مسئول الأمم المتحدة "الهابيتات" فى حواره لـ"اليوم السابع": استضافة القاهرة للمنتدى الحضرى العالمى محطة بارزة فى مستقبل التنمية الحضرية المستدامة.. ويؤكد من نيروبى: لدينا برامج قوية لإعمار الأراضى المحتلة وسوريا

نجاح المنتدى الحضري العالمي أكد التزام الحكومة المصرية بقضايا التنمية الحضرية
مشروع حي الاسمرات من أبرز مشروعات التطوير في مصر ويعد نموذجا ملموسا لتعزيز جودة الحياة
تناول د. عرفان علي المسئول الرئيسي في موئل الأمم المتحدة الهابيتات الخطة الاستراتيجية للبرنامج الأممي 2026 – 2029 والتي تركز علي السكن اللائق والمستدام وإدماج مفاهيم العدالة الاجتماعية والمرونة المناخية وأكد لـ"اليوم السابع" على نجاح مصر في استضافة المنتدى الحضري العالمي، والذي قال إنه شكّل محطة بارزة في مسار النقاشات العالمية وتطرق خلال الحوار علي برامج إعادة إعمار الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا إلي نص الحوار:
السكن اللائق أحد الأهداف الهامة والأساسية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات) فما هي خطط البرنامج لهذا العام ؟
السكن اللائق يُعدّ من الركائز الأساسية في عمل برنامج الموئل، وهو يحتل أولوية كبرى في إطار الخطة الاستراتيجية الجديدة للبرنامج للفترة 2026– 2029 التي تم اعتمادها مؤخراً من قبل الدول الأعضاء في الجمعية العامة للموئل في مايو 2025.
تركّز هذه الخطة على تحسين الوصول إلى السكن الميسور والآمن، لا سيّما للفئات الأكثر ضعفاً، ونحن في "الموئل" لا ننظر إلى السكن باعتباره مجرد مأوى، بل نتبنى نهجاً شاملاً يدمج بين توفير المسكن اللائق والميسور، وضمان الاتصال بالخدمات الأساسية، وتعزيز أمن الحيازة، والملاءمة الثقافية، والاعتبارات البيئية والاجتماعية التي تجعل من السكن عاملاً فعّالاً في ازدهار المجتمعات.
تتضمن خطتنا الجديدة عدداً من المحاور الرئيسية المتعلقة بالإسكان، من أبرزها تعزيز السياسات الوطنية للإسكان، وتقديم الدعم الفني والتشريعي للحكومات لتطوير أطر فعالة ومستدامة ودعم حلول الإسكان المستدام، من خلال شراكات مع الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني وإدماج مفاهيم العدالة الاجتماعية والمرونة المناخية في تصميم وتنفيذ مشاريع الإسكان، بما يعزز قدرة المجتمعات على التكيّف مع التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية المتداخلة.
كيف رأيت مخرجات المنتدى الحضري العالمي 2024 الذي عقد في القاهرة؟
مسئول الأمم المتحدة
المنتدى الحضري العالمي 2024، الذي استضافته مدينة القاهرة، شكّل محطة بارزة في مسار النقاشات العالمية حول مستقبل المدن والتنمية الحضرية المستدامة. بحضور أكثر من 25 ألف مشارك من مختلف دول العالم وممثلين عن الحكومات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية، وفر المنتدى منصة شاملة لتبادل الخبرات، وطرح الحلول، وتشكيل تحالفات جديدة.
الموضوع الرئيسي للمنتدى كان "توطين أهداف التنمية المستدامة"، وقد تم تسليط الضوء بشكل خاص على أهمية تعزيز العمل المحلي، ليس فقط كأداة لتحقيق هذه الأهداف، بل كشرط أساسي لنجاحها. إعلان القاهرة للعمل الحضري، الذي صدر في ختام المنتدى، عبّر عن هذا التوجه من خلال التأكيد على أن "كل شيء يبدأ محليًا"، وأن التصدي للأزمات العالمية المترابطة يتطلب تحركًا جماعيًا ومنسقًا يبدأ من القاعدة.
ومن أبرز مخرجات المنتدى التأكيد على أهمية دمج الشباب والنساء في عمليات صنع القرار الحضري، بما يعزز الشمولية ويجعل السياسات أكثر استجابة لاحتياجات المجتمعات.كما تم تسليط الضوء على تجارب ملهمة من الجنوب العالمي، أظهرت كيف يمكن، حتى في ظل محدودية الموارد، إحداث تأثير حضري ملموس وقابل للتكرار في سياقات أخرى.
