السير عكس الاتجاه نزيف مستمر على الأسفلت.. جهود مكثفة لضبط المخالفين وتحرير 2274 مخالفة لسيارات النقل والأجرة.. أجهزة حديثة لتوثيق الأحداث على الطرق السريعة.. والقانون يسمح بحجز المركبة لحين الفصل بالمخالفة

تواصل الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية جهودها الحثيثة للحد من حوادث الطرق من خلال شن حملات مرورية مكثفة تستهدف أخطر المخالفات التي تهدد سلامة المواطنين، وعلى رأسها السير عكس الاتجاه، وهي الظاهرة التي باتت تمثل تحديًا حقيقيًا للأمن المروري في الشوارع والمحاور الرئيسية.
ففي إطار خطة الوزارة لتكثيف التواجد الأمني وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، شنت الإدارة العامة للمرور خلال الأشهر الستة الماضية حملات موسعة أسفرت عن ضبط 2274 مخالفة سير عكس الاتجاه، وهو رقم يكشف عن مدى انتشار هذه السلوكيات الخطرة، ويدق ناقوس الخطر بشأن استهتار البعض بأرواحهم وأرواح الآخرين.
.jpg)
متهم بالسير عكس الاتجاه
ولا تكمن خطورة هذه المخالفة فقط في كونها انتهاكًا للقانون، بل في العواقب الكارثية التي تترتب عليها، حيث تسببت عشرات الحوادث المؤلمة في فقدان أرواح بريئة كان يمكن إنقاذها لو التزم المخالفون بالقواعد الأساسية للسير.
وتعد الطرق السريعة والمناطق الحيوية مثل الطريق الدائري والمحور الأوسطى من أبرز المواقع التي تشهد هذه المخالفات، ما يزيد من احتمالات وقوع حوادث تصادم وجهاً لوجه تكون نتائجها مميتة في كثير من الأحيان.
.jpg)
متهم بالسير عكس الاتجاه
وفي واقعة حديثة تؤكد جدية التحرك الأمني في هذا الاتجاه، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عدد من قائدي السيارات أثناء قيادتهم عكس الاتجاه بالطريق الأوسطى في دائرة قسم شرطة حلوان بمحافظة القاهرة، معرضين حياتهم وحياة المواطنين للخطر.
وبمواجهتهم، أقروا بارتكابهم الواقعة بدافع اختصار الوقت، دون إدراك لحجم الجريمة التي يرتكبونها بحق أنفسهم والمجتمع.
وقد تم التحفظ على السيارات واتُخذت الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، في رسالة واضحة بأن القانون سيُطبق بكل حزم على من يستهين بالأمن العام وسلامة المواطنين.
.jpg)
متهم بالسير عكس الاتجاه
ويرى خبراء أمنيون أن هذه الوقائع لا يمكن التصدي لها فقط من خلال العقوبات والملاحقات الأمنية، بل يجب أن تكون هناك معالجة شاملة تشمل التوعية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز ثقافة الالتزام بقواعد المرور.
وفي هذا السياق، قال اللواء خالد الشاذلي، الخبير الأمني، إن حوادث الطرق أصبحت سببًا رئيسيًا في نزيف الأسفلت نتيجة الأخطاء البشرية، مشيرًا إلى أن مخالفات السير عكس الاتجاه تُعد من أخطر هذه الأخطاء، لأنها غالبًا ما تؤدي إلى حوادث مميتة بسبب المفاجأة وعدم قدرة السائقين على تفادي الاصطدام.
وأضاف الشاذلي، في تصريحات خاصة لصحيفة "اليوم السابع"، أن البعض يظن أن اختصار الطريق لبضع دقائق يبرر ارتكاب مخالفة جسيمة مثل السير عكس الاتجاه، غير مدركين أنهم يضعون أنفسهم والآخرين في مواقف قاتلة.
.jpg)
متهم بالسير عكس الاتجاه
وأكد أن جهود وزارة الداخلية في استخدام أنظمة المراقبة المتطورة والتقنيات الذكية قد ساعدت بشكل كبير في رصد هذه المخالفات وضبط مرتكبيها في أسرع وقت، إلى جانب التواجد الميداني المستمر لرجال المرور في المحاور الرئيسية والشوارع الحيوية.
وأشار إلى أهمية التوعية المجتمعية بخطورة هذا السلوك، مؤكدًا أن السير عكس الاتجاه ليس فقط مخالفة مرورية، بل هو بمثابة انتحار علني، لأنه أقصر طريق إلى القبر، بحسب وصفه.
وأوضح أن هناك حاجة لتعزيز البرامج التوعوية التي تستهدف السائقين، خصوصًا فئة الشباب، من خلال وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لتغيير الثقافة السائدة بأن "التحايل على الطريق" أمر مقبول أو لا يضر.
ومن الناحية القانونية، تنص المادة 76 مكرر من قانون المرور على توقيع غرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه على من يقود عكس الاتجاه، بالإضافة إلى سحب الرخصة لمدة لا تقل عن شهر.
وفي حالة التكرار أو التسبب في حادث، يجوز إحالة السائق إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات جنائية، خاصة إذا ترتب على المخالفة إصابات أو وفيات.
.jpg)
متهم بالسير عكس الاتجاه
كما أن القانون يسمح بحجز المركبة لحين الفصل في المخالفة، وهو إجراء رادع تسعى الدولة إلى تفعيله بصرامة للحد من هذه الظاهرة.
ويتضح من خلال ما سبق أن السير عكس الاتجاه لم يعد مجرد مخالفة عابرة يمكن التساهل معها، بل أصبح تحديًا أمنيًا ومجتمعيًا يتطلب تضافر جميع الجهود لمواجهته.
فالحل لا يكمن فقط في العقوبة، بل في بناء وعي جماهيري بأن احترام قواعد المرور ليس خيارًا بل ضرورة حياتية. ومع استمرار الحملات الأمنية وتطوير البنية التكنولوجية، تبقى المعركة الحقيقية هي معركة الوعي، لأن كل سائق ملتزم هو شريك في الحفاظ على الأمن والسلامة في الشارع.

Trending Plus