الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين: لا مؤشرات لعودة العمال الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر.. السياسات الإسرائيلية تتجه نحو مزيد من التضييق.. وتستقدم عشرات الآلاف من العمالة الأجنبية لسد الفجوة

- استشهاد 37 عاملا منذ بداية 2025 وحتى مطلع يوليو الجاري
- جهود لتشكيل تحالف نقابى دولى دائم لدعم القضية الفلسطينية دوليا.. وفضح ممارسات الاحتلال بحق الطبقة العاملة
- توسع أنشطة الاستيطان وإقامة 60 بؤرة جديدة وقرارات ببناء 241 مستوطنة إضافية
فى ظل التصعيد الإسرائيلى المتواصل، أكد شاهر سعد، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، أنه لا توجد حتى الآن أى بوادر لعودة العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، موضحا أن الاتصالات التى أجراها الاتحاد مع جهات داخل الكنيست الإسرائيلى كشفت عن غياب تام لأى مناقشات تشريعية أو رسمية بشأن استئناف دخول العمال.
وأشار سعد، إلى أن السياسات الإسرائيلية تتجه بشكل واضح نحو مزيد من التضييق، سواء عبر إصدار قوانين قد تحرم الفلسطينيين الذين يعتقلون دون تصريح من العمل مستقبلا، أو من خلال فرض عراقيل جديدة على الفلسطينيين المتزوجين من داخل أراضى الـ48 لمنعهم من الحصول على الإقامة القانونية.
وأوضح سعد أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت مؤخرا خطوات فعلية لاستبدال العمالة الفلسطينية، حيث فوضت شركات خاصة باستقدام عشرات الآلاف من العمال الأجانب لسد الفجوة التى تركها غياب العمال الفلسطينيين، مؤكدا أن هذه الخطوة تعكس نية الاحتلال تقليص الاعتماد على العمالة القادمة من الأراضى الفلسطينية، فى ظل غياب أى أفق سياسى للحل.
وأضاف: أن عدد العمال الفلسطينيين الذين يمتلكون تصاريح عمل داخل إسرائيل انخفض حاليا إلى نحو 25 ألف عامل فقط، يتمركز أغلبهم فى القدس أو داخل مؤسسات إسرائيلية، بينما يقدر عدد من يواصلون العمل بدون تصاريح بما يتراوح بين 25 إلى 30 ألف عامل، فى الوقت الذى كان فيه العدد الإجمالى للعمال الفلسطينيين داخل إسرائيل والمستوطنات قبل اندلاع الحرب يصل إلى قرابة 250 ألف عامل.
وفى سياق توثيق الانتهاكات المستمرة، أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين تقريره النصفى الأول لعام 2025، والذى رصد خلاله الأوضاع الإنسانية الصعبة للطبقة العاملة الفلسطينية، والانتهاكات المتصاعدة بحقها من قبل قوات الاحتلال، وبحسب التقرير، فقد استشهد 37 عاملا منذ بداية العام وحتى مطلع يوليو الجارى، من بينهم 29 فلسطينيا و4 عمال أجانب، بالإضافة إلى 4 آخرين لقوا حتفهم فى ظروف عمل قاسية، وسط بيئة أمنية واقتصادية خانقة، وقد توزعت حالات الاستشهاد بين الضفة الغربية والحواجز والمستوطنات، حيث فقد عدد من العمال حياتهم أثناء محاولاتهم الوصول إلى مواقع عملهم، أو خلال تنقلهم عبر المعابر الإسرائيلية، بينما توفى آخرون نتيجة الاعتقال أو التعذيب أو منعهم من الوصول إلى رزقهم.
وتكشف التفاصيل الزمنية للتقرير عن استمرار مسلسل الاستهداف شهريا، إذ سجل شهر يناير سقوط 3 شهداء، وارتفع العدد إلى 9 فى فبراير، فيما بلغ 5 شهداء فى كل من مارس وأبريل، تلاه 6 شهداء فى مايو، و4 فى يونيو، ثم استشهاد عامل واحد مع بداية شهر يوليو، وأوضح الأمين العام أن هذه الأرقام تأتى فى سياق سياسة منظمة تهدف إلى ضرب البنية الاقتصادية للمجتمع الفلسطينى، وتجريد العمال من أدنى حقوقهم، وهو الحق فى العمل والأمان المعيشى.