بالإضافة الي إطلاق شراكات جديدة بين الحكومات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، لتمويل مشاريع حضرية مبتكرة ومستدامة إطلاق النسخة الأولى من تقرير "WUF12 Perspectives"، الذي مثّل تطورًا نوعيًا في توثيق وتحليل مداولات المنتدى. اعتمد هذا التقرير على أدوات تحليل مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم قراءة معمّقة لأكثر من 810 ساعات من النقاشات التي دارت في 587 فعالية مختلفة، ما سمح باستخلاص دروس وتوصيات عملية قابلة للتطبيق.
ولا يقتصر أثر المنتدى على النقاشات فحسب، بل نحرص في برنامج الموئل على أن يمتد تأثيره إلى الواقع، من خلال ما يُعرف بـ"مبادرات الإرث" Legacy Initiatives ، ومن أبرزها مشروع تطوير الأماكن العامة في حي الأسمرات بمصر، كنموذج ملموس لتحويل مخرجات المنتدى إلى تدخلات فعلية تعزز جودة الحياة في الأحياء الأكثر احتياجًا.
كما أن نجاح المنتدى يعكس التزام الحكومة المصرية، والمنطقة العربية عمومًا، بقضايا التنمية الحضرية، ويؤكد أن المنطقة قادرة على أن تكون منصة للحوار العالمي، ومصدرًا للحلول الحضَرية المبتكرة والمستدامة.
ونحن نعمل حاليًا على مواصلة البناء على مخرجات المنتدى، من خلال الحفاظ على الزخم الذي تحقق وتوسيع نطاق الشراكات والتوصيات، استعدادًا للمنتدى الحضري العالمي الثالث عشر (WUF13) الذي سيعقد في باكو/أذربيجان عام 2026. سيكون هذا المنتدى فرصة مهمة لتقييم التقدم المحرز، وتعميق الحوار، وتحويل الدروس المستفادة إلى سياسات وتنفيذ فعلي يحقق الأثر على الأرض.
في مناطق الصراعات والنزاعات تكون هناك تحديات صعبة وشبه مستحيلة لتوفير السكن الملائم، فهل هناك برامج ضمن الهابيتات تستهدف هذه المناطق؟
نولي في موئل الأمم المتحدة اهتمامًا خاصًا بالمناطق المتأثرة بالنزاعات، إدراكًا للتحديات المعقدة التي تواجهها هذه السياقات في تأمين السكن اللائق والآمن. وتقوم تدخلاتنا على نهج مزدوج يجمع بين الاستجابة الطارئة وتخطيط التعافي طويل الأمد، بما يضمن إعادة البناء بطريقة أكثر شمولًا واستدامة ومن خلال هذه التدخلات، يسعى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الهابيتات إلى تحويل تحديات النزاعات إلى فرص لإعادة البناء بشكل أفضل، وتحقيق الحق في السكن اللائق حتى في أصعب البيئات.
على سبيل المثال: في العراق، نعمل على تنفيذ مشاريع إسكان متكاملة للأسر المتضررة من النزاعات، ومن أبرز هذه المشاريع "القرية اليابانية" لتوفير مساكن وخدمات أساسية وفرص عمل للعائدين والفئات الضعيفة، ويُعد المشروع نموذجًا ناجحًا يربط بين إعادة الإعمار والتنمية المجتمعية.
وفي أوكرانيا، نُسهم في إعادة التأهيل السريع للمساكن المتضررة، وندعم البلديات في إعداد خطط تعافي حضري تعزز الاستدامة والعدالة الاجتماعية. يشمل ذلك تطوير أطر للسياسات الوطنية، وإنشاء مختبر حضري في كييف، إلى جانب تبني حلول رقمية لدعم جهود إعادة البناء.
أما في اليمن، حيث يمتد النزاع منذ سنوات، نركّز على توفير حلول سكنية آمنة للأسر المتأثرة، مع تعزيز قدرات الجهات المحلية والمجتمعات على التخطيط والتنفيذ. كما ندعم جهود المشاركة المجتمعية لضمان مواءمة مشاريع الإسكان مع السياقات الثقافية والاجتماعية.
وفي سوريا، فنُسهم في صياغة سياسات وطنية لإعادة بناء السكن في مرحلة ما بعد النزاع، بما يضمن تعافيًا حضريًا عادلًا وشاملًا، قائمًا على إعادة الإعمار بطريقة أكثر مرونة وفعالية.
شهدنا ما حدث في الأراضي المحتلة من دمار للبنية التحتية، وأفادت التقارير الأممية أن إعادة إعمار غزة يتطلب استثمارات ضخمة. فهل لدى الهابيتات خطط للمشاركة في أي استثمارات أو مشروعات متعلقة بإعمار غزة؟
الوضع في غزة يستدعي استجابة شاملة متعددة المستويات، ففي ما يخص السكن، أظهرت التقييمات أن أكثر من 93% من الوحدات السكنية قد تضررت. نحن في برنامج الموئل (الهابيتات) نعمل بالتعاون الوثيق مع شركائنا في منظومة الأمم المتحدة، والسلطة الفلسطينية، لتطوير استجابات متكاملة تركز على إعادة بناء المساكن والبنية التحتية الأساسية.
