القومي للمسرح يناقش جماليات الجسد والحركة في المسرح المعاصر

أقيمت ندوة "جماليات الجسد.. الحركة وفلسفة الآداء في المسرح الراقص" في إطار المحور الفكري المصاحب للدورة الثامنة عشر من المهرجان القومي للمسرح، وأدار الندوة الناقد محمد عبد الرحمن، وبمشاركة كلاً من الفنانة كريمة منصور، والفنانة شيرين حجازي، والفنانة نادين خالد.
وخلال كلمته أكد الناقد محمد عبد الرحمن زغلول أن المسرح والرقص تربطهما علاقة قوية منذ بداية نشأتهما، فكلاهما يعتمد على الأداء والحركة والتعبير عن النفس البشرية بصور وطرق غير تقليدية، مشيرا إلى أنه ربما الرقص يركز بشكل أكبر على الحركة المجردة والجمالية، بينما المسرح قد يجمع بين الحركة والكلام، وكلاهما يعتمد على التواصل المباشر مع الجمهور.
وأضاف "عبد الرحمن" خلال الندوة: "ربما تاريخ الرقص أقدم حتى من تاريخ نشأة المسرح، إذ ارتبط الرقص بتاريخ وعي الإنسان بوجوده على الأرض، وإدراكه لعلاقاته مع نفسه، ومع الآخرين، وربما منه انطلق الإنسان إلى كل المعارف الأخرى، فقبل الكلام كان الإنسان يعبر عن نفسه بالأداء الحركي، وكذلك كان الرقص هو وسيلته للتعبير عن حزنه وفرحه".
وأردف: "كذلك، كانت الرقصات جزءًا من الطقوس الدينية والاحتفالات، ثم تطورت لتصبح جزءًا من العروض المسرحية اليونانية، حيث كانت الرقصات والغناء عناصر أساسية من المسرحيات".
ومن جانبها، قالت الفنانة كريمة منصور إن الرقص، مهما اختلف نوعه، يظل في جوهره “لغة حركية”، موضحةً أن هناك فرقًا بين تقديم عرض راقص متكامل، وبين المشاركة كجزء من عمل مسرحي أو فني أكبر، فلكل تجربة لغتها الخاصة وأسلوبها المميز. وأشارت إلى أن الرقص المعاصر، الذي يُعد مظلة واسعة تضم أشكالًا متعددة من التعبير، لا يشترط فيه وجود بناء درامي تقليدي، مضيفة: “لسنا مطالبين بسرد حكاية، بل بخلق معنى من خلال الحركة”.
وانتقدت منصور ما وصفته بسوء الفهم السائد لدى البعض حول مفهوم التصميم الحركي، مؤكدة أن “هناك خلطًا بين التصميم الحركي الحقيقي، وبين مجرد لصق الحركات بعضها ببعض”، مشددة على أن “الكيروجرافي الحقيقي هو إخراج بصري حركي، يتطلب خلق حركة داخل مساحة، مع الأخذ في الاعتبار التكوينات والمشهد الكلي، وليس مجرد تجميع خطوات”.
بدورها، أكدت الفنانة شيرين حجازي أن مخرج العرض الراقص أو مصمم الحركة لا بد أن يمتلك فكرة واضحة أو هدفًا يسعى إلى تحويله من نص درامي إلى عرض بصري حركي. وأضافت أنها تبدأ أي مشروع بمرحلة بحث وتحضير مكثفة، مشيرة إلى العديد من التحديات التي تواجه مصممي الرقص، من بينها ضرورة الحصول على موافقات رسمية لاستخدام أي مقطوعات موسيقية قبل نشر مقاطع الفيديو الخاصة بالعروض.
كما أشارت إلى جانب من التحديات الشخصية التي تواجهها، موضحة أن لديها ابنة تعمل مدرسة ضمن فرقة “عوالم خفية”، وتضطر لحضور البروفات بعد الساعة الرابعة عصرًا، مما يجعلها تعود إلى المنزل في وقت متأخر، ويعرضها للكثير من المضايقات، وهو ما اعتبرته جزءًا بسيطًا من معاناة النساء العاملات في هذا المجال.
وأكدت حجازي أن الرقص، رغم التحديات، يحمل بعدًا إنسانيًا عميقًا، قائلة: “الرقص فن ممتع، وممارسته تحمل أثرًا علاجيًا ونفسيًا، فهو يداوي، ويجعلنا أكثر تقبلًا لأفكار الآخرين، ويزيد من إنسانيتنا”.
أما الفنانة نادين خالد، فاستعادت بداياتها الفنية من داخل مسرح كلية الألسن – جامعة عين شمس، مشيرة إلى أن المسرح الجامعي منحها مساحة واسعة للتجربة والتعلم، حيث مارست التمثيل، والإخراج، وتصميم الدراما الحركية. وأوضحت أن بساطة الإمكانات في مسرح الجامعة لم تمنع وجود طاقة فنية حقيقية وفرصة للحرية والإبداع.
وقالت نادين: “ما زلت أعمل ضمن مسرح الجامعة، لأنني تلقيت فيه دعمًا ومساحة حرة في بدايتي، وأرغب في أن أتيح نفس المساحة لكل من يبدأ الآن”.

Trending Plus