وأكد سعد أن الاحتلال لا يكتفى بالقتل أو الإقصاء عن العمل، بل يواصل حملات الاعتقال الجماعية التى استهدفت أكثر من 11 ألف عامل فلسطينى منذ بداية العام، استشهد 35 منهم أثناء عمليات الملاحقة أو الاعتقال. كما أشار إلى استمرار الاحتلال فى نصب المزيد من الحواجز والبوابات الإلكترونية، والتى تجاوز عددها حاجز الألف، موزعة على مداخل المدن والمخيمات الفلسطينية، ما يعيق حركة العمال، ويفكك النسيج الجغرافى والاجتماعى، ويؤدى إلى عزلة اقتصادية خانقة.
وأشار التقرير إلى أن عدد العاطلين عن العمل فى فلسطين بلغ نحو 507 آلاف عامل من أصل 1.4 مليون، أى ما يعادل 36% من إجمالى القوى العاملة، وهى من أعلى نسب البطالة فى المنطقة، وتقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة منذ بداية الحرب فى أكتوبر 2023 وحتى الآن بأكثر من 7 مليارات يورو، بمعدل يصل إلى 400 مليون يورو شهريا، وهو ما يعكس حجم التدمير الممنهج للاقتصاد الفلسطينى، الذى كانت تساهم فيه العمالة الفلسطينية بما يقارب 170 مليون شيكل يوميا قبل الحرب، أى ما يقارب 20 مليار شيكل سنويا.
فى الوقت نفسه، واصل الاحتلال تصعيد أنشطته الاستيطانية، حيث أقدمت سلطات الاحتلال على مصادرة آلاف الدونمات الزراعية، وأقامت 60 بؤرة استيطانية جديدة، ووافقت على بناء 241 مستوطنة إضافية، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى، وتقويض مباشر لأية فرص حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ودعا سعد إلى ضرورة سحب جميع الاستثمارات الأجنبية، وعلى رأسها صناديق التقاعد الأوروبية، من المستوطنات الإسرائيلية، مؤكدا أن هذه الأموال تغذى منظومة الاحتلال وتساهم فى تمدده على حساب الأرض والحق الفلسطينى.
وأشار إلى أن وفودا نقابية دولية زارت فلسطين مؤخرا ورفعت شكاوى رسمية إلى منظمة العمل الدولية، طالبت فيها بتعويض العمال الفلسطينيين عن أجورهم المسلوبة وحقوقهم المنهوبة، كما شددت على ضرورة تقديم دعم مالى طارئ للعمال الذين حرمهم الاحتلال من الوصول إلى مصادر رزقهم، لافتا إلى الإعداد لتنظيم "مؤتمر التشغيل الفلسطيني" فى شهر أغسطس المقبل، بدعم من الاتحاد الدولى للنقابات، وذلك بهدف تعزيز برامج التشغيل داخل فلسطين، ودعم فرص العمل العادل واللائق، فى سياق مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المفروضة.
كما أكد شاهر سعد أن الاتحاد يسعى حاليا إلى تشكيل تحالف نقابى دولى دائم لدعم القضية الفلسطينية فى المحافل الدولية، وفضح ممارسات الاحتلال بحق الطبقة العاملة، خاصة فى ظل ما وصفه ب"الاختراق الدبلوماسي" الذى تحقق مؤخرا بانتخاب فلسطين كعضو مراقب فى مؤتمر العمل الدولى رقم 113، ولفت إلى أن الاتحاد يعمل على تنفيذ توصيات مؤتمره العام السابع، والتى تتضمن الدفع باتجاه تشريعات عمالية عادلة، تشمل إقرار قانون للضمان الاجتماعى، وتفعيل قانون عادل للأجور، وسن قانون للحماية الاجتماعية، إلى جانب إنشاء محاكم عمالية متخصصة تحفظ حقوق العمال، وتسرع الفصل فى منازعات العمل، داعيا إلى تبنى سياسات متوازنة تنظم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وتقوم على شراكات استراتيجية تضمن التنمية المستدامة وتحسين بيئة العمل.
وأكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية والعمل اللائق لا يمكن أن يتم فى ظل الاحتلال، مشيرا إلى أن استمرار المجازر والتطهير العرقى فى الضفة وغزة، وسط صمت دولى مخز، يتطلب تحركا عاجلا من العالم لإنصاف الشعب الفلسطينى، ووضع حد للجرائم اليومية المرتكبة بحقه، مؤكدا أن فلسطين ستبقى صامدة، وأن الاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن.

Trending Plus