يوسف عباس يكتب: فريد الأطرش رجل عاش بنصف قلب وخلّد اسمه بصوت لم يعرف النسيان

يوسف عباس
يوسف عباس

في زمان يتكاثر فيه الغناء ويتناقص فيه الفن وفي زمن تتكاثر فيه الأسماء وتختفي الظلال يظل اسم فريد الأطرش محفورًا لا في ذاكرة الطرب فقط بل في ذاكرة الشعور نفسه، رجل لم يكن صوته مجرد طبقة ولا عزفه مجرد إيقاع بل كان في صوته شيء يشبه صوت الأرض حين تبكي وفي عزفه نحيب مدفون لم يصرّح به إلا للعود.

ولد فريد الأطرش ليكون أميرًا
هرب صغيرًا من مملكة لم تُعطه شيئًا سوى الحنين فصنع من لجوئه وطنًا من نغمة، ومن وجعه لغة ومن وحدته مدرسة كاملة لا تزال تنبض حتى بعد رحيله بعقود.

لم يكن فريد الأطرش فنانًا تقليديًا، لم يكن صوتًا ينافس أصوات عصره، بل كان نصًا مختلفًا في كتاب الموسيقى
كان يشبه نغمة تبحث عن نفسها
يشبه رجلاً خائفًا من أن يُحب لأن الحب في حياته ارتبط دائمًا بالغياب وربما لهذا السبب ظل دون زواجلا لأنه لم يجد
بل لأنه وجد كثيرًا ولم يجد ما يشبهه.

حين يستمع إليه المرء لا يكتفي بالسمع بل يدخل في حال من التماهي يحس أن الرجل لا يغني
بل يحكي وأنه لا يحكي للناس بل يحكي عنهم.

لم تكن ألحانه تقليدًا ولا صوته ابن مدرسة محددة بل كان مشروعًا فنيًا متكاملًا رسم ملامحه بيده، استلهم من الشرق جمرته ومن الغرب سطوعه
صاغ في بعض ألحانه إيقاعات رومبا وفالس وسيمفونية
ولكنه لم يغادر شرقيته لحظة واحدة، حتى في ذروة التجريب كان يبقى فريدًا شرقيًا حزينًا
ومخلصًا لكل ما لا يُقال بالكلمات.

وراء صوته اللامع كان هناك رجل خجول يخبئ داخله طفلًا لم يكبر، كان كريمًا حتى في حزنه
وكان بسيطًا حتى وهو يتربع على عرش، كانت شقته مزارًا لأصدقائه ومائدته عامرة حتى في الأيام التي كان لا يجد فيها لنفسه راحة.

ذات يوم أرسل لأحدهم مبلغًا كبيرًا دون أن يُسأل لأن قلبه لا يعرف حسابات السؤال والجواب
قال لمن أراد أن يرد له المبلغ
من يخرج من بيت فريد لا يعود ناقصًا، علاقته بأسمهان لم تكن مجرد أخوة بل كانت علاقة ظل بروح كان يعتبرها نصفه الآخر
وحين خطفها الموت مبكرًا لم يشف بعدها، قال ذات مرة إنه لم يعد يشعر بجمال الحياة من بعدها وأن الغناء صار مجرد وسيلة للنجاة لا للفرح.

فريد الأطرش لم يُبجل من الحكومات فقط بل من القلوب
عبد الناصر كان يقدّره السادات كان يسمعه والشعوب كانت تنتظره كأنها تنتظر خبزها اليومي.

لم يمت فريد يوم مات
ولا غاب يوم غاب صوته
بل بقي كما بقيت الأطلال
وكما بقي نهج البردة
وكما بقيت صوره على جدران الذاوكرة، هو ليس فقط ملك العود
بل ملك تلك المنطقة الصامتة التي بين الحنين والصوت بين النغمة والندبة بين الفقد والخلود.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إحالة المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما إلى الجنايات

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

بدء إبلاغ المقبولين بكلية الشرطة بنتائج القبول للعام الدراسى الجديد

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

5 آلاف إثيوبي ملزمون بمغادرة أمريكا خلال 60 يوما.. ما السبب؟


قبول 50 طالبة من كليات التربية الرياضية بأكاديمية الشرطة

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

قبول 800 طالب من الحاصلين على الثانوية بأكاديمية الشرطة

وفاة الفنان نبيل الغول.. أبرز مشاركاته ذئاب الجبل والشهد والدموع

ألمانيا تحبط هجوما إرهابيا على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص


تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

صدمة بعد إطلاق نار فى جامعة أمريكية.. الضحايا من الطلاب والمسلح لا يزال هاربا

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

سقوط 5 قتلى في إطلاق النار بأستراليا.. والشرطة تعلن مقتل أحد المنفذين

اعرف كيفية الحصول على نتيجة كلية الشرطة لعام 2025/2026

الصفقة المجانية سر غضب الأهلى من برشلونة فى صفقة حمزة عبد الكريم

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

انتخابات مجلس النواب.. بدء الصمت الانتخابي فى 55 دائرة ضمن المرحلة الثانية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى