بين التصعيد والتفاوض.. معركة جمركية تلوح فى الأفق بين أوروبا وترامب.. لغة العقوبات والرسوم الجمركية تتصدر مشهد العلاقات الدولية.. دونالد يهدد بـ30% تعريفات.. والاتحاد الأوروبى يستعد لرد انتقامى بـ27 مليار يورو

في وقت يشهد فيه العالم توترات سياسية وتجارية متصاعدة، تعود لغة العقوبات والرسوم الجمركية لتتصدر مشهد العلاقات الدولية، وهذه المرة بين شريكين استراتيجيين لطالما جمعتهما المصالح الاقتصادية والتحالفات الغربية: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
لكن، مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخطاب الحمائي، وتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على المنتجات الأوروبية، لم تقف بروكسل مكتوفة الأيدي، بل سارعت إلى التحضير لرد انتقامي قوي تصل قيمته إلى 72 مليار يورو، في خطوة تهدف لحماية التوازن في العلاقة الاقتصادية عبر الأطلسي.
فهل نحن على أعتاب حرب تجارية غير مسبوقة؟ أم أن نافذة التفاوض ما زالت مفتوحة قبل حلول الموعد الحاسم في 1 أغسطس؟
في مؤتمر صحفي أعقب اجتماعًا لوزراء التجارة الأوروبيين يوم الاثنين 14 يوليو في بروكسل، صرّح مفوّض الاتحاد الأوروبي لشؤون العلاقات بين المؤسسات، ماروش شيفتشوفيتش، بأن الدول الأعضاء الـ27 تقف موحدة في مواجهة هذه التهديدات، قائلًا:"نُفضّل التفاوض، لكننا مستعدون لجميع السيناريوهات، بما في ذلك الإجراءات الانتقامية الضرورية لإعادة التوازن في العلاقة التجارية عبر الأطلسي".
وأكد المسؤول الأوروبي أن الإجراءات التي جرى إعدادها "مدروسة ومتوازنة"، وستدخل حيّز التنفيذ فور اتخاذ الولايات المتحدة خطوات أحادية الجانب.
جبهة أوروبية موحدة رغم الفوارق
أكد عدد من الوزراء الأوروبيين دعمهم للنهج الحازم في مواجهة واشنطن، حيث قال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن، "لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي، ويجب أن نستعد للرد"، مؤكدًا عزمه على التحدث مع نظرائه الأمريكيين مجددًا.
أما وزير التجارة الفرنسي لوران سان-مارتان فشدد على أن "الوضع يتطلب تغيير الأسلوب، ولا توجد محرمات في الرد الأوروبي"، في إشارة واضحة إلى احتمال البدء بتنفيذ الإجراءات المضادة قبل حلول الموعد النهائي في 1 أغسطس.
وفي السياق ذاته، شددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني على أن أوروبا "تملك القوة الاقتصادية والمالية الكافية للدفاع عن مصالحها"، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من خطر نشوب حرب تجارية داخل صفوف المعسكر الغربي نفسه، في وقت تشهد فيه العلاقات مع الصين وروسيا توترات استراتيجية متزايدة.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفوضية إلى "الدفاع القوي عن المصالح الأوروبية"، فيما أبدى المستشار الألماني فريدريش ميرتس انخراطه الشخصي في محاولة إيجاد تسوية، بعد مباحثات أجراها مع فون دير لاين، ترامب، وماكرون.
من التهديد إلى الحرب التجارية؟ أوروبا تجهز خطة الطوارئ
ليست هذه المرة الأولى التي تلوّح فيها بروكسل بالرد الحازم. ففي مايو الماضي، أعلنت استعدادها لفرض رسوم جمركية على واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 100 مليار يورو، تشمل قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات والطيران.
ورغم تباين مدى تأثر الدول الأوروبية بهذه الرسوم – إذ تعتمد دول مثل ألمانيا بشكل كبير على صادراتها إلى السوق الأمريكية – فإن الاتحاد الأوروبي حريص على الحفاظ على جبهة موحدة، وتقديم رد منسق يعبّر عن تماسكه الاقتصادي والسياسي.
ومع اقتراب موعد 1 أغسطس، تبدو الساحة الدولية مفتوحة على عدة سيناريوهات، أبرزها:استئناف المفاوضات في اللحظة الأخيرة،وفرض متبادل للرسوم الجمركية،أو الوصول إلى تسوية تجارية جديدة تعيد رسم ملامح الشراكة الاقتصادية عبر الأطلسي.

Trending Plus