تتضمن استجابتنا الحالية والمتوقعة تدخلات قصيرة، متوسطة، وطويلة المدى، تبدأ من تقييم الأضرار وتشخيص التحديات الرئيسية في المدن باستخدام أدواتنا التقنية، مثل City Profiling، مرورًا بدعم السلطة الفلسطينية في إعداد إطار إعادة إعمار غزة. وتنفيذ التدخلات ذات الأولوية.
وتنقسم مجالات التدخل إلى ثلاث مراحل رئيسية تمتد من الاستجابة الطارئة إلى إعادة التأهيل الطويلة الأمد.
المرحلة الأولى: (الاستجابة السريعة وتحليل الوضع) وتركز هذه المرحلة على بناء قاعدة معرفية دقيقة لفهم الأضرار واحتياجات المناطق و المرحلة الثانية: (التخطيط وإعادة التأهيل المبكر) ومن خلال هذه المرحلة، يبدأ البرنامج في ترجمة البيانات إلى خطط قابلة للتنفيذ، مع التركيز على التخطيط التشاركي وإعادة تأهيل البنية الأساسية:
بالإضافة إلي المرحلة الثالثة: (التنفيذ وإعادة الإعمار طويلة الأمد) والتي تهدف إلى إعادة بناء المجتمعات على أسس أكثر مرونة واستدامة وإعداد خطط للتعافي على مستوى الحي والمحافظة وتنفيذ التدخلات ذات الأولوية في الإسكان، البنية التحتية، والخدمات الأساسية وإعادة تأهيل واستعادة الأحياء المتضررة بطريقة مستدامة وشاملة.
نؤمن أن إعادة إعمار غزة لا تقتصر على استبدال ما تم تدميره، بل على بناء مستقبل أكثر مرونة. ولهذا، فإننا نعمل على إدماج مبادئ الاستدامة والمرونة والتخطيط الحضري الشامل في جميع مراحل الاستجابة.
وماذا عن سوريا، هل هناك أيضاً خطط للبرنامج للمساعدة في إعمار سوريا؟
نعم، لدى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وجود مستمر في سورية، ونعمل بالشراكة مع الشركاء الوطنيين والسلطات المحلية من خلال مجموعة من المشاريع التي تركز على التعافي المبكر، مع إعطاء أولوية خاصة لقطاعي السكن والبنية التحتية المحلية. تشمل تدخلاتنا في سوريا من خلال إعادة تأهيل المرافق العامة التي تضررت، مثل شبكات المياه والصرف الصحي، والمدارس، والمراكز المجتمعية، مما يسهم في تحسين ظروف الحياة اليومية للسكان من خلال دعم البلديات في إعداد خطط حضرية محلية تُمكّنها من تعزيز القدرة على الصمود ومواجهة التحديات المتكررة.
بالإضافة إلي إعداد خطة استراتيجية لإعادة تأهيل قطاع السكن وإعادة البناء، تُراعي السياق المحلي وتستجيب للاحتياجات الفعلية على الأرض ونعمل أيضًا على تعزيز القدرات المؤسسية والمجتمعية لتمكين الفاعلين المحليين من قيادة جهود التعافي بشكل فعّال وشامل. وتعتمد هذه الجهود على قاعدة من البيانات والمعرفة. فقد تم تطوير ملفات حضرية وخطط تعافٍ بمستويات مختلفة، منها ملف حضري شامل وخطة طويلة الأمد للفترة بين 2019 و2024، بالإضافة إلى ملفات تعافٍ على مستوى الأحياء، ما ساهم في توجيه الاستجابة بناءً على أدلة مكانية وواقعية.
كما تم تنفيذ أكثر من خمسين مشروعًا للتعافي المبكر قائمًا على المكان شملت استعادة شبكات المياه، وتحسين إدارة النفايات، وتأمين الوصول الآمن للمرافق العامة، وتطوير المساحات العامة، بما يعزز من التماسك الاجتماعي ويعيد الحياة إلى المناطق المتضررة.
أما في ما يتعلق بحقوق السكن والأراضي والممتلكات (HLP)، فقد قام البرنامج بتحليل الإطار القانوني والمؤسسي المعني، وترجم أكثر من 125 قانونًا متعلقًا بهذه الحقوق ضمن قاعدة بيانات UrbanLex القانونية، وأنتج أكثر من ثلاثين ورقة سياسات ومنتجًا معرفيًا لدعم رسم السياسات. كما أسهم في استعادة خدمات السجل العقاري وأرشفة الوثائق المتضررة أو المفقودة، إلى جانب دعمه لحماية حقوق اللاجئين في التجمعات غير الرسمية.

Trending Plus