"أرواح تحرس الجبل".. قصة مقامات الأولياء في وديان أبو زنيمة بسيناء.. "الشيخ حشاش" و"سليمان أبو خضرة" و"حبوس".. حكايات يتناقلها الناس ويتبركون بها.. موالد صامته تنحر فيها الذبائح للإطعام والدعاء.. صور

قباب بيضاء صغيرة في قلب الطبيعة الصامتة، ليست بيوتًا، لكنها تشبهها. ليست معابد، لكنها تُزار بخشوع.. إنها مقامات الأولياء في عمق جبال مناطق أبو زنيمة بجنوب سيناء، والذين تقول الروايات إنهم لم يغادروا الجبل، حتى بعد أن غادروا الحياة وحيث الصخر الأحمر يعانق زرقة السماء، وتغفو الوديان على أسرار منسية.
كل مقام هنا يحكي حكاية، وكل ضريح له رواية، يتناقلها الناس كما تُنقل الوصايا، ويمضون إليها مشياً على الأقدام أو بسيارات الدفع الرباعي، لا لطلب حاجة دنيوية، بل طمعًا في البركة، أو وفاءً لعهد، أو وفاءً لذكرى رجل صالح.
"اليوم السابع" وصل لهذه المقامات وسمع من القائمين على خدمتها وسكان مناطقها روايات توثق أسباب وجودها.
في وادي الصهو، بين ممرات جبلية وعرة، يظهر مقام "الشيخ حشاش"، ضريح صغير تقف عنده أشجار السيال، وتلوّح القباب البيضاء فوق سفوح الجبال المتوشحة بلون الطين.
هنا، حيث لا تُسمع إلا همسات الرياح، يُقام كل عام ما يُعرف بين القبائل بـ"زوارة الشيخ حشاش"، وهو مولد سنوي يعقد في سبتمبر، يجتمع خلاله أبناء قبيلة الحماضة يستقبلون سكان المنطقة والضيوف من كل سيناء وخارجها، يقضون ليلتين من الذكر والدعاء، ويقدّمون الذبائح على نية أن تكون "لقمة لوجه الله" وبدون مظاهر أخري كما يؤكدون.
يقول سالم مسلم جمعة، من قبيلة الحماضة وأحد المتطوعين لخدمة المقام: "الناس تؤمن بأن الشيخ حشاش كان وليًا صالحًا عاش في سانت كاترين، وعند وفاته، طار كفنه بالريح من هناك حتى استقر في هذا الوادي، و دُفن".ويتابع: "حول مقامه، دُفن رجلان آخران معروفان بصلاحهما، هما الشيخ الهمشري وأبو حريرة من قبيلة الحماضة، وشيّدنا مقامات صغيرة لهما أيضًا. الزيارة هنا لا تشبه أي احتفال، فلا موسيقى، ولا طقوس خارجة. فقط دعاء، وذبح، وطعام يُوزّع على الزائرين".
في محيط المقام، بُني مسجد بسيط بالجهود الذاتية، وإلى جواره عرائش تقليدية من الخوص والخشب، يقيم فيها الزائرون وقت الزوارة أو خلال زياراتهم المتقطعة. ويضيف سالم: "لكل أسرة عريشة، فيها أدوات طهي وأوانٍ من المعدن والفخار، يستخدمها الزوار بحرية. وهناك عريشة رئيسية تُعرف باسم مجلس حشاش، هي أشبه بقلب المكان."
بعيدًا عن وادي الصهو، في قلب المدينة التي تحمل اسم أبو زنيمة، لا يعرف كثيرون أن اسمها نفسه مشتق من مقام قديم لولي يُدعى "الشيخ أبو زنيمة".
يقول صالح عيد، أحد السكان المحليين من قبيلة العليقات وناقل للتاريخ الشفاهي: "المقام كان موجودًا قبل أن تُبنى المدينة من الأساس.. حوله نشأت التجمعات الأولى، وصار اسمه هو اسم المدينة.. وهذا ليس الوحيد، فكل وادٍ هنا له مقام، وكل مقام له قصة."
في وادي النصب، يقع مقام آخر يُعرف باسم "الشيخ سليمان أبو خضرة"، ويُقال إنه من قبيلة العليقات أيضًا يضيف صالح: "يُعرف بصلاحه وكراماته، وكان الناس يتوافدون عليه من مختلف مناطق جنوب سيناء، خاصة في الأزمات. الآن لا تزال الزيارة مستمرة، والدعاء لا ينقطع."
في قرية الرملة، يذكر الناس مكانًا اسمه "رملة القري"، لا يوجد فيه مقام فعلي، لكنه موقع مُقدس له قصة متوارثة.
تقول الرواية الشعبية: "حاول بعض اللصوص سلب إبل كانت ترعى هناك، فلما اقتربوا، تحولت الإبل إلى صخور. وعندما ضرب أحدهم الصخرة بسيفه، نزف منها دم! ومن يومها صار المكان مباركًا، يُزار، ويُدعى فيه."
باتجاه نهاية منطقة الرملة، يقع مقام الشيخ "حبوس، ويُعتقد أنه من أبناء عشيرة الجريرات قبيلة السواركة بشمال سيناء، ويقال إنه عُرف بالصلاح، ومن يزوره يقول: "طلبنا البركة".
كما يوجد مقام آخر له يُعرف بـ"حبوس الأخضر"، ويرتبط بالاعتقاد السائد بأن زيارة المكان تطرد العين وتبث الراحة في النفس.
من بين كل ما قيل، يبقى المثل الشعبي السيناوي الذي يتناقله أهل هذه المناطق: "تحنّن القبور ولا تحنّن الصدور"، بمعنى أن زيارة قبر ولي صالح قد تأتي بفرج ودعاء مستجاب، أفضل من أن تطلب من الناس من دون فائدة.
بين المقامات والجبال، وبين الضريح والعرائش، يبدو المشهد كأن الأرواح لم تغادر المكان، وكأن الأولياء الصالحين يحرسون الجبل حتى بعد رحيلهم.
مقاماتهم مفتوحة على مدار العام، زياراتهم لا تحتاج إلى مواعيد، وذكراهم باقية على الحيطان، في قطع القماش البيضاء، وفي آيات كتبت على ألواح الخشب، وفي روائح البخور التي تملأ الوديان مع كل نسمة هواء.

استراحات-حول-المقامات

الاهالي-حريصين-علي-خدمتها

المقامات-بين-الجبال

ضريح-في-الجبال

عرائش-استراحات-تحيط-مقام-حشاش

قبر-ولي-

مشاهد-لمقامات-

مقامات-في-جبال-سيناء

من-المقامات

من-تكوين-المقامات

يزور-الاهالي-المكان

مقامات الأولياء
سيناء
أبو زنيمة
وادي الصهو
وادي النصب
الشيخ حشاش
الشيخ حبوس
الشيخ سليمان أبو خضرة
قبيلة الحماضة
قبيلة العليقات
الجبال
الأضرحة
الأولياء الصالحون
زوارة الشيخ حشاش
سرابيط الخادم
وديان سيناء
التراث الروحي
المزارات الدينية
المقامات الشعبية
مولد
البدو
التاريخ الشفهي
الجبل
السياحة الروحية
المقابر
الزيارات
العرائش
مسجد جبلي
البركة
طرد العين
الصلاح
جنوب سيناء
التراث الشعبي
Trending Plus