رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة لـ"اليوم السابع": التدخلات الأجنبية رسخت الانقسام.. محمد المبشر: القبائل لا تعارض الانتخابات بعد إنجاز مصالحة حقيقية.. و"الأجسام الليبية" تمارس العمل السياسي بمنطق الإقصاء الوقائي

أكد رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة محمد المبشر أن الأطراف التى تسعى للبقاء تغذى الانقسام لا تريد أن يكون لليبيا جيشا موحدا أو خزينة عامة موحدة أو ذاكرة وطنية تُجمع عليها الأجيال، موضحا أن المعركة الحقيقة على الهوية الوطنية وليست السلطة، مضيفا: المستفيد إقليمياً من لا يريد سند قوى لدول الطوق يدعم استقرارها وامنها الاقتصادى والاجتماعى والسياسى.
وأوضح المبشر فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن التدخلات الأجنبية رسّخت الانقسام وأوجدت ما نسميه "طبقة الأزمة" وهى مجموعة من المنتفعين ببقاء الوضع كما هو، مؤكدا أن كل طرف خارجى دخل ليبيا رفع شعار الحل لكنه يعمل على تكريس النفوذ، لافتا إلى أن التدخلات الخارجية خلقت مناطق نفوذ سياسى واقتصادى وحتى أمنى فأصبح الداخل الليبى يتحاور بلسان الخارج وتلك كارثة هوية وقرار، على حد قوله.
أشار إلى أن القبائل الليبية لا تعارض إجراء الانتخابات فى البلاد لكنها ليست حلا سحريا إذا لم تسبقها مصالحة حقيقية وترتيب للمشهد الأمنى وتنقية للسجل الانتخابى، مؤكدا أن القبائل والمدن تُطالب بأن تُضمن أصوات أبنائها بدون اقصاء أحد وأن يُكفّ عن استخدام المال السياسى لشراء التمثيل وأن تكون هناك نُظم رقابية مجتمعية، لا فقط لجان مراقبة دولية.
وعن تقييمه لموقف بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، أكد أن البعثة الأممية تغيّر كثيرًا من مواقفها حسب الضغط الدولى وهو أمر مفهوم سياسيًا لكنه يضر بالمصالحة المجتمعية، لأنها تحتاج ثباتًا فى الخطاب واستقرارًا فى الشركاء.
وحول الأجسام السياسية فى ليبيا، أوضح أن غالبية الأجسام الليبية تُمارس العمل السياسى بمنطق الإقصاء الوقائى أى إضعاف الآخر قبل أن يُنافس، داعيا إلى دعم المشاريع التراكمية لا الاستعراضات.
وعن سبل وآليات إحياء المصالحة الوطنية الليبية فى ظل حالة الاستقطاب السياسى الحالية، أوضح أن ملف المصالحة بليبيا ليست ورقة تُوقّع فى فندق بل عملية معقدة ومركّبة تبدأ من الواقع لا من النوايا، لافتا إلى أن السبيل الحقيقى لإحيائها هو كسر حلقة الاحتكار السياسى للمشهد وإعادة الاعتبار للفاعلين المجتمعيين الذين يملكون شرعية الأرض لا فقط شرعية الصندوق أو السلاح.
وأشار إلى أن مجلس الأعيان منذ سنوات يعمل بهدوء بين المدن والمكونات بمبادرات غير معلنة أحيانًا نجحت فى تهدئة بؤر صراع وإعادة روابط اجتماعية كادت تُمحى، مؤكدا أهمية إعادة هندسة العلاقة بين الأطراف على أساس التكامل لا المغالبة.
وحول تداعيات استمرار الانقسام بين المكونات الليبية، أكد أن استمرار الانقسام الليبى يهدد بتآكل ما تبقى من البنية الوطنية ويحوّل الدولة إلى جزر أمنية واقتصادية منفصلة، مشيرا إلى أن النتيجة المباشرة هى تعدّد الولاءات، واختلال ميزان الثقة وتعميق الرواسب التاريخية، محذرا من الانقسام الاجتماعى الممتد عموديًا داخل البيت الواحد وهو الأخطر لأنه يولد أجيالًا لا تعرف "الوطن المشترك" بل "المصلحة المحمية".
وعن آلية تحقيق الوحدة الوطنية فى ليبيا، لفت المبشر إلى أن الوحدة الوطنية لا تفرض ولكن يجب تدشينها أولا، مؤكدا أ، المكونات الاجتماعية فى ليبيا رغم ما تعرّضت له ما زالت تملك قوة التأثير بشرط أن تُرفع عنها قبضة السياسة والاستقطاب، موضحا أن الوحدة الوطنية تُحقق عندما يُمنح الاجتماع الأهلى وزنه الحقيقى فى القرار.
أكد أن السلم المجتمعى يبدأ من وقف الكراهية المنظمة التى تُضخ عبر الإعلام والمنابر والقرارات الانتقائية، ويُعزّز حين يشعر المواطن الليبى أن القانون لا يُطبق بالهوية ولا يسقط بالوساطة، موضحا أن مجلس الأعيان يرى أن الأمن لا يأتى بالقوة بل بالثقة المتبادلة وبوجود قنوات تضمن التعبير دون أن تُنتج عنفًا وتضمن العدالة دون أن تُصنع خصومات.

Trending Plus