هذه القواعد وتحول إلى وسيلة للفوضى، يسير بالطريق الدائرى والطرق السريعة وكل الأحياء بلا ضابط بل وكثيرا ما يمشى عكس الاتجاه.


المفارقة أننا منذ أكثر من عشرين عاما وأكثر من ثلاثة دساتير وقوانين، وتحولات وتغيرات، وحكومات، يبقى التوك توك على حاله، يبدو مستعصيا على الحل تتضاعف مشكلاته وتقف الحكومات أمامه عاجزة، يستمر متحديا لكل القوانين والأعراف بلا هوية، تحت سيطرة أطفال أو رجال، يقطع الطرقات ويتحول من وسيلة نقل إلى جريمة أحيانا، ومن وسيلة نقل إلى طرق تعذيب، ومن وسيلة لـ«أكل العيش» إلى تنغيص «عيش الآخرين»، سمح باستيراده وتم رفض ترخيصه، ثم تم وقف ترخيص الجديد ومنح تراخيص من المحليات للمركبات، لكن سيطر العجز عن مواجهته أو منعه من السير عكس الاتجاه أو الطرق السريعة، وهو وسيلة نقل فى القرى والمناطق التى بلا مواصلات.. «التوك توك» مركبة هجين تم إنتاجه فى الهند، وأصبح وسيلة سياحية فى بعض الدول وعندنا أصبح وسيلة تنغيص، يحتاج إلى تنظيم وتطبيق للقانون بحسم يمنع من السير فى الطرق السريعة ويلتزم قواعد المرور، قبل سنوات تم إلغاء تراخيص التوك توك من المحليات، ومنح المرور سلطة الترخيص مع الإعلان عن مشروع جديد لاستبدال التوك توك بسيارات «فان» صغيرة، وهى خطوة تحتاج إلى إحصائية بأعداد مركبات التوك توك وحاجات المناطق المختلفة من السيارات حتى لا تتحول هى الأخرى لمشكلة بدلا من أن تكون حلا.


شهاب أو أمثاله ليس استثناء، ليس لأنه من حى شعبى، فهناك سائقو سيارات فاخرة يمارسون نفس البلطجة ويتحدون القانون، ولدينا نموذج «طفل المرور» الذى تم القبض عليه مرتين بتهم ضرب وبلطجة واعتداء على المسؤولين، ولدينا سيارات بلا أرقام، يقودها أطفال، ليسوا من جيران شهاب، وبالتالى الحل دائما فى القانون وتطبيقه بحسم ومساواة.


أما شهاب وكل طفل يقود توك توك أو غيره، يجب أن تسعى التضامن والجمعيات الأهلية لعمل أبحاث لتعداد هؤلاء وأسرهم، لأننا أمام ظواهر اجتماعية تختلط فيها الحاجة بالعشوائية وسوء السلوك وتعاطى المخدرات، وكلها ظواهر اجتماعية تتطلب دراسة قبل أن تتفاقم وتصبح عصية على الحل، وهنا الأمر لا يتعلق بالداخلية فقط، وإنما بعمل جماعى يضع الجميع أمام واقع ومسؤوليات داخل المجتمع من حولنا، ومعظم النار من مستصغر «التوك توك» جاءت نتيجة طريقة تفكير أمثال «شهاب أو طفل المرور».

p
مقال أكرم القصاص
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فيلم المشروع x بطولة النجم كريم عبد العزيز يحصد 519 ألف جنيه فى السينمات

إعلام إسرائيلى: مروحيات عسكرية تجلى عددا من المصابين فى حدث أمنى بمدينة غزة

لصوص الحمير.. إسرائيل تسرق "حمير غزة" وتمنحها حق اللجوء في فرنسا.. صور

أسرته تسلمت جثمانه.. نقل لاعب الفلاى بورد من الغردقة لمسقط رأسه بالمنوفية

البنك الأهلي يتسلح بـ6 صفقات صيفية استعداداً للموسم الجديد


رئيس الوزراء يكلف بحصر الأراضى لإنشاء وحدات بديلة للعمارات الآيلة للسقوط بالإسكندرية

لقى مصرعه خلال عرض استعراضى بالغردقة.. النيابة تصرح بدفن جثمان لاعب فلاى بورد

نتيجة الثانوية العامة 2025.. استمرار التصحيح الإلكترونى لكراسات الإجابة

وسام أبو علي ينتظم فى تدريبات الأهلى اليوم بعد رفض رحيله

صفقات الزمالك تشعل مواقع التواصل الاجتماعي.. مشاهدات بالملايين


الداخلية تضبط 151 قطعة سلاح و298 قضية مخدرات

تنسيق الدبلومات الفنية.. مساران لالتحاق طلاب الشهادات الفنية بالجامعات والمعاهد

وزيرة التضامن: صرف مساعدات تكافل وكرامة عن شهر يوليو بالزيادة الجديدة غدا

الأهلي يمنح حسين الشحات الضوء الأخضر للرحيل فى الصيف.. بشرط

تنسيق الدبلومات الفنية.. 70% حد أدنى للتقدم لمكتب التنسيق للالتحاق بالجامعات

للحاصلين على الشهادة الإعدادية.. رابط التقديم لأولى ثانوى بالجيزة لعام 2026

تنسيق 2025.. كليات ومعاهد تقبل طلاب الشعبة الهندسية بالجامعات الحكومية

الزمالك يخطط لضم أحمد عبد القادر بعد انتقاله المرتقب إلى الحزم السعودي

وزارة التعليم تتيح نتيجة الدبومات الفنية 2025 في المدارس

ميركاتو المحترفين.. صراع يوناني تركي لضم مصطفى محمد بعد تألقه مع نانت

لا يفوتك

أيام في عمّان

أيام في عمّان الإثنين، 14 يوليو 2025 02:08 م


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى